ثمة فرق كبيرة بين الشك وبين الوسوسة، وهي على العموم مواقف سهلة الإدراك لكونها مرتبطة بتحرك شيئ خفي في ذات الإنسان، ويمكن القول بأن الوسوسة هي ما يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان، فإذا كرهه العبد ونفاه دلت كراهته على صريح الإيمان، أما الشك فهو نقيض اليقين، وهو التردد بين شيئين، كالذي لا يجزم بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يكذبه، ولا يجزم بوقوع البعث ولا عدم وقوعه، ولا يكون العبد مؤمنا إذا وقع في مثل هذا الشك، فلا بد لحصول الإيمان أن يكون العبد موقنا يقينا جازما بمدلول شهادة "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، قال تعالى "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة"، رواه «مسلم»، فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقنا بها قلبه، غير شاك فيها وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط، وتوبة الشاك تكون بالإتيان بالشهادتين مع الجزم واليقين بما كان قد شك فيه، وقد يطرأ في نفس الإنسان نوع وسوسة يظنه شكا، ولكنه ليس شكا، بل يكون في داخله مصدقا مؤمنا وعلامة ذلك كراهته لهذه الخواطر وخوفه ونفوره منها، أما من تابع الوسوسة وتكلم بها ونشرها ووصل معها إلى درجة الشك التي تزعزع أركان اليقين وتخالف التوحيد، فذاك الذي يخشى على إيمانه ويخاف عليه من الشرك ومتابعة الشيطان فيما يلقي إليه من وسوسة.