انقلبت الآية.. تتواجد "المسترجلات" بكثرة في الأماكن التي تضم تجمعات نسوية مثل النوادي الرياضية، المعاهد والإقامات الجامعية، وفي الملاهي الليلية، وحتى داخل بعض المنازل العائلية التي يكون جل أفرادها ذكور، والتي لا يتردد الوالد فيها في معاملة ابنته على أساس أنها ذكر لأنه وببساطة تمنى ذكرا بدل أنثى. فكيف تبدأ قصة هذا التحول الغريب والانسلاخ عن الفطرة؟. * * رجال الدين يدقون ناقوس الخطر وأجيال تتخبط في أزمة جنس * * بعدما كان سهلا التمييز بين الجنسين، فللرجال ما يميزهم وللنساء كذلك، لكن التميز غاب واندثر في عصرنا، فلا الذكر عاد كذلك ولا الأنثى عُرفت من بين الرجال، لأنه وببساطة انسلخ الجنسان عن وظائفهما وتبادلا الأدوار... ظاهرة دخيلة على المجتمع الجزائري الأخطر فيها أن المرأة لم تتخل عن كامل صفاتها الأنثوية من لباس وسلوكات ودلال فقط، بل وصلت لدرجة لا تخطر على بال أحد، من إقامة لعلاقات مشبوهة، حلق للذقن ومعاكسة الفتيات لبعضهن في الشوارع وانتهاء بارتداء ملابس داخلية رجالية والعكس صحيح...!!!. فهل هناك مبررات اجتماعية أو نفسية أو حتى منطقية لهذه الظاهرة؟ وما رأي الشرع والمجتمع والمختصين في ذلك؟ * * استرجلت لأنها بشعة...! * نبدأ بأول قصة عايشناها، متجنّبين ذكر الأسماء الحقيقية تفاديا لأية أضرار لأصحابها، هي قصة فتاة حضرت من إحدى ولايات الوسط للعمل في العاصمة فكانت عادية في مظهرها بل وترتدي الحجاب، وبمرور الوقت نزعت الفتاة حجابها وحلقت شعرها وأصبحت مواظبة على الألبسة الرجالية لدرجة أن سلوكاتها وتصرفاتها أصبحت رجالية بالكامل، إذ يصعب عليك أن تميّزها في الشارع لولا أن بدانتها المفرطة تفضحها أحيانا بإظهار تفاصيل جسدها الأنثوي، لكن الملابس الفضفاضة تجعلنا لا نفرق بينها وبين الرجال. وتعود دوافع سلوكاتها حسب تصريحها للبعض لبدانتها المفرطة وإحساسها ببشاعتها أمام الجنس اللطيف فاختارت الاسترجال، لتصطدم بمشكلة أخرى وهي أن الكثير من الرجال هم أجمل من النساء!!. * فتاة أخرى مقيمة بالعاصمة طلبت الإشارة لأسمها فقط ب»م« تشتغل كعون أمن بإحدى المؤسسات الخاصة، تقول عن قصة تحولها: »لقد تعرضت لاغتصاب في صغري من طرف شاب فحملت منه، بعدها تركني أواجه مصيري المشئوم بمفردي، فهربت من المنزل وأنجبت ولدا، ومنذ ذلك الوقت وأنا أتجول بين الفنادق والأقامات الجامعية، الشيء الذي جعلني أكره ضعف الجنس اللطيف فاخترت طريق الاسترجال حماية لولدي ونفسي«، حيث ارتدت »م« السراويل الرجالية وأدمنت التدخين والخمور واشتغلت في كثير من الوظائف الرجالية، خصوصا كعون أمن، بينما تركت ولدها عند عائلة مقابل مبلغ مالي، كما تقمصت دور الرجل بكل براعة لدرجة أنها نفسها صدقت ذلك، حيث أخبرتنا بأنها تحلق ذقنها عدة مرات في الأسبوع رغم عدم وجود شعر على وجهها!! كما أسرّت لنا بأنها ترتدي ملابس داخلية رجالية!! والأغرب اتخاذها لصديقة بل عشيقة تغار عليها وتتعارك مع أي رجل يعاكس عشيقتها في الشارع، تقول: »أنا أضرب صديقتي عندما تتأخر عن الموعد وأعاتبها إذا ارتدت ملابس فاضحة لغيري...!!« رغم أن »م« لديها جمال أنثوي جذاب، فأنفها دقيق وفمها شفاف وصوتها رقيق... وما حيّرنا فعلا، ردة فعل ابنها الذي يتجاوز الخمس سنوات ولم نفهم هل يعتبرها أباً أم أمًّا رغم أننا سمعناه يناديها »ماما«، بينما تتكفل صديقة أبيه عفوا أمه بتلبية معظم طلباته. وذلك عكس حالة أخرى صادفناها بمعهد الصحافة، إنها طالبة تشبه الرجال شكلا ومضمونا، أخبرتنا إحدى زميلاتها بالفوج الدراسي أن أستاذهم في بداية الموسم الدراسي نادى على اسم طالبة بالقسم فوقفت تلك المسترجلة، وهنا نطق الأستاذ: »لقد ناديت على اسم طالبة وليس عليك يا طالب«، وهنا انفجر الجميع ضحكا وأخبروه بأن الواقف هي فتاة، فبقي مندهشا لدرجة شبهها بالرجال. وفي واقعة