الذكرى ال70 لاندلاع ثورة التحرير المجيدة: رئيس الجمهورية يترأس حفل استقبال بالنادي الوطني للجيش    رئيس الجمهورية يشرف على حفل بالنادي الوطني للجيش    مجمع اتصالات الجزائر يتحصل بإسطنبول على جائزة "رائد الابتكار العربي الإفريقي في بروتوكول الأنترنت"    رئيس الجمهورية يستقبل شخصيات وطنية وأجنبية حضرت الاحتفالات المخلدة للذكرى ال70 لثورة أول نوفمبر المجيدة    وزير الصحة يشرف على افتتاح المؤتمر السنوي للجمعية الجزائرية لجراحة المفاصل    شباب إفريقيا بعزيمته سيقود القارة نحو مستقبل أفضل    الأمم المتحدة تستخدم معايير مزدوجة على حساب الشعب الصحراوي    تحقيق قفزة نوعية في رقمنة هياكل المجلس    عرقاب يدعو المؤسسات الروسية للاستثمار بالجزائر    فنزويلا مهتمة بالتعاون مع الجزائر في مجال الطاقة    بيان أول نوفمبر صوت الشعب الجزائري    دور فعّال للجزائر في إدانة جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين ولبنان    العربي بن مهيدي اغتاله عسكريون فرنسيون    إيران تشيد بدور الجزائر    الرئيس يترحّم بمقام على الشهداء    شرطة غرداية تنظم دورة رياضية    ضمان استقرار الأسعار والحفاظ على القدرة الشرائية    آلاف المواطنين يشهدون الاستعراض    توقيف لصّ في ظرف وجيز    قسنطينة تذكر بتضحيات الشعب الفلسطيني    باتنة تكرم الرموز الوطنية    كأس الجزائر الممتازة-2024 للسيدات: تتويج نادي أقبو بعد فوزه على جمعية الخروب    العدوان الصهيوني: غوتيريش يدعو إلى حماية الصحفيين في قطاع غزة    عوار يتفوق على محرز في "داربي جدة"    ويستهام الإنجليزي مهتم بخدمات مازا    شحٌّ كبير في مخزون بنوك الدم    تفكيك شبكة إجرامية تحترف النصب    قتيل و8 جرحى في حادثي مرور خطيرين    براهيمي يقود الغرافة للإطاحة بالعربي    الرابطة الثانية هواة /الجولة الثامنة/: انجاز كبير لرويسات في عنابة, وتعادل ثمين لنجم بن عكنون في تيارت    مرافق وطرق وسكنات جديدة    الذكرى ال 70 لاندلاع الثورة المجيدة: مناسبة لاستلهام العبر واستمداد القوة على نهج الجزائر السيدة المنتصرة    جمارك: إطلاق النظام المعلوماتي الجديد الخاص بالمسافرين    تجارة: اجتماع تنسيقي ثلاثي لضمان تموين السوق بالمواد الفلاحية والغذائية وتأطير الوكلاء    الذكرى ال70 لإندلاع ثورة نوفمبر المظفرة : إحتفالات متنوعة وتدشين وإطلاق مشاريع تنموية بولايات جنوب الوطن    مديرة شؤون المرأة والشباب بالاتحاد الافريقي : أهمية تعزيز الوحدة بين البلدان الإفريقية للنهوض بالقارة    الذكرى ال70 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة: تكريم للمجاهدين وتدشين مرافق وإطلاق مشاريع جديدة    الذكرى ال 70 لاندلاع الثورة المجيدة: نص بيان أول نوفمبر    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 43.259    عرقاب يستقبل نائب رئيس جمهورية فنزويلا وزيرة النفط    الذكرى ال70 لاندلاع ثورة نوفمبر 1954: تدشين عدة مشاريع تنموية وإطلاق أخرى بولايات الوسط    الجمنزياد العالمي المدرسي: الجزائر تنهي المنافسة في المرتبة ال12 ب50 ميدالية    وزير