يجري امتحان شهادة البكالوريا دورة 2015 التي انطلقت اختباراته أمس عبر كافة التراب الوطني في سياق "تعهد" الوصاية باسترجاع مصداقية هذا الامتحان الذي كان في السنوات الأخيرة ضحية الإضرابات المتكررة التي مست قطاع التربية. ويراهن القائمون على التربية الوطنية من الآن فصاعدا على "تحصين" امتحان البكالوريا عبر إلغاء الصورة النمطية لنظام العتبة التي اعتبرها التلاميذ "حقا مكتسبا" والقضاء على مختلف أساليب الغش وإتاحة بالتالي الفرصة لكل مترشح للظفر بالشهادة التي تتيح له ولوج عالم الجامعة. وتجسيدا لهذه الغاية كانت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط قد التزمت في العديد من المناسبات وكان آخرها مجلس الوزراء ب"استرجاع" مصداقية امتحان شهادة البكالوريا من خلال قرارها بإلغاء نظام العتبة في تحديد الدروس و واجهت لذلك ضغط التلاميذ وأوليائهم. وأكدت الوزيرة استنادا إلى دراسات الخبراء والبيداغوجيين وواقع نتائج امتحان البكالوريا في السنوات الأخيرة بأن العتبة "تسيء إلى سمعة البكالوريا الجزائرية مما أدى إلى تقهقر مكانتها على المستوى الدولي كما أنها تسيء إلى إمكانيات ومردود و أداء التلاميذ جراء عدم تمكنهم كلية من مقررات السنة النهائية من التعليم الثانوي". و ترمي وزارة التربية الوطنية في إطار مخطط عملها النابع من برنامج عمل الحكومة إلى تدعيم و تحسين إصلاح المنظومة التربوية التي شرع فيها سنة 2003 من خلال تطبيق جملة من الإجراءات الرامية إلى دعم المكتسبات في إطار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. على هذا الأساس تقوم الوزارة بإدخال بعض التصحيحات والتحسينات على ضوء المؤشرات الموضوعية وفي إطار أهداف الحكومة الخاصة بالقطاع لا سيما ما تعلق منها بالرفع من مستوى امتحان شهادة البكالوريا. وتمس هذه التصحيحات التحوير البيداغوجي وترشيد الحوكمة كمقومات التصحيح والتحسين و احترافية موظفي القطاع عن طريق التكوين كأداة للعمل ولتنفيذ خطة عمل القطاع. وقد أبقت الوزارة مقابل هذا على مجموعة الإجراءات الكفيلة ب"تسهيل" أداء المترشح في مركز إجراء الاختبارات الخاصة بامتحان البكالوريا كالإبقاء على نمط موضوعين اختيارين في المواد الأساسية ومنح المترشح نصف ساعة إضافية على أن يتم "إلغاء "هذا النمط مستقبلا وذلك بعد تحضير الطالب بيداغوجيا و نفسيا مع التركيز على البعد "التحليلي و التركيبي" في صياغة أسئلة أحد الموضوعين الاختياريين. ولأن الحديث لم يخل خلال السنوات الأخيرة من إلحاح عدد كبير من التلاميذ وأوليائهم على "ضرورة" تنظيم دورة ثانية لامتحان شهادة البكالوريا فقد أكدت وزيرة القطاع بأن هذا الأمر "ستتم دراسته خلال الندوة الوطنية الخاصة بتقييم الطور الثانوي والمزمع تنظيمها خلال شهر يوليو الداخل". وعلى غرار السنوات الأخيرة شهدت السنة الدراسية 2014-2015 بداية من فصلها الثاني إضرابا في قطاع التربية أكدت الوزارة بأنه "لم يؤثر بشكل كبير على البرامج البيداغوجية كون هذه الأخيرة أنجزت بنسبة تتراوح بين 70 و 75 بالمائة حسب كل مؤسسة". وتمت دعوة النقابات في هذا السياق إلى "ضرورة" التوفيق بين الحق في الإضراب الذي يعترف به الدستور في المادة 57 والحق في التعليم الذي يضمنه ذات الدستور في مادته ال53. ولمواجهة التأخيرات الناجمة عن هذا الإضراب خاصة في الأقسام النهائية اتخذت الوزارة الوصية جملة من الإجراءات من بينها استخدام الدعائم البيداغوجية (الأقراص المضغوطة و أرضية التعليم الإلكتروني) وإعطاء استقلالية أكبر للفرق البيداغوجية في المؤسسة لتنظيم وتيرة التقدم في الدروس بالنظر إلى تنوع الوضعيات من قسم لآخر ومن مؤسسة إلى أخرى ومن ولاية إلى أخرى. وباعتبار أن قطاع التربية يحتاج اليوم إلى ضمان توفير ظروف ملائمة لتمكينه من أداء المهمة المسندة إليه والمتمثلة في تدعيم وتحسين تنفيذ الإصلاح فإنه من اللازم –يؤكد القائمون على القطاع– تمكين المدرسة الجزائرية من تبوئ مكانتها بين الدول الفاعلة في المجال. ولا تعود أسباب هذه الوضعية –كما أكدته مرارا بن غبريط — لعدم استفادة القطاع من كل الظروف التي تكفل نجاح هذا المسار، خاصة من حيث الاستثمار المالي والمادي الضروري لتنفيذ الخيارات الكبرى للإصلاح بل جراء الإضرابات المتكررة التي أثرت بشكل سلبي على مسار الدراسة لمدة تزيد عن عشرة سنوات. وتعني بكالوريا هذا العام 780 853 مترشح ومترشحة وقد أعطت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط اشارة انطلاق الامتحان من ولاية أدرار على ان تشرف في الفترة المسائية على سير الاختبارات بولاية الاغواط. سيكون الإعلان عن نتائج بكالوريا 2015 في حدود 10 يوليو القادم علما بأن نسبة النجاح قدرت السنة الفارطة ب01ر45 بالمائة. فاطمة شريفي