بقلم: الأستاذة رفقة شقور/ فلسطين أيها المصلوب أبداُ وحباً في كلماتي، سابراً أعماق بوح قلمي، في أركان روحك جلست أعترف وأسترق السمع لتراتيل السماء الأبدية الأزلية، تخفيت في ملامح فراشة، وما زلت أحلّق في دهاليز روحك الخصبة، أنير الشمع وأطعم كل العصافير الملونة قوت الحب اليومي شغفا، أنظر أزهارها أسقيها دمعاً أراود فيّ الرغبة في قطفها علناً، وما زال طيفك يمسك بيدي في المساءات ويجبرني على الاحتضار نوما في تفاصيل الخرافات والأساطير. في صباح يوم شتوي بارد أيقظتني حمامة بيضاء حطت على نافذتي تضرب بأجنحتها الزجاج بصخب، لأجد بقربي وشاحاً يحمل عطرك بقوة، أعانق عطرك بكل الحواس، وأستبدل تفاصيل خيوط العطر بقهوتي الصباحية، أتنشقها أتجرعها فتوقظ داخلي حرائق الحنين وتنشرها على مساحة العمر والذاكرة والجسد. أنظر كل زوايا الوقت والمكان لأجدني محاصرة بك، تغزوني بكل أشيائي، على مقعدي، في مكتبتي، داخل صفحات كتبي المنثورة، وعلى الهدايا، في نبض ساعاتي المعلقة، في كل ركن نداءا لا يتوقف لحضورك، في منفضة السجائر، في ألواني، في لوحتنا الجميلة التي تذوقنا ألوانها وهي غضة ورسمناها كما نشاء، في الصور، في جنون الريح الذي يضرب نافذتي بقسوة، في رماد مدفأتي التي احترقت ليلا ترعى وحدتي وسهدي، وفي ألوان قناديلي المبعثرة بكل ركن محاولة أن تمنحني لون فرح بلا جدوى، في رائحة ثيابي، في الأفق الذي تطل عليه شرفتي في زخم الفكر في فكرتي، وعلى مائدتي متخمة أنا بك. أبعثر أوراق الخريف وأقلب صفحات السماء أراقب وجه الشمس شروقا ومغيباً أرقبُ ميلاد اللحظات بحثا عنك ولا أجدك. أتمناك دائما مستقرا بحروف اسمي، عيداً واقفا ببابي يقرع أجراس الفرح، يكلل أشجاري بأروع الحلل، ويزينها بكل النجوم، ويحمل في دفئه أنفاس أمي. أحتاجك أليس هذا ألف سبب للشقاء؟ وللدخول في موسم كامل من البكاء؟ أحتاجك ألف جرعة لحظية، وحدائق زهر واسعة تمتد في فضاء الكون ولا تنتهي، أحتاجك أسراب حنان تغمرني، ومئات الأطفال يقعون تحت ناظري ويختفون في عيوني كما الثلج، أحتاجك حماسة مستقرة بكياني، وفرحة عالقة بخاطري حد التشبث. أحتاجك يا مسحة الله على جبهتي، ونفسه في روحي، أحتاجك يا صبر الأنبياء في عمري، وكل غنائم حروبي، أحتاجك حصاد الأمل، ودفقة الدم في دمي، وروعة الخجل في ورودي الصباحية. أحتاجك خصلات من شعري منسدلة على جبهتي وأكتافي، ومنتهى بصري وإبصاري، أحتاجك ليل شتاء طويل لا ينتهي، وطناً يحمل ملامحك ويستقر. أحتاجك ابتسامة الرضا المستقرة على وجوه الفقراء، ورسائل لا تنتهي في علبة بريدي، وطوق اللؤلؤ في عنقي، ولون الأبيض في فستان فرحي، أحتاجك سلاماً، أحتاجك عنفاً، أنت عزائي الوحيد.