تفادى الرئيس الفرنسي، «نيكولا ساركوزي»، الخوض في مسألة الاعتراف بجرائم فرنسا في الجزائر طيلة الحقبة الاستعمارية، كما ورد خطابه مطابقا لما كان عليه لدى سلفه «نيكولا ساركوزي»، مكتفيا بالإشارة إلى ما أسماه «الماضي الاستعماري الأليم»، تاركا الانطباع بأنه سيدرس كل الملفات العالقة خلال زيارته قريبا إلى الجزائر. لم تتضمن برقية التهنئة التي أرسلها الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» إلى رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة» بمناسبة احتفال الجزائر بخمسينية استرجاع السيادة الوطنية، إشارات واضحة بأنه سيتراجع عن السياسة التي تبناها سلفه بخصوص حسم ملفات الذاكرة بين البلدين، ولم يرد في كلامه ما يستحق الذكر باستثناء قوله: «إن الفرنسيين والجزائريين يتقاسمون نفس المسؤوليات في قول الحقيقة التي يدينون بها لأسلافهم وشبابهم كذلك». وجاء في البرقية ذاتها تأكيد الوافد الجديد إلى قصر «الإليزيه» أن «فرنسا تعتبر أن هناك مكانا اليوم من أجل نظرة حكيمة ومسؤولة نحو الماضي الاستعماري الأليم وفي نفس الوقت التقدم بخطوة واثقة نحو المستقبل»، وهذا الكلام شبيه بما كان الرئيس السابق «نيكولا ساركوزي» قد صرّح به في زيارته إلى مدينة قسنطينة العام 2007. وفي ذات السياق تابعت البرقية على لسان «هولاند» أنه «استمعتُ إلى ندائكم يوم 8 ماي الفارط إلى قراءة موضوعية للتاريخ بعيدا عن حروب الذاكرة والرهانات الظرفية». وقد راهن الكثير على انتخاب «فرانسوا هولاند» في السادس من شهر ماي الماضي رئيسا للجمهورية الفرنسية من أجل فتح صفحة جديدة من العلاقات مع الجزائر تبدأ بخطوة الاعتذار نظرا لمواقف الرجل السابقة. لكن على ما يبدو فإن هذا الأمر يبقى مؤجلا بعكس المأمول به،. وبالرجوع إلى تفاصيل البرقية فإن الرئيس الفرنسي خاطبة الرئيس «بوتفليقة» قائلا: «إن تاريخنا الطويل والمشترك خلق بين الجزائروفرنسا روابط مكثفة» وأنه «يتعيّن علينا المضي معا من أجل بناء هذه الشراكة التي ترغبون فيها»، وبعدها ثم توجّه نحو مسائل أخرى غير ملفات الماضي حينما استطرد: «وفي هذا الإطار يتعين علينا تعميق سياستنا حول المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك ومن أجل مواجهة التحديات بمنطقة المتوسط»، ثم شدّد على أنه «يجب أن نكون قادرين على تطوير مشاريع طموحة تعود بالفائدة على شعبينا». وضمن هذا السياق تابع «هولاند»:«أفكر في الشباب وفيما يُمكننا القيام به في مجال التكوين والتعليم العالي، كما أفكر في تعاوننا العلمي ومبادلاتنا الاقتصادية التي يجب تعزيزها»، معلنا في ذات السياق بأنه سيزور الجزائر في أقرب الآجال لبحث كل هذه المسائل «ستكون لنا قريبا الفرصة للحديث عن هذه المواضيع بطريقة مباشرة». ولم يفوّت الفرصة ليوجه لرئيس الجمهورية «أحرّ التهاني وتهاني كل الفرنسيين متمنيا الرقي لبلدكم الكبير من أجل سعادة الشعب الجزائري ومن أجل تعزيز الصداقة بين الجزائروفرنسا». وبمناسبة ذكرى خمسينية الاستقلال ذكر الرئيس الفرنسي أن «الجزائر تحيي يوم 5 جويلية 2012 ذكرى نهاية كفاحها الطويل من أجل الاستقلال»، مشيرا إلى أن «الفرنسيون يشاطرون فرحة كل الجزائريين بمناسبة الذكرى الخمسين لميلاد الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية». ومن جانبه أكد رئيس البرلمان الأوروبي، «مارتين شورلز»، في بيان عن هذه الهيئة بأن «الجزائر تجاوزت العديد من العراقيل والتحديات خلال خمسين سنة من الاستقلال»، وأشاد ب «الجزائريين الذين لم يركعوا أبدا في الوقت الذي كانوا يواجهون فيه العنف والإرهاب». وبعد أن أوضح بان الجزائريين «قاوموا واتحدوا بشكل باهر وبكرامة وشجاعة»، واعتبر رئيس البرلمان الأوروبي أن «المشاركة الكاملة للشباب الجزائري في الحياة الاقتصادية والسياسية للبلاد يجب أن تشكل أولوية وطنية»، وحسبه فإن «الانتخابات التشريعية الأخيرة كانت مرحلة جديدة في مسار دمقرطة الجزائر». زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print