الصحة: استئناف حملة التطعيم ضد "شلل الأطفال" في محافظة غزة السبت المقبل    الإحتفال بالذكرى ال70 لاندلاع الثورة التحريرية :عرض أوبيرات "أخت الرجال" تستقطب إهتمام الجمهور    مجمع إيميتال يغير تسميته إلى "الشركة الوطنية للحديد"    الإذاعة الجزائرية تطلق الموسم الثاني    وزير الداخلية يقدم عرضا    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    تتويج صالح بلعيد بجائزة الملك سلمان    تأكيد على أهمية التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    وزارة الصحة: افتتاح التسجيلات للمشاركة في مسابقة الالتحاق بالتكوين شبه الطبي    تدشين المخبر المركزي الجديد    علي عون: استهلاك الأدوية يرتفع ب15 بالمائة سنويا في الجزائر    من مشاهد القيامة في السنة النبوية    اتفاقية وشيكة بين الجزائر وكوبا    قصص المنافقين في سورة التوبة    الاسْتِخارة سُنَّة نبَوية    الاستخارة والندم والنفس اللوامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب.. متاجرة بالبشر واستغلال للنساء
نشر في الأيام الجزائرية يوم 25 - 08 - 2015

السياحة الجنسية أو الدعارة الراقية، هي الوجه الآخر للاتجار بالبشر.. الظاهرة غير الإنسانية، العريقة في تقاليد الشعوب البدائية وغير المتحضّرة، ومهما اختلفت المصطلحات وتعدّدت، فإن فكرة تسويق الجنس تبقى الظاهرة المقيتة التي لا تتوافق مع سلّم القيم الأخلاقي، وتعادي المعتقدات الدينية السماوية والوضعية، بل تعارض كل ما هو فطري في الإنسان، وفي المغرب للموضوع قصص وأساطير، حيث تبقى قصّة العفو الملكي عن البيدوفيل دانيال، مغتصب الأطفال مثالا حيّا لواقعة زلزلت أركان الدولة.
تسيء السياحة الجنسية في نظر الأوساط الإعلامية والحقوقية والسياسية والمجتمع المدني، لسمعة البلد الذي تعرف فيه، كما تمسّ بكرامة الإنسان، وإلى أبعد من هذا، تبلغ خطورتها درجة كونها جريمة كبرى في حقّ المجتمع، تخلّف ضحايا اجتماعيين على مستوى الأفراد والأسر، يستحيل جبر الضرر الذي لحقهم منها، وضحاياها الأساسيون هم النساء والأطفال.
استغلال الجسد.. بشاعة تطعن الإنسانية
يطلق مصطلح السياحة الجنسية على الاتجار بأجساد البشر واستغلالها استغلالا بشعا، وهو تعريف مخفّف لقضية تمسّ عمق الإنسانية، وهي تقوم على نقيض أساس التقارب والتفاهم بين الأمم والشعوب، ويجمع كثيرون على وصف السياحة الجنسية بأنها قيام بعض الأشخاص بالسفر إلى دول أخرى للانخراط في أفعال أو أنشطة جنسية مع الأطفال، وتنصّ الفقرة الخامسة من المادة 9 من بروتوكول الاتجار بالأشخاص على تعزيز تدابير تشريعية أو تدابير أخرى، مثل التدابير التعليمية أو الاجتماعية أو الثقافية، بوسائل منها التعاون الثنائي والمتعدّد الأطراف من أجل صدّ الطلب الذي يحفز جميع أشكال استغلال الأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، التي تفضي إلى الاتجار بهم.
وبدأ مصطلح السياحة الجنسية يشيع داخل الأوساط الإعلامية والمدنية بالمغرب في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، ولم يتأتّ ذلك بمحض الصدفة، وإنما لأسباب موضوعية نعرضها في نقاط.
رحلة الجنس.. من لبنان إلى المغرب
لتدفّق السياح الأوروبيين أثر كبير في شيوع تجارة الجسد في المغرب، ويرجع سبب تدفّقهم على المغرب، بعد أن كانت وجهتهم لبنان، إلى عامل مهمّ، ويتعلق بقيام الحرب الأهلية في لبنان بين 1975 و1990، والتي أثرت بشكل كبير في وضع السياحة في هذا البلد الذي كان يستقبل نحو مليوني سائح، وهو ما كان يمثل في الدخل القومي ما نسبته 20 بالمائة، وبسبب الحرب الأهلية، حوّل السياح، ومن ضمنهم السياح العرب وجهتهم نحو أماكن أخرى تقدم لهم المتعة والخدمات السياحية والأمان، فكان الاختيار على المغرب، حيث زار المغرب خلال الفترة من منتصف سنة 1980 ومنتصف 1990، ما بين مليون ومليون ونصف المليون أوروبي، وكان معظمهم من جنسيات فرنسية وإسبانية، وحوالي مائة ألف من جنسيات إنجليزية وألمانية وهولندية، وزار هؤلاء المناطق الممتدة على الساحل الأطلسي، خاصة أغادير، التي تتوفر فيها منتجعات شاطئية، وزارها حوالي 20 ألف سائح سعودي، البعض منهم اشترى منازل وفلات للاصطياف، وفي سنة 1985 أنشأت الحكومة المغربية لأول مرّة وزارة السياحة.
الجسد .. ثمن الولاء لفرنسا
يسود اعتقاد كبير بين الأوساط الثقافية والشعبية، بأن المغرب هو حديقة خلفية للفرنسين، من ساسته إلى رجال الأعمال، وبالنتيجة، ستتجه الرباط نحو استجداء ودّ الطرف الأوروبي، ولو على حساب حقوق المواطن المغربي، وهذا التفضيل الذي حضي به الوافد الأوروبي، حضي به أيضا الوافد الخليجي، حتى في أقصى تجليات التعارض مع مصلحة المواطن ومع حقوقه وكرامته، ما جعل شأن المغربي محطّ تقليل، وفي المقابل منح هذا التفضيل الأوروبي والخليجي الثريّ الوافدين إحساسا بالتفوق من حيث الامتيازات التي يحضون بها داخل عدد من المرافق والمؤسسات، ومن ضمنها الإدارة الأمنية والقضاء، فبرز بين هؤلاء من استغلّ الوضع الاعتباريّ في التمادي على أعراض المغاربة وعلى أجسادهم، وتغاضت السلطات على كثير من الجرائم التي يقترفها هؤلاء الوافدون، أو الاكتفاء بترحيلهم دون عقاب، ونظرا للوضع الاقتصادي السيّء، واستشراء مظاهر الفقر وحاجة الملايين من الناس للمال الذي من شأنه حلّ المشاكل اليومية للنساء الأرامل أو الفقيرات، لجأ كثير من الفتيات إلى الدعارة، لتغطية هذه الحاجة من المال، ببيع الجسد.
المغرب ثاني قبلة للسياحة الجنسية في العالم
وضعت تقارير مختصّة أعدتها منظمات دولية، منها الحكومية والمستقلة، المغرب كثاني قبلة للسياحة الجنسية بعد تايلاندا، فقد جاء تصنيف المغرب في تقرير أعدته منظمة "إكبات أنترناشنال" العام الماضي، ضمن 23 بلدا في العالم، ومن ضمن ستّ بلدان أخرى في إفريقيا تنتشر فيها سياحة أجساد الأطفال القاصرين، وسجّل "الائتلاف ضدّ الاعتداءات الجنسية" سنة 2012 اعتداءات على 65 طفلا، من ضمنه 40 ذكورا، و25 فتاة، فيما تعرّض سنة 2013 للاغتصاب عدد من القاصرين بلغ 76 طفلا، منهم 56 ذكورا و20 إناثا حسب الائتلاف، وتشير المعطيات السنوية إلى تصاعد وثيرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، متخذة منحى مقلق، وحسب بيانات أخرى، فقد عرفت سنة 2014 حالات اعتداء وصلت إلى 81 حالة، بينها 59 طفلا ذكرا، وخلال النصف الأول من السنة الحالية تم تسجيل 42 اعتداءً على الأطفال، 27 منهم ذكور، ويمنع القانون في المغرب التبليغ عن القاصرين دون سنّ ال15 دون حضور الوليّ، وهو ضعف في القانون لتجريم الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وتبقى السياحة الجنسية أهم المصادر المغذية للاعتداءات الجنسية في حق الأطفال القاصرين، وبهذا تكون مدن أغادير ومراكش والصويرة وطنجة وتطوان على رأس قائمة المدن المعنية باستفحال السياحة الجنسية، التي يقف على رأسها الشواذ الجنسيون، فتكون المغرب قبلة لتلبية نزواتهم المرضية.
