انتشرت الكثير من الظواهر الشاذة بين أفراد المجتمع المسلم على الرغم من الفوارق الشرعية والخَلقية والنفسية بينه وبين أصحاب ملّة الكفر، ومن هذه الظواهر، ظاهرة الاسترجال، والاسترجال محاولة المرأة أن تتشبه بالرجال، في وقت خصّ فيه الله كلا من الرجل والمرأة بأمور ونهى كلاً منهما أن يتمنى ما خصَّ به الآخر، قال "وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللهَ مِن فَضْلِهِ"، وبالدرجة نفسها نهى الرجل أن يتشبه بالنساء، والأدلة على ذلك كثيرة منها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم مثل "لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأةَ تلبس لبسة الرجل"، "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء"، "لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء"، وعندما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم «أم سلمة» تلوي خمارها ليتين نهاها عن ذلك، وقال "لية واحدة"، حتى لا تشبه عمامة الرجل وجاء في سبب نزول قوله تعالى "وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْض" كما روى «الترمذي» عن «أم سلمة» أنها قالت "يغزو الرجال ولا تغزو النساء، ولنا نصف الميراث"، فأنزل الله تعالى "وَلاَ تَتَمَنَّوْا"، والتشبه الذي نهى عنه الشارع في هذه الآية والأحاديث السابقة هو تشبه النساء بالرجال في عدد من الصفات، منها التشبه في المشي، تقليد الأعمال التي لا تناسب طبيعة المرأة، تقلد الإمامة الكبرى والصغرى، أما تشبه الرجال بالنساء فيكون في الزي، المشية، التكسر والتخنث، لبس السلاسل والعقود، لبس الحرير والذهب، وغير ذلك، وقال الإمام «الذهبي» "التشبه بالرجل بالزي والمشية ونحو ذلك من الكبائر لهذا الوعيد"، وقال الإمام «النووي» في النهي عن تشبه النساء بالرجال أو العكس "حرمة تشبه الرجال بالنساء وعكسه، لأنه إذا حرم في اللباس ففي الحركات والسكنات، والتصنع بالأعضاء والأصوات أولى بالذم والقبح، فيحرم على الرجال التشبه بالنساء وعكسه في لباس اختص به المتشبه، بل يفسق فاعله للوعيد عليه باللعن"، واللعن هو الطرد من رحمة الله، وهذا يدل على خطورة التشبه، أما التشبه في الخير وفي الفعال الطيبة فلا يدخل في ذلك، وهذه المخالفات وغيرها، مرده عدة أسباب منها غياب فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع، غياب دور الحسبة، الجهل بخطورة هذا المسلك، فكل من عصى الله فهو جاهل، الزخم الإعلامي وتعمّد الكفار والمنافقين إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وكل هذه الأسباب أفرزت هذه الممارسات الشاذة في مجتمعات المسلمين، لذلك ينبغي العلماء والصالحين من المسلمين من القائمين على الأمر ومن العوام، أن يعمل كل وفق قدرته لرد هذا الظلم.