الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الاتحاد
الأمة العربية
الأيام الجزائرية
البلاد أون لاين
الجزائر الجديدة
الجزائر نيوز
الجلفة إنفو
الجمهورية
الحصاد
الحوار
الحياة العربية
الخبر
الخبر الرياضي
الراية
السلام اليوم
الشباك
الشروق اليومي
الشعب
الطارف انفو
الفجر
المساء
المسار العربي
المستقبل
المستقبل العربي
المشوار السياسي
المواطن
النصر
النهار الجديد
الهداف
الوطني
اليوم
أخبار اليوم
ألجيريا برس أونلاين
آخر ساعة
بوابة الونشريس
سطايف نت
صوت الأحرار
صوت الجلفة
ماتش
وكالة الأنباء الجزائرية
موضوع
كاتب
منطقة
Djazairess
الدولة الجزائرية قطعت أشواطا كبيرة في محاربة الفساد والمفسدين
موقف الجزائر من فرنسا ثابت وعليها تحمل مسؤولياتها
عطاف يترأس اجتماعا وزاريا لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية
هناك أمر يضايقني كل يوم و هو الطريقة التي يتم التعامل بها
ضرورة أن تخلص الجلسات الوطنية للسينما إلى مخرجات وتوصيات
هل فلتت منا صناعة التاريخ..؟!
اختتام أشغال الملتقى الوطني حول أمن الذاكرة الوطنية
سوسطارة في الصدارة
كرة القدم/كأس الكونفدرالية: ''مباريات مثيرة منتظرة في الدور ربع النهائي''
توقيف طالب جامعي بغرداية
بوجمعة يجتمع ببن مولود
رئيس حزب صوت الشعب يؤكد على أهمية تقوية الجبهة الداخلية
الصحراء الغربية : صحفيون وناشطون عرب يتبرؤون من موقف اتحاد الصحفيين العرب
تعزيز آليات التمويل وترقية الإطار التنظيمي والرقمنة والتكوين أهم توصيات الجلسات الوطنية للسينما
نص القانون الجديد لتسيير النفايات: تحويل مفهوم النفايات من إشكالية إلى مواد أولية قابلة للتثمين
العاب القوى/ البطولة الافريقية 2025 لأقل من 18 و20 سنة : مدينة وهران مرشحة لاحتضان الحدث القاري
البطولة الوطنية العسكرية للعدو الريفي : تألق عناصر مديرية الإدارة والمصالح المشتركة لوزارة الدفاع
مشروعا قانوني البلدية والولاية: صلاحيات أوسع للمنتخبين وتسيير عصري للجماعات المحلية
العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 47035 شهيدا و111091 جريحا
بورصة الجزائر: انطلاق عملية فتح رأسمال بنك التنمية المحلية ببيع 44.2 مليون سهم جديد
الحماية المدنية: اجتماع اللجنة الثنائية المشتركة الجزائرية-تونسية بولاية الوادي
المجلس الشعبي الوطني: وفد عن البعثة الاستعلامية المؤقتة للجنة الشؤون الاجتماعية في زيارة إلى باتنة
وهران..ترحيل إحدى عشرة عائلة إلى سكنات لائقة بوادي تليلات وبئر الجير
تلمسان.. جمع أزيد من 25 ساعة من الشهادات الحية حول الثورة التحريرية المجيدة
ممر الهيدروجين الجنوبي: السيد عرقاب يشارك غدا الثلاثاء بروما في اجتماع وزراء الطاقة المعنيين بالمشروع
ملعب الشهيد "علي عمار" بالدويرة: انتهاء أشغال الصيانة وتحويل المنشأة من قطاع السكن إلى قطاع الرياضة
صحبي: خطاب رئيس الجمهورية التاريخي في الجلسات الوطنية للسينما يؤسس لثورة ثقافية حقيقية للفن السابع
الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري
منظمة أطباء بلا حدود تدعو إلى زيادة سريعة وواسعة النطاق للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة
الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير
وقف إطلاق النار مصلحة كبرى للجميع
سكان غزّة يحتفلون ببدء الهدنة
لا تساهل مع كل أشكال المضاربة والاحتكار
مشروع توسعة السد الأخضر يتقدّم..