وأثار الحكم الصادر عن ابتدائية مراكش في حق مدير دار الأوبرا الفرنسي الذي حجزت الشرطة من داخل غرفة النوم بالفيلا التي يقيم بها بمراكش أثناء اقتحامها، أدوات جنسية، عبارة عن قضيب تناسلي اصطناعي وقفازات بلاستيكية ومراهم وعوازل طبية، إضافة إلى صور بورنوغرافية ومشاهد إباحية في صيغ رقمية، عثر عليها المحققون في ذاكرة الكمبيوتر الشخصي للمتهم، أثار الحكم الذي قضت به المحكمة في حقه، اندهاش واستغراب الطبقة الاجتماعية التي اعتبرت ضعف العقوبات الزجرية ضدّ كل معتد أجنبي جنسيا على الأطفال تشجيع على معاودة الكرّة، وبالتالي تناسل ظاهرة السياحة الجنسية، وكان تقرير حقوقي لجمعية "ما تقيش ولدي" قد كشف معطيات مثيرة تتعلق بارتفاع حالات الاعتداء على الأطفال جنسيا بنسبة 536 بالمائة، فيما توجّه الانتقادات غالبا إلى تقصير الحكومة في وضع قوانين رادعة وتشديد العقوبات على جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال والبالغين، إلى جانب فساد الجهاز القضائي.
الصناعة الجنسية.. سوق للبيع والشراء
للاستغلال عبر الأنترنيت حديث طويل في قصص السياحة الجنسية بالمغرب، وطالما أن التقاليد ترفض تصوير المظاهر المخلّة بالحياء وعرضها، والقانون يعاقب عليها بالحبس الذي يصل إلى سنتين، فإن الوضع الاقتصادي الهشّ للأسر سيصبّ في هذا الاتجاه، ولكن من زاوية مختلفة، هي زاوية الوقوع في شرك التصوير دون علم ثم بيع تلك المشاهد لتعرض في الأنترنيت، ومن الأمثلة على ذلك، قضية "فيليب سرفاتي" التي تجاوزت شهرتها الحدود المغربية، فقد جاء البلجيكي "سرفاتي" سائحا إلى مدينة أغادير، حيث أوقع بعشرات الفتيات مستغلا ميول الكثير من المغاربة للزواج بالأوروبيين، واعدًا إياهن بتحقيق أحلامهن بالهجرة إلى أوروبا، وبدل أن تجد الفتيات صورهن على تأشيرات العبور، اكتشفن المئات من الصور لهن وهن في أوضاع مخلة على شبكة الأنترنيت.
تاريخ السياحة الجنسية في المغرب
عرف المغرب بداية ظاهرة السياحة الجنسية في فترة الحماية، من ثلاثينات القرن الماضي، حينها كانت تعتبر مدينة طنجة منطقة نفوذ دولي، يأمّها الأجانب المتحدّرون من عدة بلدان، أبرزها إسبانيا، ثم فرنسا وبريطانيا، وعرفت تلك الفترة من تاريخ المغرب، نشوء ظاهرة اجتماعية دخيلة على المجتمع المغربي سميت بالدعارة الكولونيالية، قبل أن تأخذ طريق الانتشار بسرعة مهولة صوب مدن أخرى، أبرزها الدار البيضاء، ثم العاصمة الإدارية، الرباط، حيث كان يستقرّ أكبر عدد من الإداريين والموظفين وجلهم فرنسيون، حينها بدأ المغاربة يكتشفون بدورهم دعارة حديثة تعرض خدمات جنسية على شكل مواخير مرخصة من طرف سلطات الحماية الفرنسية، استقرّت جلّها في مدينتي الدار البيضاء والرباط، فقد كانت الدعارة متواجدة في المغرب خلال الفترة الاستعمارية، وكانت سلطات الانتداب الفرنسي تعمل على تقنين الدعارة تلبية لحاجيات قواتها العسكرية وكوادرها المدنية المتواجدة على أرض المغرب، لهذا، وخلال السنوات الأولى من الاحتلال الفرنسي للمغرب، سمحت السلطات الفرنسية بالمغرب، بفتح حيّ للدعارة، وقام المواطن الفرنسي"بروسبير" بتشييد أول ماخور للدعارة في الدار البيضاء، وذلك بعد سنة واحدة من هجوم القوات الفرنسية على شواطئ الدار البيضاء، وأنشأ حيا يمتد على مساحة 24 ألف متر مربع، ويضم حوالي ألف امرأة تعمل في تقديم خدمات الجنس لزبائن بمعدل 1500 زبون في اليوم، وضم الماخور يهوديات مغربيات إلى جانب فرنسيات وإسبانيات، وقد فطنت سلطات الحماية إلى انتشار الدعارة في المجتمع المغربي رغم مظاهر المحافظة، لذلك سعت نحو تقنينها وتأطيرها بالقوانين والمراسيم، فتشكلت لجنة من ممثلي السفارات والقنصليات الموجودة بطنجة وأصدرت القانون الفرنسي المتعلق بالبغاء لمدينة طنجة.
