توقع رئيس حركة النهضة الحاكمة في تونس راشد الغنوشي اقتراب “الربيع العربي” من قطر والكويت في أول إشارة له إلى حراك في دولة دعمته في استلام الحكم في تونس. وأشار الغنوشي في حوار تلفزيوني مصور مع صحيفة “الغارديان” بثته على موقعها الالكتروني؛ إلى حاجة الدوحة إلى إصلاحات قد تبدأ من داخل النظام. وتوقع أن يكون التغيير في قطر سليما ومن داخل النظام، مؤكدا أن الزمن تجاوز العائلة الحاكمة وأن التغيير سيطال الجميع في المنطقة برضا الحكام أو عدمه. واعتبر الغنوشي الذي يوصف ب”الليبرالي” عند التحدث إلى الصحافة الخارجية و”السلفي” عندما يكون في تونس، أن المنطقة العربية دخلت منطقة التغيير وأصبح من المستحيل تواصل ما كان قائما من حكم فردي أو عائلة محدودة. وأكد أن العالم العربي متشابه والمنطقة تجمعها ثقافة متشابهة، والشباب العربي يرى ما يحدث في بلدان أخرى، ولا يرى نفسه أقل شأنا من شباب هذه البلدان. وقال في الحوار الذي اختارت الصحيفة إن تبثه في شكل فيديوً على موقعها الإلكتروني “لا يمكن أن تبقى دولة عربية لا يشملها التغيير”. ويُشار إلى أن الغنوشي غالبا ما يتراجع عن تصريحات سابقة، بحجة أن وسائل الإعلام “حرفت أقواله، أو لم تنقلها بأمانة”. لكنه اعتبر أن التغيير لا يمكن أن يكون متشابها في كل البلدان “ففي ليبيا غير ما حدث في تونس وكذلك الحال في مصر وسوريا”، مضيفا “إن بعض الملكيات بدأت في التغيير من الداخل كما هو الحال في المغرب، النظام المغربي لديه قابلية للتغيير من داخله”. ووصف بعض الأنظمة بأنها متكلسة من الداخل، لا يمكن أن يحدث فيها التغيير إلا بالثورة المسلحة، لكنه عبر عن أمله في أن يكون التغيير سلمياً ومن داخل الأنظمة لأنه أقل كلفة. وتثير تصريحات الغنوشي الانطباع الشائع عن “الشيخ” بأنه حريص على تقديم نفسه للغرب ك”شخصية ليبرالية” وعلى تقديم نفسه داخل تونس بأنه “شخصية إسلامية” ذات مرجعية سلفية. ويجاهد الغنوشي الذي اهتزت صورته داخل تونس وخارجها منذ تولي النهضة الحكم إثر فوزها في انتخابات عام 2011، من أجل كسب “ثقة” دوائر القرار في لندن وواشنطن وباريس أكثر مما يعمل على تهدئة حالة الاحتقان التي تعيشها تونس. وسبق أن قال “إن العالم العربي يمر بمرحلة انتقالية تحتاج إلى أن تتولي الحكم ائتلافات تضم الاتجاهات الإسلامية والعلمانية”، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي المتفاقم على حركة النهضة الإسلامية. من ناحية أخرى، يرى المقربون من “رجل الدين الذي يمارس العمل السياسي” أن شخصية الغنوشي “سلفية بامتياز” تحاول تطويع الإسلام السياسي وتوظيفه من أجل الهيمنة على مؤسسات الدولة والمجتمع للوصول إلى بناء دولة دينية تقوم على مبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية في المجتمع. وسبق أن نفت حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس تصريحات نُسبت إلى رئيسها راشد الغنوشي حول دول الخليج العربي، كانت قد أثارت حفيظة مجلس التعاون لدول الخليج الذي سارع إلى رفضها واستنكارها. وقالت الحركة في بيان وزعه مكتب الغنوشي إنه قد “تم إخراج المعاني عن سياقها” فيما تناقلته بعض وسائل الإعلام من تصريحات الغنوشي حول الثورات العربية. وأوضح البيان أن الغنوشي “تحدث عما تشهده بعض البلدان العربية من ثورات مثل تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن في حين تحقق التغيير في المثال المغربي عبر الإصلاح وهو الأقرب إلى وضع دول الخليج العربي”. وشدد في هذا السياق على أن “التصريح لا يتضمن تدخلا في الشؤون الداخلية لأية دولة عربية ولا يقصد به ذلك”، رافضا في الوقت نفسه ما وصفه ب”أسلوب تشويه التصريحات لإفساد العلاقات وتحريف المواقف ويدعو الجميع إلى الحرص على الموضوعية والدقة في النقل”.