فاتورة استيراد زيوت المحركات تتراجع
صهاينة يدنّسون الأقصى
رمضان في القصر خلال مارس
الجزائر تشهد حركة تنموية رائدة
الجزائر تخسر أمام تونس
مسابقة لتوظيف الطلبة القضاة
رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية
سينمائيون يشيدون بعناية رئيس الجمهورية لقطاع السينما
أنشيلوتي مهدَّد بالإقالة
استلام محطة تصفية المياه المستعملة السداسي الثاني من 2025
تقليص مدة الاستجابة لنداءات الاستغاثة
الأسواق الإفريقية والآسيوية وجهات واعدة للتصدير
تلاميذ تقرت وسطيف في ضيافة المجلس الشعبي الوطني
وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ
الجلسات الوطنية للسينما: بللو يبرز دور الدولة في ترقية المشهد الثقافي
ريان قلي يجدد عقده مع كوينز بارك رانجرز الإنجليزي
بلومي يباشر عملية التأهيل ويقترب من العودة إلى الملاعب
بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج
رقمنة 90 % من ملفات المرضى
المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة
كيف تستعد لرمضان من رجب؟
ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك
نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل
انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
الشِّعْرُ لِحِوَارٍ بَيْنَ الحَضَارَاتِ - الجزء الأخير
مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة*
للموضوع مراجع
نشر في
الأيام الجزائرية
يوم 07 - 11 - 2009
الشِّعْرُ الْيَوْمَ أَكْثَرُ انْفِتَاحًا وَسَعْيًا لِتَأْصِيلِ التَّفَاعُلِ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهُ النُّوَاةُ الدَّقِيقَةُ وَالصِّحِّيَّةُ لِلْحَدَاثَةِ، تَسْتَدْعِي بِالضَّرُورَةِ اسْتِنْطَاقَ الْخِطَابِ الشِّعْرِي مِنْ دَاخِلِهِ، وَالَّذِي يَسْتَتْبِعُ مَنَاهِجَ جَدِيدَةٍ لِخِطَابٍ شِعْرِيٍّ عَرَبِيٍّ حَدِيثٍ بِكُلِّ مُكَوِّنَاتِهِ الثَّقَافِيَّةِ، يَتَّسِمُ بِالْحَدَاثَةِ مَنْهَجًا وَأُسْلُوبًا، وَلَيْسَ زَمَنًا مَفْتُوحًا عَلَى بَقِيَّةِ الثَّقَافَاتِ وَالْحَضَارَاتِ المُتَكَامِلَةِ مَعْرِفِيًّا مَعَ الذَّاكِرَةِ الْكَوْنِيَّةِ، مِنْ خِلاَلِ التَّلاَقُحِ الْيَوْمِي، وَهذَا لاَ يَتَعَارَضُ مَعَ الْخُصُوصِيَّةِ، وَاعْتِزَازِنَا بِثَقَافَاتِنَا وَتُرَاثِنَا، فَنُغَيِّرُ وَنَتَغَيَّرُ، وَنُؤَثِّرُ وَنَتَأَثَّرُ، خُصُوصًا الآنَ، فِي عَالَمٍ يُرِيدُ لَنَا أَنْ نُصَنَّفَ كَدُعَاةِ انْغِلاَقٍ وَمُنَاصِرِي إِرْهَابٍ.
