لم تتضمن الرسالة التي بعث بها الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، إلى نظيره عبد العزيز بوتفليقة في الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر ما يترك الانطباع فعلا بأن الوافد الجديد إلى قصر »الإليزيه« سيُقدم على ما لم يقم به سلفه نيكولا ساركوزي بالاعتراف بجرائم بلاده في الحقبة الاستعمارية، باستثناء حديثه العابر عن »الماضي الاستعماري الأليم« لفرنسا. اعتبر الرئيس الفرنسي في برقية تهنئة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية أن الفرنسيين والجزائريين »يتقاسمون نفس المسؤوليات في قول الحقيقية التي يدينون بها لأسلافهم وشبابهم كذلك«. والواقع أن حديث فرانسوا هولاند عن الماضي الاستعماري لم يختلف في شيء عن المواقف التي أظهرها سلفه حيث جاء في البرقية ذاتها قوله: »إن فرنسا تعتبر أن هناك مكانا اليوم من أجل نظرة حكيمة ومسؤولة نحو الماضي الاستعماري الأليم وفي نفس الوقت التقدم بخطوة واثقة نحو المستقبل«. وأشار الرئيس هولاند الذي علّق عليه الكثيرون في الجزائر الآمال من أجل تقديم اعتذار رسمي عن الجرائم الاستعمارية المرتكبة طيلة 132 عاما من الاحتلال، إلى أنه يتابع باهتمام تصريحات الرسميين في بلادنا بتأكيده في مضمون الرسالة مخاطبا فيها رئيس الجمهورية: »لقد استمعتُ إلى ندائكم يوم 8 ماي الفارط إلى قراءة موضوعية للتاريخ بعيدا عن حروب الذاكرة والرهانات الظرفية«. وبعدها استطرد خليفة نيكولا ساركوزي في »الإليزيه« موضحا أن »تاريخنا الطويل والمشترك خلق بين الجزائروفرنسا روابط مكثفة«، قبل أن يُضيف: »يتعيّن علينا المضي معا من أجل بناء هذه الشراكة التي ترغبون فيها«، ثم توجّه نحو مسائل أخرى غير ملفات الماضي »وفي هذا الإطار يتعين علينا تعميق سياستنا حول المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك ومن أجل مواجهة التحديات بمنطقة المتوسط«، مثلما شدّد على أنه »يجب أن نكون قادرين على تطوير مشاريع طموحة تعود بالفائدة على شعبينا«. إلى ذلك أبلغ فرانسوا هولاند الرئيس بوتفليقة بأنه يفكّر في الشباب »وفيما يُمكننا القيام به في مجال التكوين والتعليم العالي. كما أفكر في تعاوننا العلمي ومبادلاتنا الاقتصادية التي يجب تعزيزها«، معلنا في ذات السياق بأنه سيزور الجزائر في أقرب الآجال لبحث كل هذه المسائل »ستكون لنا قريبا الفرصة للحديث عن هذه المواضيع بطريقة مباشرة« على حدّ تعبيره. وبالعودة إلى حديثه عن خمسينية الاستقلال قال الرئيس فرانسوا هولاند في برقيته: »أوجه لكم أحرّ التهاني وتهاني كل الفرنسيين متمنيا الرقي لبلدكم الكبير من أجل سعادة الشعب الجزائري ومن أجل تعزيز الصداقة بين الجزائروفرنسا«، وذكر بالمناسبة أن »الجزائر تحيي يوم 5 جويلية 2012 ذكرى نهاية كفاحها الطويل من أجل الاستقلال«، مشيرا إلى أن »الفرنسيين يشاطرون فرحة كل الجزائريين بمناسبة الذكرى الخمسين لميلاد الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية«.