أمواج تسونامي تضرب على شواطئ المغرب
كشفت تقارير إعلامية أن موجة التسونامي التي ضربت دول جنوب شرق آسيا سنة 2004، وطالت على وجه الخصوص تايلندا، دفعت رواد السياحة الجنسية إلى تغيير الوجهة باتجاه المغرب، ونحو مدينة مراكش السياحية بالضبط، ورصدت التقارير كيف يتم استقدام الأطفال القاصرين وكيف يتم ترويج هذا الصنف من التجارة، حيث يكفي المرور عبر أحد زقاقات الحي الفرنسي ب"غيليز" وسط مدينة النخيل أو بميدان جامع الفناء لمشاهدة أعداد من الأطفال يعرضون أنفسهم للباحثين عن اللذة، فيبادر أحيانا الزبون من داخل سيارته، هو نفسه، لدعوة أحد أو عدد منهم للغذاء أو العشاء، فيوافق الطفل من اللحظة الأولى، مقابل جني عشرات أو مئات الدراهم، وقد انزعجت السلطات الأمنية بمراكش والجمعيات المدنية من هذه الوضعية، حتى أن جمعية "ماتقيش ولدي" نصبت نفسها طرفا مدنيا في قضية مدير أحد الفنادق الفخمة.
وتحدثت أوساط إعلامية عن شبكات تحترف الوساطة لشبكات منظمة، وصفتها بمافيا الجنس التي تتاجر بأجساد الأطفال القاصرين بأسعار تتراوح بين 50 درهما و500 درهم، للساعة الواحدة، فقد حولت أمواج التسونامي بلدانا من شرق آسيا إلى مناطق شبه منكوبة وخيّم الرعب والخوف من الكارثة الطبيعية، وحسب ما تداولته التقارير الإعلامية ثمة وجه آخر للقضية لم يرد الكشف عنه، ويتعلق الأمر بوجود أعداد هائلة من الشواذ المتاجرين بأجساد الأطفال ممن ابتلعتهم الأمواج العاتية ممن قصدوا المنطقة بهدف السياحة الجنسية.
وأضافت التقارير أن السياح الجنسيين غيّروا وجهتهم منذ تسونامي سنة 2004 بشرق آسيا نحو وجهات سياحية أخرى آمنة، من حيث الاستقرار البيئي، ومن ضمن هذه الوجهات المغرب، وتم ذلك استنادا إلى تقارير منظمات الدفاع عن الأطفال الدولية، وفي اليونان تحدثت مصادر إعلامية عن وجود يونانيين ضمن المفقودين، وذكرت أن ثمة مأساة تجري خلف الكواليس منذ اللحظات الأولى للإعلان عن كارثة تسونامي.
تهجير المغربيات نحو إسرائيل
تعتمد شبكات الدعارة في تهجير الفتيات نحو الخليج قصد استغلالهن، على استدراجهن عن طريق النصب والإيهام بعقود عمل مزوّرة تهمّ بعض المجالات المناسبة للمرأة، مثل مهنة نادلة، مربية، مدلكة، مرشدة سياحية أو عارضة أزياء، ويحدّد سعر الحصول على أحد هذه العقود بين 1500 و4000 دولار، تضاف إليه عمولة الوسيط.
