أكد وزير الشؤون الدينية و الأوقاف السيد بوعبد الله غلام الله اليوم الإثنين بتلمسان في إفتتاح الملتقى الدولي حول "مالك بن نبي استشراف المستقبل من شروط النهضة إلى شروط الميلاد الجديد" أن هذا المفكر الجزائري يعد "صاحب منهاج فكري مبتكر تجاوز عصره". و أوضح الوزير أن هذا المنهاج الذي يقوم على فهم عميق لروح الإسلام وشريعته ومقتضيات العصر وتناقضاته قد سمح لمالك بن نبي بأن يستشرف تغيرات كبرى في مسرح العالم مما جعل دراسته تكون أقرب إلى العلوم المستقبلية ومصطلحاته التي ابتكرها تعكس القدرة النادرة على الجمع بين الدقة والشمولية والعمق واستقلالية النظر وأصالة الفكر. كما أبرز السيد أبوعبد الله غلام الله أهداف هذا اللقاء الذي تنظمه وزارة الشؤون الدينية والأوقاف والمتمثلة أساسا في "مساءلة فكر مالك بنبي باعتباره صاحب فكر استشرافي ووضع أمامه إشكاليات نبحث لها عن حلول من أجل استخلاص المقترحات والحلول للإشكاليات التي نعاني منها كمسلمين في هذا العصر المتميز بضغوطاته وتحدياته والخروج برؤية واضحة عن مفهوم النهضة في فكر التجديد. و من جهة أخرى أشار الوزير إلى إشكاليات المجتمع الإسلامي التي يعاني منها حاليا والتي صنفها مالك بن نبي في دائرة "المستوى الإسلامي" الذي تأثر بالوضع الحضاري الراهن جعل المسلمين يعانون من الضعف والتخلف والشعور بالتيه رغم وفرة العدد وسعة الرقعة الجغرافية وتوفر المواد الأولية. و في هذا السياق أكد المتحدث أن هذا الوضع أفضى بالمسلمين إلى التشكك في دينهم وحملهم على الخوف منه فبعد أن كان الإسلام فوبيا مقصورا على الغربيين أصبح اليوم مرضا يعاني منه بعض المسلمين أنفسهم. و بعد تعريف العولمة بأنها تشكيل لملامح عالم جديد تغيب عنه كلية معالم خصوصيات الثقافة ومقومات الشخصية و الهوية لتحل محلها ثقافة عالمية موحدة هي الثقافة الغربية القائمة على فلسفة المبادئ الإستهلاكية و الانحلال الخلقي والاجتماعي و نبذ الدين' قدم الوزير بعض أراء مالك بن نبي الذي وصفه ب "فقيه الحضارة" و التي من خلالها يقدم شروط النهوض بالمسلمين ككيان حضاري متميز ويرسم في وقت ذاته الأسس التي تحقق البديل الصحي للحضارة الغربية عن طريق تجاوز الثنائيات المادة والروح العرق و الدين. و من جهته أكد المستشار برئاسة الجمهورية السيد محمد علي بوغازي أن "مالك بن بني كان عميقا في فكره بسيطا في حياته بعيد الرؤية سلط الضوء على جوانب غابت على الكثير من مفكري عصره خصوصا في ظل هيمنة غربية مضيفا أن واقع المسلمين المتردي قد شكل موضوع اهتمامات بن نبي فبحث في أسباب تخلف المسلمين وتقدم غيرهم حيث وصلت أفكاره إلى أن داء الأمة يمكن في عقل المسلمين الذي أصابه صدء فانقلب إلى عقل منبهر بما أنجزه الغرب أو عقل مستسلم اعتبر التخلف قدرا محتوما. وحسب السيد بوغازي فإن مالك بن نبي نفخ في روح الأمة فكرا جديدا بعد أن نبش في حالها وشخص أمراضها ودقق في دوائها ثم وصف العلاج كطبيب عبقري، أما رئيس المجلس الإسلامي الأعلى السيد شيخ بوعمران فقد قدم بالمناسبة شهادات حية عن مالك بن بني والدروس التي كان يقدمها للطلبة لبعث فيهم التجديد والابتعاد عن الاستكانة و الجمود. يذكر أن هذا الملتقى المنظم طيلة ثلاثة أيام في إطار تظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011" يعرف حضور باحثين وأساتذة من جامعات الجزائر وبعض البلدان العربية والأوروبية منها المغرب والمملكة العربية السعودية وسوريا ومصر ولبنان وفرنسا. و تخص المحاور المقترحة للنقاش "مداخل إلى فكر مالك بن نبي وحياته وأعماله" و"النهضة والميلاد الجديد" و"الرؤية المستقبلية عند بن نبي" و"المستقبل ومجتمعات المعرفة"، و على هامش الأشغال سينشط المشاركون سلسلة من المحاضرات عبر مساجد الولاية إضافة إلى تنظيم معرض لكتب مالك بن نبي ببهو قاعة المؤتمرات لجامعة تلمسان.