مِنَ الصَّعْبِ تَكْوِينُ الذَّاكِرَةِ الشِّعْرِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ بَعِيدًا عَنِ الْقَلَقِ المَعْرِفِي وَالصِّرَاعَاتِ الْفِكْرِيَّةِ الْحَاصِلَةِ، كَوْنُهَا تَجْتَهِدُ لِتُقَدِّمَ تَوَاصُلاً جَدِيدًا مُخَالِفًا، وَمُكَمِّلاً لِلْحَدَاثَاتِ المُحَايِثَةِ لَهَا، حَيْثُ "الشِّعْرُ لُغَةٌ عَالَمِيَّةٌ، سِحْرِيٌّ لِكُلِّ الأَزْمِنَةِ، يَقُودُنَا إِلَى مَا هُوَ أَبْعَدُ"، كَمَا يَقُولُ الشَّاعِرُ بُودْلِيرْ، ضَمِيرُ فَرَنْسَا الشِّعْرِي.
حِينَ تَبْلُغُ أَيَّةُ أُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ دَرَجَةً كَافِيَةً مِنَ التَّقَدُّمِ، بِحَيْثُ يُصْبِحُ لِحَرْفِهَا مُخْتَلَفُ الإِيحَاءَاتِ الْحِسِّيَّةِ وَالْعَاطِفِيَّةِ، يَلْتَقِطُهَا الشَّاعِرُ وَيَنْظُمُهَا بِإِيقَاعٍ وَبِنَاءٍ لمؤرخ لقطة بعد لقطة ولفظة لفظة، وَهذَا الشِّعْرُ، بِكُلِّ أَزْمِنَتِهِ، لُغَةٌ كَوْنِيَّةٌ جَدِيدَةٌ مُبْتَكَرَةٌ، غَيْرُ مُنْحَازَةٍ إلاَّ لِعَدَالَةِ مَنْهَجِهَا، لاَ تَنَاقُضَ صِدَامِيّ، وَلاَ تَنَازُلاَتٍ تُغَيِّرُ مَلاَحِمَ النُّشُوءِ وَلاَ جُوعَ وَلاَ طُغْيَانَ، بَلْ تَلاَقُحٌ وَتَوَاصُلٌ وَتَكَامُلٌ بِاعْتِبَارَاتِهِ نِظَامًا مُتَمَيِّزًا، وَالشِّعْرِيَّةُ شَاهِدٌ أَوَّلُ لِلتَّفْكِيرِ بِاللُّغَةِ، تَمْتَلِكُ مَقْدِرَةً عَلَى التَّهْذِيبِ وَالتَّقَارُبِ، وَتَجَاوُزِ عَرْقَلَةِ بِنَاءِ الْقَوْلِ مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى قِيمَةِ مَا هُوَ طَرِيقَةُ التَّعْبِيرِ بِوَصْفِهِ كَائِنٌ فَرْدٌ، وَهَيْئَةٌ، وَمُوَلِّدُ مُثُلٍ عُلْيَا، وَكُلُّهَا أَسْبَابٌ مُمْكِنَةٌ تَنْقُلُ أَفْكَارًا خَاصَّةً مِنْ رَائِدٍ اجْتِمَاعِيٍّ (المُبْدِع) يُرْسِلُهَا إِلَى آخَرِينَ بِغَايَةِ التَّأَثُّرِ عَبْرَ الإِبْدَاعِ، وَيُعْطِي فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ الإِطَارَ الاجْتِمَاعِيَّ لِحِوَارٍ يَكُونُ الإِنْسَانُ مَدَارَهُ وَقَضَايَا حَرَاكِهِ.
الشِّعْرُ، كَحَامِلٍ وَتَوَاصُلٍ حَضَارِيٍّ يَفْتَرِضُ وُجُودَ تَعَدُّدِيَّةٍ نَوْعِيَّةٍ وَكَوْنِيَّةٍ، تَتَمَثَّلُ بِكُلِّ مُتَكَلِّمٍ وُجُودَ آخَرٍ يَتَوَجَّهُ إِلِيْهِ مَهْمَا تَكُنْ هُوِيَّتُهُ أَوْ سِمَاتُهُ وَنَمَطِيَّتِهِ، لأَنَّ الشِّعْرَ إِحْسَاسٌ جَمْعِيٌّ مُتَّقِدٌ وَمُتَدَاوَلٌ.