وفي الدار البيضاء، مثلا، كانت الشرطة قد أوقفت نهاية عام 2001 شبكة للدعارة والوساطة في البغاء، تعمل على استمالة التلميذات القاصرات وتوهمهن بتوفير إمكانية السفر للعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة، قبل أن تغيّر وجهتهن نحو قصر أحد الأثرياء الإماراتيين بالعاصمة الرباط لقاء مبالغ مالية كبيرة تتحصل عليها الوسيطة؛ وكشفت الوسيطة أنها كانت تتردّد على المدارس الثانوية للبحث عن فتيات تتوفّر فيهن مواصفات؛ طول القامة، الجمال، شعر طويل أشقر أو أسود، دون أن تتعدّى أعمارهن 17 سنة، وقد عثر بحوزتها على صور كثيرة لفتيات في أوضاع مختلفة.
والوجهة الجديدة التي أضحت تستقطب الفتيات المغربيات، لامتهان الدعارة هي إسرائيل، حيث ينقلن عبر مصر، وفي سنة 2008، تم الإطاحة بشبكة بالدار البيضاء، تختص في التهجير نحو لبنان، والأمر يتعلق بشبكة تقودها امرأة في الخمسينات من العمر بتواطؤ مع شقيقتها وابنة أختها المقيمة بدولة بالإمارات.
وخلال حملات أمنية، سنة 2010، أقدمت السلطات البحرينية على ترحيل نحو 500 فتاة مغربية، وفرضت على الملاهي الترفيهية التابعة للفنادق بنودا توجبها بتشغيل فنانين مؤهلين ومعتمدين يتوفرون على بطاقات فنانين مصادق عليها رسميا ببلدانهم الأصلية، كما عمّمت السلطات الأردنية والإماراتية واللبنانية والسورية مذكرات مماثلة لإيقاف مجموعة من المغربيات، يمتهن حرفا في الفنادق.
وتم الكشف عن شبكة دعارة إثر القبض على مواطن تونسي يقيم بالمغرب، يمتلك مطعما للوجبات السريعة، بتهمة تزعّمه الشبكة المكونة من عاملات جنس قاصرات، عقب التوصل لمعلومات تدينه بالتوسط لمجموعة من الفتيات بهدف ممارسة الجنس مع سائح فرنسي بفندق بإقليم الخميسات، مقابل مبلغ مالي، فيما أوقفت الشرطة عددا من القاصرات داخل الفندق نفسه، وعرض الموقوف كمتهم رئيسي على المحكمة بتهمة النصب والاحتيال والتهجير إلى الخارج، والتحريض على الفساد والوساطة في البغاء والتعاطي له وأخذ صور مخلة بالآداب للفتيات.
وذكرت صحف مغربية إنّ سفارة السعودية في المغرب راسلت المصالح المغربية أكثر من مرة بشأن شبكة تنشط في تهجير الفتيات إلى دول الخليج بعد تزوير أعمارهن، إثر اكتشافها تزويرًا في بعض المعطيات.
شبكات الدعارة.. تأشيرة هجرة المغربيات
كشف تقرير حول الاتجار بالبشر بالمغرب أن المغرب أصبح يعتبر مصدرًا لهذه الظاهرة، وكذلك وجهة وممرّا لها، وذلك بالنظر لعدد ضحايا الاتجار، وأبرز التقرير أن عدد شبكات الاتجار بالبشر بالمغرب التي تم إلقاء القبض على أعضائها بين سنوات 2009 و2012 وصلت إلى 405 شبكة، أغلبها ينشط بمدن الرباط، الدار البيضاء والقنيطرة، كما تناول تقرير الرابطة، ظاهرة الاستغلال القسري التي يتعرض لها المهاجرون المنحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء خلال مسار تنقلهم نحو أوروبا، وَمِمَّا يشجع هذه الشبكات على توسيع نشاطاتها داخل المغرب، الأرباح السريعة والهامة التي تجنيها من وراء هذه التجارة، وتوفر الضحايا وسهولة الإيقاع بهم، وتفيد بعض التقارير السرية، أن دعارة المغربيات بالخليج تدرّ على القائمين عليها أزيد من 7 ملايين دولار، ففي الفترة بين 2002 و2004 تم ضبط أكثر من 1000 مغربية في وضعية تلبس في امتهان الدعارة بدولة الإمارات، إذ تمت إدانة أكثر من 800 منهن بالسجن النافذ بهذا البلد، فيما تم في الكويت توقيف 200 فتاة مغربية، وكشفت دراسات ميدانية أخرى أن وجود ما لا يقل عن 20 ألف مغربية معظمهن قاصرات في سوق الدعارة في عدد من البلدان العربية، يجعلهن يعشن أوضاع استغلال جنسي بشع في هذه بلدان.
