نكاد أن نكون البلد الوحيد في العالم الذي تتحوّل فيه النعمة إلى نقمة، فأمطار الخير تتحول عندنا إلى فيضانات وكوارث مثلما حدث ذات عام في باب الواد، والنفط جلب علينا خراب الفلاحة حسب الخطاب الشعبوي الذي يقزّم ثروات البلد وقدراته عندما يطالب الناس بالتوزيع العادل لها فيقال لنا إننا أكثر الشعوب كسلا وأن مستقبلنا مهدد لأننا نعتمد على النفط دون غيره، وكأنهم يقولون لنا اتركوا النفط فلا شأن لكم به لأنّه وهذه هي الحقيقة ثروة خاصة بفئة دون باقي شرائح المجتمع. في بلادنا تتحول المناسبات السعيدة إلى مصدر أزمات، وتتحول الوفرة إلى نقمة لأن الناس فقدوا ثقتهم في السلطات، ولم تعد الوعود التي يعلن عنها هنا وهناك تلقى القبول من طرف أبسط الناس ممن نعتقد أنه من السهل تمرير الخطاب السطحي الشعبوي عليهم. ومسألة الثقة هي المسألة كلها، إن صح التعبير، وهذا ما نراه اليوم مع التحضيرات الجارية للانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في التاسع والعشرين من الشهر القادم، هل تنظم السلطة انتخابات محلية لأننا بحاجة إلى خلفاء لمن ستنتهي عهدتهم الانتخابية أم لأنها امتداد لمسار من الإصلاحات السياسية الضرورية بناء على قانون الانتخابات والبلدية الجديدين؟ الوضع لايزال قائما كما كان حيث لايزال "المير" بلا صلاحيات ولا تزال سلطة الإدارة هي المسألة كلها، ولا تزال مخاوف التزوير قائمة، لذلك اكتشفنا بكل موضوعية أن حكاية الإصلاحات كانت من أجل واجهة السلطة أمام الخارج وليس من عمق النوايا السياسية في إصلاح الوضع المتردي للجماعات المحلية في بلادنا، حيث البلديات وكر للفساد وتبديد المال العام والغش في المشاريع وارتكاب كل الموبقات.. لدرجة أن الترشح ضمن قوائم حزب له حظوظ الفوز وفق قانون الانتخابات الحالي غير العادل أصلا هذا الترشح اعتبره البعض فوزا في حد ذاته.