السيد قوجيل يعزي في استشهاد الطيار المقدم بكوش نصر    وزير الاتصال يؤكد على ضرورة تشكيل جبهة وطنية إعلامية للدفاع عن صورة الجزائر    حج 2025 : اجتماع تنسيقي لمتابعة عملية تسيير رحلات الحج    عيد النصر: الانتصارات العسكرية والدبلوماسية لثورة التحرير محور ندوة تاريخية بالعاصمة    اتحاد الصحفيين والكتاب الصحراويين يدين اعتداءات الاحتلال المغربي على الإعلاميين والناشطين الصحراويين    قسنطينة: وضع حيز الخدمة لمركز متنقل لتحويل الكهرباء بمنطقة سركينة    الجزائر- تونس: ابراز الإرادة المشتركة في التصدي للظواهر السلبية بالمناطق الحدودية    الذكرى ال63 لعيد النصر : تدشين وإطلاق مشاريع تنموية بجنوب البلاد    البيع المباشر لمنتجات تربية المائيات: إقبال متزايد من المستهلكين على سمك التيلابيا الحمراء    لماذا فجّرت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار؟    قال إن المنتخب الجزائري يملك توليفة رائعة من اللاعبين.. صهيب ناير سعيد باللعب مع الجزائر    رابح ماجر:عمورة مستعد للعب في الدوري الإنجليزي    الأدب العربِي بالفرنسية/ التّصنيف المربك؟    متى يباح الإفطار للصائم    أجمل دعاء يقال في رمضان    بلايلي أم بن رحمة؟    كرة القدم/مونديال-2026: "المنتخب الجزائري يضم عناصر قادرة على إدارة المباريات خارج قواعدها "    اجتماع الحكومة: الاستماع إلى عروض تخص عدة قطاعات    حوادث المرور: هلاك 8 أشخاص وجرح 235 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    مسؤول أممي: الوضع في غزة يزداد سوءا مع استئناف الغارات الجوية الصهيونية    الرابطة الأولى "موبيليس": مباراة دون جمهور لشباب بلوزداد ومعاقبة مدربه راموفيتش    الذكرى ال63 لعيد النصر: تنظيم ندوة فكرية حول تجليات عيد النصر في المخيال الأدبي والفني الجزائري    ربيقة يشرف على مراسم احياء الذكرى ال63 لعيد النصر بساحة المقاومة بالجزائر العاصمة    نسيج وجلود: رقم أعمال المجمع العمومي "جيتكس" يرتفع ب15 بالمائة في 2024    افتتاح الطبعة ال14 لمهرجان ليالي الإنشاد والمديح بسكيكدة    الدولة تواصل حشد الطاقات لتأمين المصالح العليا للبلاد    الجزائر ستظل دائما وفية لمبادئ وقيم الاتحاد الإفريقي    شكلت نموذجا يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي    اتخاذ إجراءات ضد 53 مستورد للمورد    19 مارس و19 سبتمبر أين الحقيقة ..!؟    الجامعة منخرطة بقوة في الأهداف التنموية للبلاد 2024- 2029    فتح 2000 مطعم وطنيا لتقديم وجبات للمحتاجين وعابري السبيل    تفكيك شبكة دولية منظمة تتكون من 11 شخصا    سواك "أتيل" عوض معجون الأسنان    دعوة لإنشاء مجلس أعلى للوقاية من الحوادث    إرساء صناعة وطنية حقيقية للسيارات    إنجاز هياكل تربوية تستجيب لمتطلّبات جودة التعليم    هزة أرضية بشدة 5,1 درجات بالمدية    الجزائر تُدين انتهاك الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة    المخزن يسحق حقوق مواطنيه لخدمة المضاربين العقاريين    هل حافظت "طيموشة 3" على التألّق نفسه؟    