محمد الكيالي أجبره المرض والفقر على المكوث بين جدران غرفة واحدة متهالكة، هي منزله الذي يقيم فيه بمعية أسرته المكونة من زوجة و7 بنات وولد، أسماه جعفر، جاءه كما يقولون على عطش، بعد أن ذاق الأمرين. يقول سالم محمد دعدش (42 عاما) الذي يقطن في مخيم البقعة "إن إصابته بمرض السكري، ألزمته الجلوس في هذا المنزل الذي لا تتوافر فيه أدنى مقومات العيش". ولا يتمكن أبو جعفر الذي يعاني من بتر في ثلاثة أصابع من رجله اليسرى، ورمد ربيعي وتقمِّع في القرنيات من تأمين العلاج لأطفاله الذين يعانون المرض نفسه، في وقت يتقاضى فيه معونة من لجنة البر والإحسان في المخيم، تصل إلى 15 دينارا شهريا، على حد تعبيره. أبو جعفر، يقول والحسرة والمرارة تطغيان على ملامحه "دخلت منذ عام مضى إلى المستشفى، فبترت ثلاثة من أصابع رجلي وجرى زراعة قرنية لعيني اليسرى، وما زلت بحاجة لمتابعة علاجي"، مشيرا إلى أن قلة "الحال والحيلة" تمنعه من تأمين المبالغ المطلوبة لمتابعة علاجه، من مرض السكري، وغيره من العلل. وأبو جعفر، فلسطيني من غزة، أي لا يملك رقما وطنيا، ومن ثم فإنه لا يملك تأمينا صحيا، يعينه على متابعة علاجه في المركز الوطني للسكري، وكذلك معالجة أبنائه الذين يعانون من عدة أمراض بصرية. ومنذ فترة، قامت دائرة الشؤون الفلسطينية في المخيم، بإعادة بناء الغرفة الوحيدة في المنزل، لتضم لها مطبخا آخر وحماما وفق شروط صحية محسنة، وفق أبو جعفر. ويشير إلى أن محسنين يقدمون له ولعائلته "بين الفترة والأخرى المساعدات، كما قامت محسنة في المخيم بتقديم مساعدة مالية لي، بحيث افتتحت دكانا صغيرا يعود ربحه لشراء حاجيات العائلة، والباقي لسد الدين للمحسنة"، ويأمل أبو جعفر الحصول على مساعدة مالية، يقوم من خلالها بعلاج أطفاله الذين يعانون من الرمد الربيعي وتقمّع في القرنيات، إذ إن ابنته الكبرى التي تبلغ (16 عاما) بحاجة إلى زراعة قرنية في العين اليمنى. يقول دعدش بعينين مغرورقتين "لا أطلب شيئا من الدنيا سوى تمكين أطفالي من تلقي العلاج اللازم لإكمال حياتهم بشكل طبيعي"، ويمنح صندوق المعونة الوطنية أبو جعفر، نحو 40 دينارا شهريا، منذ أفريل الماضي، كما أجرت لجان طبية تابعة لمديرية الصحة في مدينة السلط، فحصا له، أثبت أن نسبة عجزه تقدر بنحو 75%، وترزح عائلة دعدش تحت وطأة "الفاقة والفقر"، مترنحة بين المرض ونقص الأدوية للعلاج وقلة الحيلة و"القروش" التي من شأنها تمكين هذه الأسرة من تأمين حياة محتملة كباقي البشر لا أكثر ولا أقل كما يقول أبو جعفر.