الإسلام دين الحق والعدل، ولهذا فإنه يقوم على مبدأ الحقوق والواجبات، بدءاً بالعلاقة بين الخالق والمخلوقين، وانتهاءً بالعلاقة بين المسلم وأخيه، فمن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ومن حقهم عليه إن فعلوا ذلك أن يدخلهم الجنة، وكذلك العلاقة بين الحاكم والمحكومين، وبين الزوج والزوجة، وبين الجار والجار، وبين المسلم والمسلم، وفي مسيرة هذه العلاقة تأتي علاقة الجار بجاره، فقد أوصى الله ورسوله بالجار، قال تعالى "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب"، وقال الإمام «القرطبي» في تفسير قوله تعالى "والجار ذي القربى والجار الجنب": "أما الجار فقد أمر الله تعالى بحفظه والقيام بحقه والوصية برعاية ذمته في كتابه وعلى لسان نبيه، ألا ترى سبحانه أكد ذكره بعد الوالدين والأقربين: "والجار ذي القربى"، أي القريب، "والجار الجنب"، أي الغريب، إلى أن قال "وعلى هذا فالوصية بالجار مندوب إليها مسلما كان أم كافرا"، والإحسان قد يكون بمعنى المواساة وقد يكون بمعنى حسن العشرة وكف الأذى والمحاماة دونه، أما الأحاديث التي توصي بالجار وتأمر بالإحسان إليه وتنهى عن أذاه فكثيرة، منها: - عن «عائشة» و«ابن عمر» رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". - عن «أبي ذر» رضي الله عنه قال "إن خليلي أوصاني إذا طبخت مرقاً فأكثر ماءها، ثم انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف"، وفي رواية "فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك". - عن «أبي هريرة» رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فِرْسِن شاة". - عن «أبي هريرة» رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قيل من يا رسول الله؟ قال الذي لا يأمن جارُه بوائقه". - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره"، ثم يقول «أبو هريرة» "ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم". - عن «عائشة» رضي الله عنها قالت قلت "يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟" قال "إلى أقربهما منك باباً".