نَحْتَاجُ المُوسِيقَى الْكَوْنِيَّةَ لِتَنَاغُمِ الشِّعْرِ كَتَوَاصُلٍ أَبْعَدَ مِنْ حُدُودِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تُعَبِّرُ عَنْ الدَّهْشَةِ بِلُغَةٍ مَحْسُوسَةٍ نَقْلاً لِفِعْلٍ أَوْ حَدَثٍ، أَمَّا جَوْهَرُ المَعْنَى، فَبِأَطْيَافِهِ غَيْرِ المَحْدُودَةِ لِحَيَوِيَّتِهِ مِنْ خِلاَلِ التَّبَادُلِ وَالمُحَاوَرَةِ. هذَا هُوَ، عُمُومًا، الإِطَارُ العَامُّ لِلشِّعْرِ بِتَعَافِيهِ النَّفْسِيِ وَسَيْرُورَتِهِ التَّارِيخِيَّةِ مِنْ تَفَاعُلِ الإِنْسَانِ بِالْكَوْنِ ونَجَاحِهِ فِي صِيَاغَاتِهَا الْخَلاَّقَةِ. هذِهِ التَّحَوُّلاَتُ جَاءَتْ مِنْ كَمٍّ زَمَنِيٍّ انْمَازَ بِتَحَوُّلاَتٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ عَامَّةٍ وَسِيَاسِيَّةٍ، مُفْسِحةٍ المَجَالَ لِتَجْدِيدِ البُنْيَةِ الْخَطَابِيَّةِ الْوَظِيفِيَّةِ لِلشِّعْرِ، مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ مُنَاظَرَةٌ لِلْحَيَاةِ نَفْسِهَا.
خُصُوصِيَّةُ الشِّعْرِ الْعَرَبِيِّ، إِذَا كَانَتْ كَوْنِيَّةُ الشِّعْرِ إِنْسَانِيَّةً شُمُولِيَّةً، جَاءَتْ عَلَى نَمَطٍ مُوسِيقِيٍّ مَفْهُومٍ عَالَمِيًّا كَلُغَةٍ وَرَاءَ، أَوْ فَوْقَ مَنْطُوقَةٍ، يَتَبَادَلُ الصَّدَى وَالإِيقَاعُ بِالْحَرَاكِ، وَيُمَثِّلُ قَضِيَّةً كَوْنِيَّةً مِنْ رُؤْيَةٍ فَرْدِيَّةٍ. هذَا هَاجِسُ حِوَارِ الْحَضَارَاتِ تَحْدِيدًا، مَرْكَزُهَا الشَّاعِرُ، مَعَ دَاعِمَاتٍ تَتَمَثَّلُ فِي التَّوَاصُلِ مَعَ الآتِي مِنَ الآخَرِ مَطْبُوعًا أَوْ مَرْئِيًّا بِشَكْلٍ حَيَوِيٍّ، وَتِلْكَ مَعَايِيرُ الْحَدَاثَةِ بِشَكْلٍ مَا، وَقَدْ تَأَسَّسَتْ عَلَى مُخْتَلَفِ التَّجَارُبِ الْكَوْنِيَّةِ لِلْمُغَامَرَةِ الشِّعْرِيَّةِ الإِبْدَاعِيَّةِ. مِنْ هُنَا الْقَوْلُ: إِنَّ الْحَدَاثَةَ بِالمَعْنَى المُطْلَقِ لاَ يُمْكِنُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ غِذَاءً مُنْعِشًا لِرُوحِ المُبْدِعِ. مِنَ المُسَلَّمِ بِهِ أَنَّ الشِّعْرِيَّةَ الْعَرَبِيَّةَ تُعَانِي، وَلاَ تَتَمَكَّنُ، أَحْيَانًا، مِنْ مُحَايَثَةِ الْكَثِيرِ مِنْ مُتَغَيِّرَاتِ الْحَدَاثَةِ وَتَطْبِيقَاتِهَا خَوْفًا مِنْ إِرْبَاكِ التَّعَاطِي مَعَ مَظَنَّةِ التَّأْوِيلِ، وَالتَّقَوْقُعِ، وَالتَّكْرَارِ. إِنَّهَا تَخْضَعُ لِلإيْدُولُوجْيَا المُصَدَّرَةِ عَالَمِيًّا إِلَيْهَا كَظَاهِرَةٍ لِلتَّجَاذُبِ الْحَدَاثِي، وَهذَا يُخَالِفُ رُوحَ المَعْنَى الْحَدَاثَوِي، حَيْثُ هِيَ فِي مُجْمَلِ دِينَامِيَّتِهَا أَبْعَدُ مَا تَكُونُ عَنِ التَّمَاهِي بِاِلإيْدُولُوجْيَا. الأَصْلُ أَنْ يَكُونَ الشِّعْرُ مَعَ الْحَدَاثَةِ وَالتَّطْوِيرِ بَعِيدًا عَنْ كُلِّ مَنْهَجٍ يَجْنَحُ إِلَى تَأْطِيرِ تَبْشِيرِهَا أَوْ تَكْرَارِ مَقُولاَتِهَا، بِحَيْثُ تُلْغِي التَّفَرُّدَ وَالنَّكْهَةَ الذَّاتِيَّةَ كَلُغَةٍ عَالِيَةِ التَّوَاصُلِ وَعَالَمِيَّةِ المَنْهَجِ، تُعِيدُ التَّرْكِيزَ عَلَى الاتِّصَالِ المُبَاشِرِ بِالآخَرِ عَبْرَ النَّصِّ، مِنْ خِلاَلِ عَمَلِيَّتَيِّ الإِرْسَالِ وَالتَّلَقِّي مَا يَسْتَدْعِي جُمْلَةَ شُرُوطٍ مِنْهَا:
- إِذَا اعْتُبِرَ الْخِطَابُ الشِعْرِيُّ تَعْبِيرًا عَنْ وَعْيِ أُمَّةٍ مِنَ الأَمَمِ، فَإِنَّ كُلَّ وَعْيٍ هُوَ وَعْيٌ شِعْرِيٌّ بِلُغَةِ عَصْرِهِ.
- قِرَاءَةُ أَيِّ فِكْرٍ لِشَعْبٍ مِنَ الشُّعُوبِ لاَ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مُحَايِدَةً، بَلْ هُوَ رَغْبَةٌ فِي الاكْتِشَافِ وَإِعَادَةِ إِنْتَاجِ الْوَعْيِ.
- النَّصُّ الشِّعْرِيُّ لَهُ مُسْتَوَيَانِ مِنَ الْقِرَاءَةِ؛ أُمَمِيٌّ وَذَاتِيٌّ مُتَعَدِّدُ الْقِرَاءَاتِ.
- المَزِيدُ مِنَ التَّرْكِيزِ عَلَى الاتِّصَالِ النَّصِّيِّ، وَتَفْعِيلُ المُنَاقَشَاتِ المُتَعَلِّقَةِ بِكَيْفِيَّةِ التَّذَوُّقِ وَالاسْتِيعَابِ.
- التَّرْكِيزُ عَلَى التَّرْبِيَةِ الْجَمَالِيَّةِ لِلُّغَةِ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ الْكَلاَمَ تَعْبِيرٌ مُطْلَقٌ مُطِلٌّ عَلَى المُتَغَيِّرَاتِ الْعِلْمِيَّةِ وَالتِّقَنِيَّةِ الاتِّصَالِيَّةِ.
- التَّحْدِيثُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُسْقَطًا مِنْ خَارِجِ الظَّاهِرَةِ الشِّعْرِيَّةِ، إِنَّمَا هُوَ تَوْصِيفٌ شِعْرِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ الشِّعْرَ ضَمِيرُ الإِبْدَاعِ بِشَتَّى مُسْتَوَيَاتِهِ ذَاتِ الْبُعْدُ الأَخْلاَقِي المَفْتُوحِ عَلَى أَمْنِ الآخَرِ، وَخَيْرِ الْكُلِّ، دُونَ تَصَوُّرٍ نِهَائِيٍّ جَاهِزٍ، أَوْ مَنْطُوقٍ مَفْرُوضٍ مِنْ خَارِجِ الظَّاهِرَةِ ذَاتِهَا.
- الْعَمَلُ عَلَى انْفِتَاحِ المَوْضُوعِي المُوَازِي لِتَرْجَمَةِ إِبدَاعَاتِنَا، عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهُ عَصْرُ الْعَوْلَمَةِ، لِتَرْجَمَةِ الاتِّصَالِ وَالمُثَاقَفَةِ الَّذِي يَحْمِلُ اخْتِلاَفًا جَدَلِيًّا صِحِّيًّا فِي حَيَاةِ الْبَشَرِ، وَزَوَالِ الْحُدُودِ عَبْرَ الاتِّصَالِ الرَّقَمِيِّ، وَالشَّبَكَاتِ الْعَنْكَبُوتِيَّةِ.
الصُّورَةُ الشِّعْرِيَّةُ، بَدْءًا مِنَ المُخَيَّلَةِ، مُلْتَبِسَةٌ بِشَكْلِ التَّوْصِيلِ وَالتَّدَاخُلِ كَحَقِيقَةٍ افْتِرَاضِيَّةٍ، ضِمْنَ مَنْظُومَةٍ يَسْتَهْلِكُهَا الإِنْسَانُ المُعَاصِرُ خَارِجَ سِيَاقِ إِنْتَاجِهَا بِمَعْزِلٍ عَنْ وِجْهَةِ وَمَوْقِفِ الَّذِي أَنْتَجَهَا، وَهِيَ بِهذَا المَعْنَى، لاَ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ حِيَادِيَّةً مَهْمَا فَرَضَتْ مِنْ وَهْمِ التَّطَابُقِ الحَرْفِيِّ مَعَ الوَاقِعِ، وَهذَا يَجْعَلُ مِنَ الصَّعْبِ الاحْتِفَاظَ بِذَاكِرَةٍ قَادِرَةٍ عَلَى تَكْثِيفِهَا وَتَحْلِيلِهَا، مِنْ أَجْلِ إِعَادَةِ إِنْتَاجِهَا، وَتَحْدِيدِ مَوْقِفٍ نَقْدِيٍّ مِنْهَا، وَفِي ذلِكَ إِضَاءَةٌ مُهِمَّةٌ لِحَقِيقَةِ الاغْتِرَابِ الحَاصِلِ بَيْنَ المُثَقَّفِ فِي العَالَمِ الثَّالِثِ مَعَ الشَّرْطِ الثَّقَافِيِّ الكَوْنِيِّ، الَّذِي يَحْتَفِي بِهِ صُنَّاعُ الثَّقَافَةِ الغَرْبِيِّينَ، وَيُصَدِّرُونَهُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ نِهَائِيٌّ قَادِرٌ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْ حَقَائِقَ كَوْنِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ وَمُنْجَزَةِ القِيمَةِ، إِنَّمَا الأَدَبُ عُمُومًا كَفَاعِلِيَّةٍ، وَالشِّعْرُ بِالذَّاتِ، يُظْهِرُ الخُصُوصِيَّةَ الثَّقَافِيَّةَ لِلْمُبْدِعِ، مِنْ حَيْثُ اقْتِرَابِهِ أَوِ اغْتِرَابِهِ عَنْ ثَقَافَةِ وَجَمَالِيَّاتِ مَا بَعْدَ الحَدَاثَةِ المُسَيْطِرَةِ، بِفِعْلِ وَسَائِلِ الاتِّصَالِ الحَدِيثَةِ، وَمِنْ هُنَا، فَمِنَ المُفِيدِ وَالضَّرُورِيِّ الاهْتِمَامُ بِالقِرَاءَةِ التَّطْبِيقِيَّةِ لآدَابِنَا، لِخَلْقِ رُؤًى عَرَبِيَّةٍ، لاَ رُؤْيَةٍ وَاحِدَةٍ، هِيَ مُعَادَلَةٌ صَعْبَةٌ لَدَى الطَّرَفَينِ غَرْبًا وَشَرْقًا.