رفع العراقيل لتسليم المشاريع قبل نهاية السنة    هذه خصائص تطبيق "Retraite Dz"    "مطلوع الطاجين" الوهراني زينة مائدة الإفطار    عمراني يشخّص الخلل ويريد إعادة ترتيب البيت    غيابات بالجملة في صفوف "الخضر" والخيارات تتقلص    بهجة رحال ونوري الكوفي نجما النوبة    بوقرة يباشر التحضير للقاء غامبيا في تصفيات "الشان"    الحويني في ذمة الله    53 مُستورداً للموز يُمنعون من الاستيراد نهائياً    إحباط عملية ترويج 4300 وحدة من مؤثرات عقلية    أول رحلة للحجاج في 10 ماي المقبل    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    هذا موعد أول رحلة حج    حماية الأجيال الناشئة من الوقوع في آفات تضر بالمجتمع    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    الشروع في عملية حجز تذاكر السفر للحجاج : انطلاق أول رحلة نحو البقاع المقدسة يوم ال10 ماي المقبل    الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور المنظومة التعليمية في تنمية قيم المواطنة والتفوق العلمي - الجزء الأول
ثامر كامل محمد

يعد شباب أي أمة بمثابة أحد المدخلات الرئيسية في دراسة مركز ثقلها الحضاري وهو من زاوية أخرى أحد الدعائم في بنية الرصيد الاستراتيجي لحركة التنمية فيها، ومن ثم فإن حسابات معدل الانطلاقة الحقيقية لأي مجتمع من المجتمعات تبنى على أساس الزيادة في هذا الرصيد وحسن توظيفه على المستوى المأمول، وقد تزايدت في الآونة الأخيرة الاهتمامات القومية لجودة التعليم الجامعي استنادا إلى أنه على هذا الصعيد يجري إنتاج المادة والأفكار العلمية التي تساهم في تغيير المستقبل، هذا إلى جانب إعداد الكفاءات المتخصصة التي تضطلع بمهام التنمية ودعم اتجاهاتها لأن مخرجات التعليم الجامعي هي في الوقت نفسه مدخلات لسوق العمل.
إصلاح التعليم في المستويات السابقة للتعليم الجامعي يعتمد إلى حد كبير على مخرجات التعليم العالي، أي على ما ينتجه هذا التعليم من علماء ومتخصصين ومن أبحاث وكتابات توفر للمناهج التعليمية في المستويات السابقة ما تحتاجه من هؤلاء لإعادة صياغاتها وإدخال مضامين وأساليب جديدة عليها في التدريس، والعامل الأساس في تقييم جودة الأداء الجامعي هو ما يتعلق بنموذج شخصية المواطن؛ إنسان التنمية في مجتمعنا وما لإعداده مواطناً نشطاً مدركاً لواجباته ومسؤولياته، إضافة إلى حفز إرادته تجاه العمل الوطني وفق صورة رمزية يأملها لمجتمعه في عالم المستقبل.
على هذا فإن تأصيل "روح المواطنة" يمكن أن يعد ضمن الاعتبارات القيمية في تكوين الشباب الجامعي ويعني تأكيد حق الوطن في كل ما يتعلق برؤية الفرد وجهوده لتحقيق ذاته ومكانته، ونظراً للبعد القيمي الكامن في كل من "الكفاية" و"المواطنة" تتضح مسؤولية الجامعة في تنمية قيم المواطنة والتفوق العلمي وتعد هذه المسؤولية من أهم مؤشرات كفاية الأداء الجامعي في العصر الحديث، ومن ثم فإن تنمية وعي الشباب الجامعي بالأدوار المستقبلية لمسؤوليات العمل هو تضمين لمفاهيم الجودة والدفع الحضاري، وفي الربط بين مفاهيم "الجودة" و"المواطنة"، وإذ لا يزال موضوع المواطنة والتفوق العلمي في بؤرة الموضوعات الحيوية التي تحتاج إلى فهم أعمق لمقومات وضمانات حمايتها إضافة إلى الحاجة إلى توصيف سلوكيات المواطنة وآليات التربية في تنميتها، فإن هذه الدراسة تهدف إلى محاولة التعرف على الأطر النظرية الحاكمة لدور الجامعة في تنمية قيم المواطنة والتفوق العلمي والاعتبارات الحاكمة لمسؤولياتها في هذا المجال من زاويتين.
