مرور خمسين سنة على الإستقلال محطة كبرى في تاريخ الجزائر، هذه المحطة التي تستوقفنا هذه السنة لتجعلنا نقارن بين الجزائر في 1962 و الجزائر اليوم في 5 جويلية 2012، لقد كان لي الحظ أن عشت كل مراحل الإستقلال بأدق تفاصيلها، هذه 50 سنة التي تدرجت فيها و عشتها خطوة فخطوة بدءا من مركز أبناء الشهداء لمركز التكوين ثمّ لأحصل على وظيفة بسيطة…إلخ، فشبابنا اليوم لو يعرف حقيقة مسيرة الجزائر ستتغير نظرته للعديد من الأمور.. أعتقد جازما أنّنا لم نعط للثورة الجزائرية حقها على قدر ما أعطاها الشهداء من تضحيات جسام، و لن نعطيها حقها ونعطي من حرروا الجزائر حقهم حتى و لو جاء بعدنا عشرات الأجيال، فنحن نذكر حصيلة شهدائنا من 1954 حتى 1962، وننسى ما استنزفته آلة الموت و الدمار الفرنسية من 1830 حتى1954، و لذا فالدول التي تحترم نفسها والشعوب التي تعترف بأمجادها وتاريخها لن تقول إننا أعطينا للثورة حقها لأننا مهما عملنا فلن نوفي العظماء حقهم. فيما يخص الاستعراض الملحمي الذي سيعرض في الافتتاح الرسمي للخمسينية الذي سيحتضنه المركب السياحي “الكازيف” بسيدي فرج ليلة هذا الأربعاء فكل الأمور جاهزة فنيا و تقنيا و عقارب الساعة مضبوطة لانطلاق العرض في موعده المحدد و أكثر من 800 فنان جزائري جاهزون لتقديم أجمل ما عندهم من إبداع على الركح، هذا العرض ما هو إلاّ عينة من مسيرة الشعب الجزائري و جزء صغير من تضحياته، لأنّ ساعة و نصف غير كافية لتجسيد مسيرة 50 سنة من حياة شعب، هذا العمل الإستعراضي أشرف على تصميمه الفنان اللبناني العالمي عبد الحليم كركلا، و قد لجأنا إليه لخبرته الكبيرة و موهبته العالية في مجال الفن الكوريغرافي، و قد تدخل كل من وزير المجاهدين محمد شريف عباس و وزيرة الثقافة خليدة تومي لإقناعه من أجل تصميم حفل الخمسينية بسسب أجندته المثقلة بالمواعيد، ليس من الضروري أن يكون مصمم الملحمة جزائريا فالثقافة ليست لها حدود و لا جنسية، و هي مفتوحة على العالم و لا تعترف بالتقوقع على الذات ، فنحن بحاجة إلى خبرات غيرنا كما هم بحاجة إلينا، و نحن نحتاج دائما للتكوين و للإحتكاك بغيرنا و خلق إنسجام مع الآخر، فالحركات المقدمة في العرض هي حركات تعبيرية و هذا يتطلب أناسا مختصين و في المستوى، لكن كل الموجودين على المسرح لتجسيد هذا الإستعراض هم فنانون جزائريون، لقد استعنا بكركلا ليكون العرض المقدم في المستوى اللائق بالخمسنية تاريخيا وثقافيا و موسيقيا و كوريغرافيا، فعندما يقدم حفل الإفتتاح بلمسات فنية ساحرة للفنان العالمي كركلا و يكون ناجحا فهنا الرسالة تصل للعالم و بإمكاننا تصدير ثقافتنا للآخر و الرسالة يكون لها صدى و تأثير أكبر عندما يكتبها و يوقعها الآخرون عنا.. * شارك: * Email * Print