غابت أمس الفرحة وحلت مكانها الدموع في أول أيام العام الدراسي الجديد في مدرسة "بنات جوريش الثانوية" بمحافظة نابلس، شمال الضفة الغربية، وبات المشهد تراجيديا بكل تفاصيله، لغياب المدرسة "ريهام دوابشة" التي تمكث في المستشفى. وكان مستوطنون يهود قد أحرقوا منزل دوابشة في ال31من جويلية الماضي، ببلدة دوما جنوب شرق نابلس، مما أدى إلى مقتل الرضيع علي دوابشة على الفور، ومقتل والده سعد متأثرا بإصابته بعد نحو أسبوع، فيما تُعالج الأم ريهام دوابشة، وطفلها أحمد في مستشفى "تل هشومير" الإسرائيلي. وتعمل ريهام معلمة لمادة الرياضات في مدرسة "بنات جوريش"، القريبة من دوما، التي تحوّلت فيها فرحة العام الدراسي الجديد إلى حزن وألم ودموع، تبكيها الطالبة والزميلة وحتى الآذنة. يخيم الصمت والحزن في كل زاوية من المدرسة، فهذه طالبة تتنهد وتذرف دموعا، وأخرى ترفع يديها لله بدعوة لمعلمة غائبة، تصارع الموت، حيث أن الطابور الصباحي للمدرسة تحول إلى دعاء وحديث عن الذكريات، طالبات تبعثرت منهن الكلمات. ذكرت وفاء أحمد في كلمة أمام زميلاتها:" اليوم لم تستيقظ ريهام، ولم تجهز طفلها أحمد للروضة، اليوم غابت ضحكتها وفرحتها عنا، لكنها موجودة في قلوبنا وفي عقولنا"، و تضيف الطالبة:" معلمتي ننحن في انتظارك، نسأل الله لك العافية"، وعلقت المعلمة قدر عادل في حديثها: " كانت خير الزميلات، ومثال للالتزام والإخلاص، كانت تسبق الجميع في الوصول إلى المدرسة صباحا"، حيث تنهدت وأكملت :" كانت دوما تضحك، تكن الحب لنا"، وتستذكر نائلة أحمد، طالبة في الصف الثامن، معلمتها بالقول: " كنا نقف في الممر ننتظر الست ريهام، شوقا لها، كانت صديقة ومعلمة، تساندنا حتى في خارج الدوام المدرسي"، وفي الصف العاشر، تمسك الطالبة شرين فهد، لافتة خطت عليها "معلمتي ريهام .. نحن في انتظارك" وقالت شرين بينما تنهمر دموعها:" نحن نحب الست ريهام، كانت مثال المعلمة المخلصة، نحن ننتظرها"، وتضيف :"اسأل الله أن يشافيها ويعيدها لنا". وعاشت ريهام في مدرستها بحسب مديرة المدرسة، أحلام المصري، ذكريات جميلة وحلمت بمستقبل أجمل، حيث عقبت بقولها: " كانت ريهام تحلم بامتلاك مركبة لزوجها، وقد حققت ذلك، كانت تحلم ببناء بيت جديد، وقد بدأت ذلك ووضعت أساساته، كان التحصيل العلمي للطالبات أكثر ما تفكر به"، وأضافت:" عاشت معنا فترة حملها بطفلها الشهيد علي، كانت فرحة به"، تنهدت المصري وأضافت:" لا يمكن أن نعطي ريهام حقها بالكلام، هي موجود معنا رغم بعدها الجسدي … تركت ريهام فراغا كبيرا، أثرت في نفوس كل طالبة". من جانبه قال سمير دوابشة، الناطق الرسمي باسم العائلة ، أن ريهام في وضع صحي مستقر، وما تزال في حالة الخطر، مشيرا إلى أنها تحتاج إلى 276 يوما من العلاج، حيث تعرضت للحرق بنسبة 92%، ولفت إلى أن ريهام قد خضعت قبل أسبوع لعملية زراعة جلد، حيث بدأ جزء كبير من جسدها يتقبل العملية، وأضاف:" الطفل أحمد البالغ من العمر4 سنوات يحتاج إلى 180 يوما من العلاج، حيث أُحرق نحو 60% من جسده، لكنه خرج من العناية المكثفة، وبات يسأل عن والدته ووالده". رامي. م./ الأناضول