يثير العزوف المحتمل للناخبين عن التصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة مزيدا من المخاوف، فبعض الأحزاب السياسية تعتبر أن المشاركة هي الضمانة الأساسية لنزاهة الانتخابات، وقد أكد «موسى تواتي» رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية والمرشح للانتخابات الرئاسية أن المقاطعة تعني الاستقالة من الدولة وليس من حق أحد أن يستقيل من دولته، وكل المترشحين يتقاسمون مع «تواتي» هذه الرؤية. في المقابل فريق آخر يدعو إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية بحجة أنها مزوّرة مسبقا، ولا دليل لهذا الفريق، فالانتخابات التشريعية والمحلية والرئاسية التي جرت خلال السنوات العشر الماضية لم يطعن أحد في مصداقيتها، آخر انتخابات رئاسية شهدت نسبة مشاركة قياسية، ولم يجرؤ الخاسرون في المعركة على التشكيك في النتائج لسبب بسيط هو أن المواطنين حضروا بكثافة إلى مراكز الاقتراع وشهدوا عملية الفرز وهم أدرى بما خرج من الصندوق، وآخر انتخابات تشريعية ومحلية سجلت فيها أضعف نسبة مشاركة منذ الاستقلال، ولم تفعل الإدارة شيئا من أجل تزوير هذه النسب، كما أن النتائج كانت في صالح بعض الأحزاب التي تصنف نفسها ضمن المعارضين كما هو حال الأرسيدي، ولم يتحدث أحد عن التزوير. اليوم نتجه إلى انتخابات مفتوحة وبحضور مراقبين دوليين وفي ظل اعتماد آلية شفافة للرقابة يمكن أن يستفيد منها كل المترشحين على قدم المساواة، غير أن الذين يرفضون العملية الانتخابية يقولون إن الانتخابات مزورة ونتائجها معروفة سلفا، وبالنسبة لهؤلاء الضمان الوحيد لعدم تزوير الانتخابات هو عدم ترشح «بوتفليقة»، وهذا المطلب في حد ذاته ينقض حجج دعاة المقاطعة لأنه يختزل الأمر في تحاشي مواجهة «بوتفليقة» الذي له حظوظ كبيرة للفوز بالنظر إلى خبرته السياسية ولإنجازاته الميدانية التي ستعزز موقعه في السباق الرئاسي. أسهل الخيارات وأقلها كلفة هو الدعوة إلى المقاطعة، فتسجيل نسب مشاركة ضعيفة سيسمح لدعاة المقاطعة بالقول أنهم كانوا الأكثر تأثيرا في الرأي العام، لكن الهاربين الذين يؤثرون السلامة لا يصنعون التاريخ ولا يؤثرون في مجريات الأحداث.