الأولى؛ من حيث "ثقافة المناخ الجامعي" الداعمة لتأكيد العلاقة بين "الكفاءة والمواطنة".
الثانية؛ من حيث الأداء الجامعي وممارساته في علاقاته بتكوين "المواطنة النشطة" و"ترصين مخرجات العملية التعليمية".
مفهوم المواطنة
يعرف بعض المتخصصين في العلوم الاجتماعية "المواطنة" على أنها مجموعة الالتزامات المتبادلة بين الأشخاص والدولة، فالشخص يحصل على بعض الحقوق السياسية والمدنية نتيجة انتمائه إلى مجتمع سياسي معين وعليه في الوقت نفسه أن يؤدي بعض الواجبات، بمعنى أنها تشتمل على العلاقة بين الأفراد والدولة مع امتثال للحقوق والواجبات، وهي تشتمل كذلك على صفات المواطن ومسؤولياته، وتتميز المواطنة بوجه خاص بولاء المواطن للبلاد وخدمتها والتعاون مع الآخرين من أجل تحقيق الأهداف القومية للدولة وتتضمن مستوى عالياً من الحرية مصحوباً بالعديد من المسؤوليات وتتجلى في وعي الفرد واهتماماته بشؤون المجتمع وقدرته على العمل بكفاءة لصالحه، ولذلك يمكن فهم المواطنة على أنها "العضوية التي يتمتع بها الأفراد في المجتمع"، وتتضمن القبول والتسليم بتبادل الاهتمامات بين جميع الأفراد والإحساس بالاهتمام المشترك من أجل رفاهية المجتمع والقدرة على العطاء لتحقيق مزيد من تطور المجتمع واستقراره.
يعد مفهوم "المواطنة" بمثابة المدخل الحقيقي لفهم ماهية الديمقراطية وكيفية ممارستها وفي الوقت نفسه فإن تربية من أجل الديمقراطية لابد أن تستند على مفهوم واضح للمواطنة، فالديمقراطية هي الحلقة الوسيطة بين كل من "الانتماء" و"المواطنة"، وتشتمل المواطنة على معنى حق المساهمة بشكل كلي في "التراث المجتمعي" بما يؤكد العلاقة بين المواطنة والقيم الحضارية في المجتمع، ونظراً لأن الحياة تقتضي سلسلة متواصلة من الأحكام والقرارات الأخلاقية فإن فعالية أفضل لبرامج التربية في مجالات الانتماء والتفوق العلمي يمكن أن تؤسس على القضايا الأخلاقية والوجدانية والإرادة الداعمة لإنجاز المشروع الوطني، وهو ما يؤكد التقاء فضائل الأخلاق مع فضائل المواطنة، واستناداً عليه فإن التربية من أجل المواطنة والتفوق العلمي ينبغي أن تقوم على وعي الذات الوطنية وعناصر الهوية الوطنية والأدوار الاجتماعية والسياسية والكفاية والمهارات والميول.
آليات تدعيم مناخ التربية والتعليم العالي لاكتساب قيم المواطنة والتفوق العلمي وتنميتها.
1- حسن تمثيل مفردات الخطاب الوطني على مسؤوليات الدور الوظيفي للطلبة وواجباتهم العلمية والوطنية.
2- استجلاء المؤشرات الدالة على معالم البعد الاجتماعي والمدني في سياسة المجتمع، بما يعني وضوح الرؤية الوطنية حول مكانة الطلبة في المجتمع.
3- وعي الطلبة بالدستور والقانون والقنوات الشرعية لعلاقاتهم بالمنظومة التعليمية وبمؤسسات الدولة ونظمها.
4- وحدة حركة الشباب الجامعي مع الأهداف الاجتماعية والوطنية لبناء صورة المستقبل.
5- تشجيع روح المنافسة العلمية والتفوق والاهتمام بأخلاقيات حقوق الإنسان وواجباته وإدراك معنى التسامح وقدسية الحرم الجامعي.
