تحولت تغريدات متلاحقة للروائي البرازيلي باولو كويلو إلى مساحة تفاعل واسعة على تويتر وبعدد من اللغات مستقطبة مغردين من أنحاء العالم. وكتب كويلو باللغة الإنكليزية تغريدة قارن فيها بين العمل الإرهابي في فرنسا الذي استهدف صحيفة "شارلي إيبدو"، وبين إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة بهذه الطريقة البشعة، متسائلا عن الملايين الذين غردوا آنذاك "كلنا – شارلي"، ولم تغردوا الآن "كلنا - معاذ". وحظيت تغريدة الروائي البرازيلي التي ترجمت معظم أعماله إلى اللغة العربية بأكثر من 10 آلاف ريتويت وبأكثر من 4 آلاف تفضيل لها. أغلب التعليقات أيدت الكاتب ورأيه وشاركته الهاشتاغ، فقالت إحداها "معاذ لم يضح بحياته فقط من أجل بلاده ولكن من أجل أربعة دول. إنه بطل". وسلط آخرون الضوء على حوادث القتل التي قام بها المتشددون والمتطرفون في العالم، مستغربين، على سبيل المثال، تجاهل 2000 شخص في نيجيريا تم ذبحهم على أيدي المتطرفين. بينما تعاطف مغرد من السعودية مع أسرة الطيار الأردني قائلا "أسد يا معاذ، لطالما رقصت على جثث الأسود كلاب، ولكن تبقى الأسود أسودا والكلاب كلابا، فقدنا معاذا، ولكننا كلنا معاذ". وكان الأديب العالمي قد نشر في الأول من فبراير 2015 مشاركة أشار من خلالها إلى مخاوفه من أن يكون تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" قد نفذ حكم الإعدام في الطيار الأردني الشاب معاذ الكساسبة، وإن أعرب عن أمله في أن يكون مخطئا في ذلك. كما وجه انتقادا إلى الحكومة الأردنية بسبب تفاوضها مع التنظيم، معتبرا أنها بذلك إنما تعطي الشرعية ل "داعش"، وتضرع إلى الله "ليبارك روح معاذ". ويلخص كويليو بتغريدته المعايير المزدوجة التي يتعامل بها الإعلام والغرب بشكل عام مع قضايا الإرهاب، وهو ما نُشرت عنه مقالات عديدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر تقارن بين الهجمات نفسها وما نتج بعدها من ضحايا في أفغانستانوالعراق بنيران القوات الأميركية تحت مسمى "الحرب على الإرهاب". وأشارت إحدى التغريدات إلى عمل كويلو الذي يذكر فيه قصة الصبي الصغير "عندما أعدت بناء الانسان أعدت بناء العالم" وهنا الفكرة في المساواة وعدم التمييز. كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة ولكن لم يتوقف ابنه الصغير عن مضايقته. وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة في الصحيفة، كانت تحتوي على خريطة العالم، ومزقها إلى أجزاء صغيرة وقدمها إلى ابنه قائلا: أعطيتك خريطة للعالم فأرني أتستطيع إعادة تكوينها كما كانت من قبل؟، ثم عاد لقراءة صحيفته وهو يعلم أن ما فعله من شأنه أن يُبقي الطفل مشغولا بقية اليوم. إلا انه لم تكد تمر سوى 15 دقيقة حتى كان الطفل قد عاد إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة.. فتساءل الأب مذهولا: هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟ رد الطفل قائلا: لا أعرف هذا الذي تقول. كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة.. وعندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء العالم أيضا..تغريدة أخرى قالت إن الأدب يحارب الإرهاب بالكلمة، تحية للروائي و الأديب العالمي باولو_كويلو الذي يبدي تضامنا كبيرا مع قضية معاذ. ونقدر عاليا وجوده معنا تحت شعار كلنا_معاذ الأردنيون بدورهم قالوا، حاولوا أن يخطفوا معاذ من الاردنيين فخطف معاذ قلوب العالم. واعتبر الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مبادرة الكاتب البرازيلي، انتصارا للمهمشين في العالم، وكلمة حق ضد كل أشكال الإرهاب الذي لا يحظى بالإدانة الكافية عندما يكون موجها ضد الغرب ومصالح الدول الكبرى. فقال أحد المعلقين منتقدا غياب تضامن وسائل الإعلام الكبرى مع الطيار معاذ، "لو كانوا فعلا ضد الإرهاب وحزنوا لما أصاب صحيفة شارلي وتضامنوا معها، لما تجاهلوا قضية الكساسبة واستخفوا بها". كما أشارت تغريدة من لبنان إلى قضية العسكريين اللبنانيين المختطفين، وغياب التضامن معهم بالقول، "العمى كل الناس تعاطفوا مع الطيار الأردني حتى الأخ باولو كويلو، وفي عسكر لبنانيين مع نفس التنظيم كل يوم بيدبحوا منهم واحد ما حدا معبرهم". وكان كويلو ولد في ريو دي جانيرو عام 1947، وقبل أن يتفرغ للكتابة، كان يمارس الإخراج المسرحي، والتمثيل وعمل كمؤلف غنائي، وصحافي. وقد كتب كلمات الأغاني للعديد من المغنين البرازيليين أمثال إليس ريجينا، وريتا لي راؤول سييكساس، فيما يزيد عن الستين أغنية. ونشر أول كتبه عام 1982 بعنوان "أرشيف الجحيم"، وتبعته أعمال أخرى لاقت نجاحا لم يحظ به كتابه الأول، ثم في عام 1986 قام كويلو بالحج سيرًا لمقام القديس جايمس في كومبوستيلا، تلك التي قام بتوثيقها في ما بعد في كتابه "الحج". في العام التالي نشر كتاب "الخيميائي".