وتتعرّض الفتيات في هذه البلدان، لأشكال متعددة من الإذلال، لتجدن أنفسن ضحية للاسترقاق والاغتصاب والترويض، في كل من سوريا ولبنان، ليجدن أنفسهن رهائن معسكرات إذلال فيما يشبه السجون، حسب وصف إحدى الشهادات، داخل منازل أعدت خصيصا لهذه النخاسة، التي تديرها وتتحكم فيها شبكات متخصّصة في الدعارة الراقية، شبهتها إحدى الشهادات بمقصورات الدعارة والأقفاص.
وإن كان الشائع أن المستهدف بامتهان الدعارة هو العنصر النسوي، إلا أن تقارير أمنية كشفت عن بروز توجه آخر لهذه الشبكات يوجه نشاطه نحو الشباب الذكور، وأشارت التقارير إلى تسجيل حالات استقطاب لشباب مغاربة للعمل في وظائف بعينها، إلا أنهم وجدوا أنفسهم هناك، بين أحضان شواذ ليمارسوا عليهم نزواتهم الشاذة، ما استدعى خضوع حالات للإشراف النفسي، جرّاء المعاناة التي قاسوها والعقد النفسية التي أصيبوا بها.
لماذا السياحة الجنسية ؟ !
تتراوح أعمار حالات الاستغلال الجنسي للأطفال في مراكش بين 10 و12 سنة، ومن بين الضحايا أطفال يتم استغلالهم مقابل عمولة داخل بعض الفنادق، إلى جانب حالات أطفال يتعاطون مع أسرهم المكونة من الأم الأرملة والأخوات، الدعارة داخل المنزل في الأحياء الفقيرة، وحالات أخرى لتلميذات يتم الإيقاع بهن من طرف الوسطاء في محيط المدارس، ولا يتجاوزن في الغالب سن 14 عاما، إذ يختار السائح ما يشاء لقاء 50 حتى 100 دولار، أضف إليها إتاوات الشرطة والوسطاء وأوكار الدعارة والنقل.
تحول الاقتصاد المغربي من اقتصاد نمطي يعتمد على الزراعة والتجارة الداخلية، إلى اقتصاد منفتح ومتنوع، وضع الصناعة السياحية على قائمة الاهتمامات في البرامج الحكومية، ومع رعاية برنامج جلب 10 ملايين سائح في أفق 2010 من طرف الملك، والذي انطلق سنة 2000 بعد المكتسبات التي حققها المنتج المغربي سنتي 1999 و2000، بتسجيل سوق السياحة المغربية نموا معدله 17 بالمائة، الذي راهن عليه المغرب، جعل السلطات الإدارية تغض الطرف عن مجموعة من التجاوزات المتسلسلة، دون أن تتخذ خطوات رادعة في حق مرتكبيها مخافة التأثير على مخطط جلب السياح، لكن في المقابل شكلت هذه الفضائح الجنسية التي كان أغلب أبطالها من السياح الأوروبيين والغربيين، مادة خصبة للصحافة والإعلام الأوروبي.
وعقب موجات الربيع العربي وما خلفته من هشاشة على مستوى الاستقرار السياسي والأمن في بلدان عربية عُرفت باستقبالها للسياح ورجال الأعمال من الخليج العربي، من ضمنها مصر وسوريا، فإن عددا من هؤلاء غيروا الوجهة نحو المغرب، وأشار تقرير نشره التحالف الدولي من أجل سياحة مسؤولة ومحترمة حول انتشار صناعة السياحة السجنية في المغرب إلى بعض روابط العلاقة التي تجمع بين السياحة الجنسية والعولمة وفتح الحدود.