6- تأكيد مكانة الشباب الجامعي في النسيج المجتمعي باعتبارهم عنصراً أساسياً في المشروع الوطني للنهضة العلمية والتنمية الوطنية.
7- الإيمان بالأهداف والمصالح الوطنية بما يعكس صورة رمزية لمجتمع المستقبل في عيون أبنائه.
في ضوء ذلك فإن تنمية قيم المواطنة والتفوق العلمي لدى الشباب الجامعي تفضي إلى تنمية الوعي بالأهداف الوطنية للدولة بما يكفل حفز الإرادة الفردية في اتجاه العمل الوطني وفهم حقيقة وجود الإنسان في مجتمعه وتعزيز قيم "الانتماء" و"المسؤولية" و"الثقة" لديه وتعزيز مقومات بناء إنسان المستقبل على قاعدة الانتماء الوطني.
تحديات المواطنة والتفوق العلمي
لعل من أخطر العوامل التي تؤثر سلباً في الشعور الوطني وقيم المواطنة هو الواقع الحالي لتنامي سياسات الإعلام في عصر العولمة، فقد تأثرت بعض عناصر الهوية الوطنية ما بين رفض النمط الحضاري الغربي شكلاً ومضمونا والحوار مع الغرب والاستفادة من تجاربه وتبني النموذج الغربي مدخلاً لحل مشكلات الواقع وضمان تطوره، ونظراً لإشكالية الهوية الوطنية في ظل تنامي فكر العولمة والتيارات الداعمة لها برزت الحاجة إلى مهام تربوية جديدة بما يعزز فكرة المواطنة التفوق العلمي مدخلاً لتأكيد عوامل التضامن المجتمعي في مواجهة مشكلاته، ذلك أن المدخل الأساس في تنمية قيم المواطنة والتفوق العلمي هو الذي يؤكد دور الجامعة في إكساب طلابها "ثقافة المواطنة" والتي تعنى بالتكوين التجميعي والبنائي للحقوق والواجبات بما يحدد مسؤوليات الأفراد في مجتمعاتهم، وعلى ذلك فإن دور الجامعة في التربية من أجل المواطنة والتفوق العلمي يهدف إلى تزويد الطلبة بالمعارف المختلفة ما يمكنهم من المشاركة في لعب الدور على المستوى الوطني، فضلاً عن إكسابهم الرؤية العالمية الحاكمة لحركة الأحداث والمتغيرات في قضايا مجتمعاتهم أو القضايا العالمية بصورة كلية، وإن محاولة الحديث عن المواطنة والتفوق العلمي في عصر العولمة تتطلب؛
- الوعي بطبيعة العلاقة بين المواطنة والمخزون الوطني القيمي والحضاري ليأتي الفعل الوطني في مستوى الحوار المتكافئ مع الآخر الأجنبي.
- الوعي بعلاقات كل من الموقع والمكانة في الشخصية الوطنية وصناعة التكامل الوطني لدعم المكانة الوطنية والارتقاء بالمستوى العلمي.
المواطنة تنظر إلى تاريخها وهويتها ومكانتها كمرجعية تحدد لها الطريقة التي يمكن أن تتفاعل بها مع أحداث التطور في العالم، لذا ينبغي التركيز على أهمية تجديد الثقافة الوطنية بأفق إنساني ديمقراطي وبتعزيز الانتماء إلى الذات والانفتاح على العصر وذلك بإعادة بناء الثقافة الوطنية من داخلها وربطها بهموم الشعب واعتمادها أداة للحوار الحضاري وفي مواجهة ظاهرة عولمة الثقافة، ولا شك أن وجود تراث حضاري وطني وعربي عريض تداخلت فيه الحضارات المختلفة يمثل مرجعية فكرية راسخة لدى الشباب الجامعي لتحديد نمط السلوك الاجتماعي وسلم الأولويات القيمي للفكر الوطني بأبعاده العلمية والاجتماعية والثقافية، وهذا التراث يمثل أحد العناصر المكونة ل "بنية المواطنة" بما يعزز مفهوم الأصالة والانتماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.