أخرى ذهبت تلك الطالبة إلى مسؤول بإدارة المعهد بشأن وقوع خطإ في حساب معدلها فخاطبها الشخص طيلة الوقت على أساس أنها ذكر وبمجرد أن طلب اسمها تفاجأ أنها فتاة. وقد علمنا أن هذه الطالبة تعيش بصفة عادية مع أسرتها وبنفس »اللوك« والجميع يعاملها كشاب. * وكآخر الروتوشات لإكمال صفة »الترجل«، المسترجلات لتغيير أسمائهن بإطلاق كنيات غريبة على أنفسهن أو إضافة اسم رجل بجانب اسمهن مثال دليلة موح، نجاة رابح... قد يظن البعض أن الظاهرة مقتصرة على الولايات الكبرى على غرار العاصمة باعتبارها منطقة مفتوحة للجميع، لكننا اكتشفنا العكس، إذ مجرد زيارة للإقامات الجامعية ساعة الدخول الجامعي الجديد وقدوم الناجحات من كل أنحاء الوطن ستتفاجأ بقدوم مشاريع مسترجلات قادمات من ولايات داخلية، وهو حال واحدة لم تتجاوز ال18 من عمرها حضرت للعاصمة بقصة شعر وهندام ومشية وحتى سلوكات رجالية، فهل تصدقون بأنها اتخذت لها عشيقة هي الأخرى من نفس سنّها، والمشكلة عند بعضهن أن عائلاتهن يدركن الموضوع ويعجزن عن التعامل معه خاصة في المناطق الداخلية والعائلات المحافظة. * * المسترجلة وعاصي الوالدين سيّان * المواطنون الذين أردنا معرفة رأيهم، هناك من ينظرون للظاهرة بعين الدهشة والاستغراب، لكن آخرين اعتبروها عادية ومنتشرة بل وأخبرتنا بعض الشابات المترددات على الملاهي الليلية، وبحكم اختلاطهن بهن، أن كثيرا من المسترجلات يقمن بدور الوسيط بين الرجال الميسورين والفتيات مقابل نصيب من المال، وبالتالي يقحمن الفتيات في شبكات دعارة منظمة، وهو ما ينعكس على مظاهر بعض المسترجلات اللواتي يشترين منازل وسيارات فاخرة في زمن قصير. فتاة من تيبازة أخبرتنا بأنها كانت وشقيقتها يتجولان بشوارع المدينة فإذا بشابة تسير رفقة صديقتها ذات المظهر الرجالي وبمجرد مرورهما أمامنا فإذا بتلك المسترجلة وفي غفلة من صديقتها غمرتني بنظرات غريبة ثم غمزت لي متبسّمة مثلما يفعل الرجال تماما، »فأصبت بذهول شديد لأنه لم يسبق لي أن سمعت بهذا النوع من النساء«. * أما من الناحية الشرعية، فإن رأي الدين واضح في مثل هذه القضايا فالمرأة المسترجلة وُضعت في نفس مرتبة عاق الوالدين والديوث وذلك في حديث النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم، قال: »ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث«. * وفي صحيح البخاري: »لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء«. لأن ظاهرة استرجال المرأة حسب علماء الدين تعتبر من الشذوذ المنهي عنه لأنه خروج عن الطبيعة والفطرة التي أودعها المولى عز وجل في عباده، وفطرهم عليها لإيجاد توازن في حياتهم الدينية والدنيوية، باعتبار الأنثى مكملة للرجل وكل يؤدي وظيفته، أما تبادل الأدوار فهو إخلال بالوظيفة الإنسانية. وبدورهم المختصون النفسيون والاجتماعيون فقد اعتبروا أن بعض الفتيات حصلت لهن مشكلات نفسية وجسدية ومضايقات رجالية، بل وتعدي على بعضهن وأصبحن منبوذات، ما جعلهن يتمردن على طبيعتهن، أما فئة أخرى فهن اللواتي وجدن البيت منشئا خصبا لهذه الظاهرة على أساس معاملة الوالدين أو منشئها في جو ذكوري ما يجعلها تميل لهذه الظاهرة، أما أخريات فيوجد لديهن هرمونات ذكرية أكثر من الأنثوية ولأن بيئتهن المحافظة لا تسمح بذلك، فإنهن يتمردن بمجرد ابتعادهن عن جو العائلة وهو ما نراه في الإقامات الجامعية رغم أن مشكلة الهرمونات تعالج عند أطباء مختصين وبالتالي فهو إهمال من العائلة. لكن هذا لا يمنع من وجود كثير من المسترجلات اللواتي تقلّدن الغرب فقط أو تختلطن برفيقات سوء تغيرن أفكارهن، أو تسترجلن لمجرد لفت الانتباه، أو نقص الرقابة والتوعية داخل الأسر أولا و المدرسة ثانيا، ومن نتائج هذه الظاهرة فقدان الفتاة لأنوثتها فتصبح كائنا غريبا ويبعث بقيم المجتمع نحو الهاوية والخراب.