يشكل موضوع "السماع الصوفي" أو ما يعرف في أوساط الصوفية ب"بالحضرة " محور نقاش خلال الملتقى الذي انطلقت أشغاله أول أمس بالأغواط من تنظيم جمعية "البارود الأغواطي" بحضور عدد من مشايخ الطرق الصوفية وأساتذة جامعيين وعدد من فرق الإنشاد الديني. يهدف ملتقى "السماع الصوفي -حسب المنظمين- إلى إعادة بعث التراث الإنشادي الديني باعتبار منطقة الأغواط واحدة من المدارس المشهورة في مجال اللحن الصوفي وكذا الاستفادة من خبرات بعض رجالات الصوفية المغاربيين والاطلاع على ما تحقق عندهم من أشواط في هذا المجال، إلى جانب العمل على إعداد مدوّنة للقصائد الصوفية بالمنطقة بمساهمة باحثين ومختصين، ويتناول الملتقى الذي تحتضنه دار الثقافة «التخي عبد الله بن كريو» لمدينة الأغواط وعلى مدار 4 أيام عدة محاور تتركز في مجملها حول تشريح واقع السماع الصوفي وسُبل الارتقاء بهذا النوع من الطقوس الصوفية من خلال دراسة نماذج لبعض التظاهرات السابقة، كما سيتطرق المشاركون ضمن المحاضرات المبرمجة والتي سيساهم فيها عدد من الأساتذة الجامعيين إلى عدة جوانب تتعلّق بظهور السماع الصوفي ومضامينه وتنوعه، وفي هذا الصدد ذكر الدكتور «الطاهر بريك» من جامعة الأغواط بأن السماع الصوفي يملك فضاءً خصبا في البلاد المغاربية، والانخراط فيه يتم بصفة تلقائية، مما أكسبه أنماطا وطبوعا متعددة، كونه يخاطب الروح وتلقّيه يتطلب بساطا صوفيا قائما على صفاء الظاهر والباطن، وأضاف الباحث أن أهمية السماع الصوفي تكمن في تلقين الأخلاق والمبادئ الدينية السامية وقدرته الخارقة على إيصال الرسائل الاجتماعية الهادفة، وهو ما يجعل من البحث عن السبل الناجعة لاستغلاله بصفة مثالية والتأسيس لممارسته وفق ما يتناسب مع التعاليم الإسلامية، بعيدا عن الطقوس الشاذة والشوائب الضارة أكثر من ضرورة، وتشهد هذه التظاهرة الدينية مشاركة عدة فرق مختصة في مجال الإنشاد الديني، من بينها فرقة "سيدي بوعلي" للمدائح والأذكار النبوية من تونس وفرقة "الزاوية" للمالوف والمدائح والأذكار، من الجماهيرية العربية الليبية، فضلا عن فرقة "الهلالية"، من غرداية و"إشراق بونة"، من ولاية عنابة وفرق أخرى تمثل مختلف الطرق الصوفية المتواجدة بالأغواط كالتيجانية والقادرية والطيبية، وبرمجت على هامش فعاليات هذا اللقاء الصوفي عدة نشاطات سياحية من بينها تنظيم جولات لفائدة المشاركين إلى مقر الزاوية التيجانية ب«عين ماضي» التي تزخر بتراث معماري وحمامات معدنية وتنظيم زيارة مماثلة إلى المنطقة السياحية "زلفانة" لغرداية، إضافة إلى إقامة أنشطة ثقافية أخرى متنوعة.