عاد والي ولاية غيليزان إلى إشعال فتيل فتنة الخمار واللحية في أوساط مواطني الولاية، الذين قصدوا مصالحه للحصول على بطاقات الهوية أو جوازات السفر ورخص السياقة، ليفاجأوا من جديد بذات التصرف الإداري ''الغريب'' الذي يلزم النساء بكشف رؤوسهن والرجال بحلق اللحى لقاء حصولهم على ما يردون من وثائق ثبوت هويتهم.ما جعل هؤلاء يلجأون إلى الرئيس بوتفليقة شخصيا، مناشدين إياه التدخل العاجل لفرض إلغاء التعليمة الإدارية التي تجبر النساء على نزع الخمار والرجال على حلق اللحى لقاء الحصول على بطاقات الهوية وجوازات السفر، إضافة إلى رخص السياقة. كما راسلت مجموعة من نساء غليزان رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وشيخ علماء الأمة الدكتور يوسف القرضاوي، مناشدين إياه التدخل لدى رئيس الجمهورية لحل هذه المعضلة، بعد أن فشلت جميع محاولاتهن السابقة بإيصال صوتهن مباشرة إلى الرئيس. وذكرت رسالة الغليزانيات أن توجههم للقرضاوي جاء لعلمهم بالمكانة الخاصة التي يحظى بها لدى الرئيس بوتفليقة، خاصة وأن العلاقة الطيبة التي تجمع بين الرئيس بوتفليقة والشيخ القرضاوي لم تبق محصورة في حدود أداء واجب زيارة المريض، عندما كان القرضاوي قبل أشهر مريضا في الجزائر جراء اضطرابات في المعدة، ولكن تجاوزتها إلى استشارة الرئيس للعلامة في أكثر من قضية ترتبط بالجانب الشرعي، على غرار النقاش الحاد والجدل الذي أثير حول قانون الأسرة حيث رفض بوتفليقة الإستجابة لمطالب التغريبيين وقال قولته المشهورة ''لا أريد أن ألقى الله وقد غيرت حكما من أحكامه''، ولعل هذا ما دفع بسكان غليزان إلى استثمار العلاقة المتينة بين الرجلين لقضاء حاجتهم. وكانت قضية إلزام نساء ولاية غليزان بتعرية الرأس ورجالهم بحلق اللحى لقاء حصولهم على الوثائق الإدارية، قد أثيرت في غير مرة من قبل وسائل الإعلام وذلك تفاعلا مع نفس المشكلة التي قرر سكان ولاية غليزان نقل انشغالهم فيها عبر وسائل الإعلام ومناشدتهم رئيس الجمهورية وقبل ذلك وزير الداخلية المسؤول الأول عن رؤساء الدوائر، لإنصافهم في المعاملة الإدارية على الأقل بغيرهم من الجزائريين في باقي ولايات الوطن ودوائره وبلدياته . كما أثيرت القضية في البرلمان الجزائري من خلال مساءلة شفوية وجهها بعض نواب الشعب لوزير الداخلية، الذي نفى وجود قانون يلزم الجزائريات بنزع الخمار، كما يلزم الجزائريين بحلق اللحى للحصول على جوازات السفر وبطاقات الهوية، غير أن زرهوني آنذاك وهو يتحدث أكد وجود تعليمة من وزير داخلية سابق أمر بذلك، ولكن دون أن يدافع زرهوني عن التعليمة أو يحاول إعادة بعثها من جديد. والتعليمة تتعلق بمزيان الشريف المسؤول الذي تولى وزارة الداخلية سنوات الأزمة، حين كان صوت الاستئصال مستحكما في دوائر السلطة، بحيث طبقت التعليمة في كافة ولايات ودوائر الوطن رغم أنها كانت عارية من أي مبرر يدعو إلى ذلك. إلا لكنوها جاءت انسجاما مع ما عرفته الجزائر من جو عام صاحبه التضييق على المظاهر الإسلامية خلال السنوات الأولى للأزمة الدموية التي عصفت بها، على غرار منع بث الأذان على القناة الوطنية. قبل أن يتبين للذين تبنوا هذا الاتجاه ودافعوا عنه بشراسة ضحالة وسذاجة هذا الطرح، خاصة بعدما ضبطت الجزائرعقارب ساعتها على ميقات الوئام المدني وبعده ميثاق السلم والمصالحة، وفضلا عن ذلك تحول الخمار واللحية في الجزائر إلى مظهر اجتماعي عار من كل ما كان لاصقا به تعسفا من معاني التميز الإديولوجي، خاصة بالنسبة للحجاب والخمار الأمر الذي جعل الوالي المنتدب لولاية غليزان يكون محل انتقادات لاذعة من قبل نواب الشعب وقطاع واسع من الطبقة السياسية في الجزائر بالنظر لتعسفه في استعمال تعليمة حتى وزير الداخلية ذاته لم يدافع عنها ولا تبناها.