جاء في دراسة متخصصة استهدفت 500 عاملة جنس، احتواء مدينة الدار البيضاء على 5000 منزل معدّ للدعارة الراقية تشرف عليه جنسيات مختلفة، تدخل المغرب بحثا عن المتعة الجنسية، وقد بيّنت الدراسة أن نحو 60 بالمائة قلن إنهن مارسن الجنس للمرة الأولى بين سني التاسعة والخامسة عشرة، و32 بالمائة قلن إنهن مارسن أو تعرّضن لعملية جنسية بين السادسة والخامسة عشرة من العمر، وحسب الدراسة، فإن عامل الفقر الذي يعيش تحت ظله أكثر من 35 بالمائة من سكان المغرب يعتبر من الأسباب التي تدفع للدخول إلى عالم الدعارة، إضافة إلى انتشار البطالة والأمية، لتحتل المغرب بهذه الأرقام المركز الثاني عالميا من ناحية رواج السياحة الجنسية بعد تايلاند.
اعتداءات لا تنتهي وتقاليد تغطي الفضيحة
تساهم السياحة الجنسية العابرة للقارات في الرفع من حجم الاعتداءات التي تطال الأطفال والقاصرين وكذا النساء والفتيات، إلى جانب وجود صنف من السياح هدفهم الأول من الزيارة إرضاء رغباتهم الجنسية، حيث هنالك استغلال للفقر وظروف الهشاشة لبعض النساء والأطفال، ومن الأسباب التي تدخل في ما يعرف بالحرمات الاجتماعية، غلبة طابع الصمت والتكتم حول كل ما يمكن أن تكون له علاقة بما يعرف بالشرف، ويرجع السبب في ذلك إلى ذيوع ثقافة العار والسمعة وعقدة الخوف من الفضيحة، كلما تعلق الشأن بجرائم اغتصاب في حق الأطفال أو النساء، والتي تحدث يوميا في المغرب، ولا تفلت من شباك ما يمكن تسميته بالتستر على الفضيحة سوى حالات قليلة يتطرّق لها الإعلام وتتبناها هيئات حقوقية غير حكومية.
استياء دولي وسمعة لا تشرّف
تسبّبت فضائح السياحة الجنسية في المغرب في إلحاق إساءة كبيرة بسمعة المغرب دوليا، إضافة إلى قنوط جماهيري، جرّاء تساهل السلطات السياسية أمام حالات الاعتداء، والمساهمة بزيادة الطين بلة من خلال سنّ قوانين لا تخدم مصلحة المواطنين، إلى جانب هذا الواقع، تبرز أزمة أخرى في الأوساط الحقوقية والسياسية تدور حول هاجس احتمال قويّ الحضور، هو إمكانية تحوّل المغرب إلى وجهة دائمة للسياحة الجنسية، ويزكّي هذه المخاوف، توصّل المسؤولين الحكوميين أنفسهم إلى تقارير بهذا الخصوص من دول أخرى، منها التقرير الذي أصدرته وزارة الطفولة والأسرة ووزارة السياحة الفرنسيتين، يضاف إليه تقرير أمريكي لسنة 2007 ذهب إلى أبعد من التنبيه، حيث صنّف المغرب "وجهة للسياحة الجنسية"، ورُفع التقرير إلى الكونغرس، وجاء فيه بأن المغرب بلد منتج ومولد لظاهرة استغلال الأطفال، في البيوت وفي الجنس، داخل ترابه الوطني، ومما جاء في التقرير أن المغرب "يصدّر ويستضيف نساء ورجالا يتعرّضون باستمرار للاستغلال الجنسي مِن أجل غايات مادية"، مسجّلا أن الأطفال المغاربة من الجنسين، يخضعون لنوع من الاستغلال اللاإرادي، ولم يستثن المغرب من المساهمة في تهجير الشباب قصد تشغيلهم في مهن الدعارة، خاصة في دول أوروبا.
إعداد/ الطاهر .م
Share 0
Tweet 0
Share 0
Share 0


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.