اليَوْمَ الغَرْبُ عُمُومًا، يَتَطَلَّعُ إِلَى مَعْرِفَةِ العَرَبِ وَالعَالَمِ العَرَبِيِّ، وَهُنَا الأَدَبُ قَدْ يُوَفِّرُ وَصْفًا أَكْثَرَ دِقَّةً وَعُمْقًا مِنْ كُتُبِ التَّارِيخِ وَالسِّيَاسَةِ، لكِنَّ المُشْكِلَةَ تَكْمُنُ فِي تَحْيِيدِ البُعْدِ الإِبْدَاعِيِّ العَرَبِيِّ الخَلاَّقِ، وَالَّذِي يُسَاهِمُ بِشَكْلٍ حَقِيقِيٍّ فِي الأَعْمَالِ الكِلاَسِيكِيَّةِ الَّتِي أَنْتَجَتْهَا البَشَرِيَّةُ، وَالتَرْكِيزُ عَلَى مَا يُنَاسِبُ البَعْضَ مِمَّنْ يُرِيدُ إِظْهَارَ العَرَبِ كَمُحْتَرِفِي عُنْفٍ، وَهُنَا يَكْمُنُ الدَّوْرُ الخَلاَّقُ لِلشِّعْرِ كَحِرْفَةٍ عَالِيَةٍ مِنَ التَّوْصِيلِ الإِبْدَاعِيِّ، تَشْرَحُ مَوْرُوثَنَا وَفِكْرَتَنَا حَوْلَ الأَنَا وَالآخَرِ. بِبَسَاطَةٍ يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ: إِنَّ المَوْقِعَ الَّذِي طَوَّرَ العَرَبُ أَنْفُسَهُمْ فِيهِ لِلِّحَاقِ بِالحَدَاثَةِ، وَمَا بَعْدَ الحَدَاثَةِ، هُوَ الحَيِّزُ المَعْنِيُّ بِالآدَابِ وَالفُنُونِ، الَّتِي نَجِدُ فِيهَا مَلاَمِحَ حَدَاثِيَّةً، وَمَا بَعْدَ حَدَاثِيَّةٍ، عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ مَفْهُومَ "مَا بَعْدَ حَدَاثِيٍّ"، هُوَ تَجَاوُرُ المُتَنَاقِضَاتِ، بِتَحَوُّلِهِ مِنْ مَقُولاَتِ الاتِّهَامَاتِ وَالنَّفْيِ المُتَبَادَلِ إِلَى الإِيجَابِيَّةِ بِمَدْلُولاَتِهَا كَحِوَارٍ مَفْتُوحٍ بَحْثًا عَنْ مَخْرَجٍ يُحَقِّقُ المُعَادَلَةَ الكَوْنِيَّةَ، لِضَرُورَةِ التَّوَاصُلِ، مَعَ الحِفَاظِ عَلَى الخُصُوصِيَّةِ، وَثَوَابِتِ الهُوُيَّةِ الشِّعْرِيَّةِ وَالتُّرَاثِ.
