تحدث الأساتذة والباحثون المحاضرون الذين شاركوا في الملتقى الدولي “فلسفة البناء الحضاري عند مالك ابن نبي وفتح الله كولن.. نحو ترشيد الفكر والفعل” الذي افتتح أمس بالعاصمة، عن وجود تطابق كبير بين فكري الرجلين اللذين غاب أحدها ولا يزال الآخر التركي يواصل المسيرة بالدعوة إلى النهوض بالحضارة وركنية الدين في تأسيسها. وقال عميد جامعة الجزائر طاهر حجار في كلمته ألقاها في افتتاح أشغال الملتقى الذي نظمته جريدة “حراء” التركية بالتنسيق مع كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر، إن هذا اللقاء يعد فرصة للتعرف على فكري الرجلين و”لبنة أخرى تساهم في تحليل المنظور الفكري لكل من المنظرين”، وهو ما أكده مستشار رئيس الجمهورية محمد علي بوغازي، إذ رأى في كلمة بالمناسبة، أن حلم بن نبي وكولن كان واحدا، وهو الخروج بالأمة من التخلف والتبعية الغربية، مضيفا “ورغم أن الجغرافيا والتاريخ واللغة لم تجمعهما إلا أنهما اتفقا في إقرار حقيقة هي الوصول إلى طريق النهضة وبعثها من خلال الحقيقة الفكرية”. ومن جانبه، قال عميد كلية العلوم الإسلامية عمار مساعدي إن عقد المؤتمر في مثل هذا الوقت بالذات، أمر مناسب جدا بالنظر إلى ما يشهده المجتمع الدولي من صراع حضاري في جميع أبعاده. كما أنه فرصة لدراسة فلسفة المفكرين والوقوف على ما دعا إليه بن نبي وكولن من أجل بناء حضارة على أسس وقيم وفلسفة تلك الأمة التي قد تنهض أو تزول إذا ما انعدم العدل والأمن والكرامة والحرية، إلى جانب الصدق والشرف الذي لا يمكن أن يتأتى إلا إذا توفرت شروط منها معرفة مقومات النهضة ومساهمة الإسلام بجميع قيمه في ذلك. في السياق ذاته، دعا مستشار السفير التركي إلى ضرورة تكثيف جهود بلده والجزائر لتحقيق سلام يقف في وجه الانتهاكات التي طالت ولاتزال أشقاءنا في مختلف البلاد العربية، بينما توقف مستشار مجلة “حراء” مصطفى أزجار عند أهم سمات الشخصيتين محل النقاش، معتبرا أن مالك بن نبي رمز من رموز الفكر الإسلامي والبلاد العربية، وأن كولن كان واحدا ممن استفادوا من فكره إلى جانب فكر ونظريات كل من عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي ومحمد عبده، فتوصل كولن بذلك إلى أن “البطل ينهض من المكان الذي وقع فيه، فسعى بذلك إلى إنزال عنصر النبوة”. أما ممثل الوفد المشارك الدكتور عبد الحميد مذكور، فأثنى على مسعى وفلسفة ابن نبي، وقال إنه مفخرة مصر إذ نشأ فيها فكان لأبنائها أن تعلموا فكره الذي يغوص بالتحليل والنظرة الثاقبة في تاريخ الأمة، وهو الكلام الذي ينطبق على التركي فتح الله كولن. وأوضح أن كليهما “جندي في كتيبة الإسلام بالنظر إلى ما بذلاه لنهضة الأمة”. من ناحية أخرى، يناقش المؤتمر في دورته الرابعة عشرة، العديد من المحاور من بينها “تشخيص أزمة الحضارة عند مالك بن نبي وفتح الله كولن” و”أدوات التغيير الحضاري عند مالك بن نبي وفتح الله كولن” و”الحضارة والآخر في فكر مالك بن نبي وفتح الله كولن” و”المشروع الحضاري” لدى المفكرين، بينما يسجل اللقاء مشاركة نخبة من الباحثين الجزائريين وآخرين قدموا من الأردن ومصر واليمن وتركيا.