قال الرئيس المصري محمد مرسي إن الصلاحيات الموسعة والمطلقة التي منحها لنفسه قبل أيام هي إجراء “مؤقت” داعيا إلى “حوار ديمقراطي”، بينما تواصلت الاحتجاجات في قطاعات نقابية ومهنية واسعة وكذلك أيضا في الشارع حيث شهدت في أماكن عدة اشتباكات حصدت أول قتيل لها بعد مئات الجرحى. وفي اليوم الثالث للأزمة السياسية الناتجة عن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي الخميس الماضي وقضى بتوسيع صلاحياته وتحصين قراراته من أي مراجعة قضائية، اجتمعت الجمعيات العمومية للقضاة الغاضبين لاتخاذ قرارات بوقف العمل في المحاكم، بينما دعت نقابة الصحافيين إلى إضراب، في حين تواصلت الاشتباكات على الأرض بانتظار حلول اليوم، موعد التظاهرتين “المليونيتين” المتضادتين اللتين دعت إلى إحداهما المعارضة، ممثلة في 18 حزبا وحركة سياسية أكدت مشاركتها، وإلى الثانية الموالاة. وعلى الصعيد السياسي، أكد بيان لعدد كبير من الأحزاب والحركات المدنية- من بينها حزب الدستور “أسسه محمد البرادعي” والتيار الشعبي “حمدين صباحي”- مطالب المعارضة الثلاث وهي “إسقاط الإعلان غير الدستوري والديكتاتوري الذي أصدره الرئيس مرسي” و”إسقاط اللجنة التأسيسية لوضع الدستور” و”إقالة وزير الداخلية وإعادة هيكلة الداخلية”. واتهم البيان الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ب”التعنت وتجاهل مطالب القوي السياسية والوطنية واستمرار استخدام العنف والقوة المفرطة من قبل وزارة الداخلية ضد المعتصمين السلميين بميدان التحرير وإلقاء القبض عليهم”. وفي الأثناء، التقى الرئيس المصري أمس، بالمجلس الأعلى للقضاء لبحث تداعيات الإعلان الدستوري في وقت قال وزير العدل إن هناك إمكانية لحل مشكلة الإعلان الدستوري عبر إصدار مذكرة شارحة له. ومن المقرر أن يجتمع الرئيس اليوم بالمجلس الأعلى للقضاء بكامل هيئته لبحث تداعيات الإعلان الدستوري. وكان المجلس دعا مرسي لقصر الإعلان الدستوري على تحصين قراراته السيادية فقط، كما حث القضاة على استئناف عملهم وعدم الاستجابة لدعوة نادي القضاة للإضراب. وكانت الرئاسة جددت في بيان لها مساء أول أمس، على الطبيعة المؤقتة للإعلان الدستوري، ودعت إلى حوار مع القوى السياسية. كما أكدت الرئاسة ضرورة محاسبة المتورطين في قضايا جنائية أو فساد من رموز النظام السابق، أو خلال المرحلة الانتقالية. وفي تطور آخر، أكد البرادعي أنه يرفض أي حل وسط بشأن الإعلان الدستوري. وقال “لا لأي حل وسط” لهذه الأزمة، مضيفا “عشت طوال عمري أؤمن بأهمية الحوار وأعمل من أجل التوصل إلى حلول وسط للقضايا الدبلوماسية. لكن لا حلول وسط في المبادئ. إننا أمام رئيس يفرض علينا نظاما دكتاتوريا مستبدا فإذا ألغي الإعلان يمكن أن نجلس للبحث عن توافق لأننا في النهاية لابد أن نعيش معا”. من ناحية أخرى، يقضي الإعلان الدستوري بأنه لا يجوز الطعن أمام القضاء على كل قرارات الرئيس المصري سواء تلك التي اتخذها قبل صدوره أو تلك التي قد يتخذها خلال الأشهر المقبلة وأن هذه الحصانة تنتهي بانتخاب مجلس جديد لمجلس الشعب. كما ينص الإعلان الدستوري على عدم جواز حل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور أو مجلس الشورى (اللذين يهيمن عليهما الإسلاميون) من أي جهة قضائية في الوقت الذي تنظر المحكمة الدستورية العليا طعنا على تشكيلة الجمعية التأسيسية وعلى قرار الرئيس المصري بتشكيلها وينتظر أن تصدر قرارها في هذا الطعن الشهر المقبل.