لِنَتْرُكَ الإِبْدَاعَ يَتَوَهَّجُ مِنَ الدَّاخِلِ دُونَ إِمْلاَءَاتٍ، فَهُوَ سَوْفَ يَتَفَوَّقُ عَلَى ذَاتِهِ بِاتِّجَاهِ التَّجْرِبَةِ الحُرَّةِ الحَيَّةِ ذَاتِ الإِشْعَاعِ الكُلِّيِّ لِلتَّعْبِيرِ وَالمُجْتَمَعِ وَالكَوْنِ، وَهُنَا الشِّعْرِيَّةُ العَرَبِيَّةُ لَيْسَتْ بِمَعْزِلٍ عَنِ الإِبْدَاعِ الإِنْسَانِيِّ، بَلْ فِي خِضَمِّهِ كَتَوَاصُلٍ حَسَّاسٍ، وَحَامِلٍ لِمَشْرُوعِ المُغَايَرَةِ وَالتَّقَارُبِ المُعَاصِرِ، عَكَسَ دَوْرَ السِّيَاسَاتِ الَّتِي أَثْبَتَتْ فَشَلَ مَشْرُوعِهَا التَّضَامُنِيِّ. هُوَ دَوْرُ المَشْرُوعِ الثَّقَافِيِّ عُمُومًا، وَالشِّعْرِيِّ خُصُوصًا، وَهُوَ دَعْوَةٌ لأَنْ تَكُونَ الشِّعْرِيَّةُ وُجُودًا مُتَمَاسِكًا فَعَّالاً، لَهُ نَكْهَةٌ وَمِزَاجٌ مُمَيَّزٌ مَشْرُوطٌ بِبَدَاهَةِ الإِبْدَاعِ وَتَسَامِي تَجْرِبَتِهِ، لاَ لِكَيْ يُؤَبِّدَ لَحْظَتَهُ عَلَى الأَْرْضِ، أَوْ يَسْتَعِيدَ خَيْطَ الرُّوحِ المَقْطُوعِ فَقَطْ، بَلْ يُحَاوِلُ أَكْثَرَ مِنْ هذَا حِينَ يَتَوَحَّدُ فِي صُوَرِ المَاضِي وَالحَاضِرِ وَالمُسْتَقْبَلِ وَأَسْئِلَةِ الكَوْنِ، مَا يَجْعَلُ كُلَّ نَصٍّ شِعْرِيٍّ عَالَمًا حَقِيقِيًّا مُحَمَّلاً بِلَحْظَةِ التَّكْثِيفِ، وَبُؤْرَةَ تَوَتُّرٍ مَشْحُونَةً بِالحَيَاةِ وَهَوَاجِسِهَا الَّتِي تُكَمِّلُ اخْتِلاَفَ الشِّعْرِ نَوْعِيًّا عَمَّا سَبَقَ، فَالعَلاَقَةُ هُنَا مَعْ لُغَةِ الإحْسَاسِ وَلُغَةِ التَّعْبِيرِ تَجَاوُبًا مَعْ طَبِيعَةِ الحَيَاةِ المُتَجَدِّدَةِ الَّتِي يَخُوضُهَا الشِّعْرُ وَالعَالَمُ حَالِيًّا، وَالمُسْتَقْبَلِيَّةِ الَّتِي يَتَهَيَّأُ لَهَا، لِصَالِحِ الإِبْدَاعِ وَالسَّلاَمِ الكَوْنِيِّ فِي الاكْتِشَافِ، وَإِعَادَةِ إِنْتَاجِ الوَعْيِ وَالسَّلاَمِ الكُلِّيِّ.
*شاعر وكاتب ومترجم من
فلسطين
هذا البريد محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
الشعر العربي تستهويه قضايا الجسد أكثر مما تستهويه قضايا الشعوب
جديد فاتح علاق.. في تحليل الخطاب الشعري
البنيوية والأسلوبية والسيميائية
إعلاميون وشعراء شاركوا في عكاظية الجزائر للشعر العربي
قصيدة تحت المجهر .. ''المسكوت عنه'' في قصيدة ''فيزياء'' للشاعر عبد القادر رابحي
أطياف الأدب الجزائري المعاصر 'بحديقة البدع'
أبلغ عن إشهار غير لائق