رفض عبد العزيز بلخادم، رسميا، الاستقالة من منصبه كأمين عام لحزب جبهة التحرير الوطني، استجابة لرسالة الوزراء الثمانية الذين دعوه “إلى فسح الطريق أمام أمين عام جديد”. ونقلت مصادر مقربة من الرجل أنه صنف بيان وزراء الحزب في خانة “المواقف الشخصية”، التي لا ترقى لأن تكون “معبرة وناطقة باسم رئيس الجمهورية”، على الرغم من تمتع الموقعين عليها بالصفة الحكومية. وكان واضحا أن منسوب “القلق” قد ارتفع أكثر لدى عدد من إطارات وقيادات الحزب العتيد بعد التحاق خمسة وزراء (زياري، بن عيسى، خوذري، بن حمادي، مساهل) بزملائهم الثلاثة (تو، لوح، حراوبية) الذين سبقوهم الأسبوع الماضي إلى دعوة بلخادم إلى التنحي عن الأمانة العامة للحزب، وكان السؤال الذي لم يلق إجابة شافية يدور حول العلاقة “المفترضة” لهذا الموقف برئيس الجمهورية، الذي هو الرئيس الشرفي للحزب، والرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي الذي ينتمي إليه الوزراء.. ولعل ما زاد الصورة غموضا، هو ظهور الأمين العام عبد العزيز بلخادم بصورة “الهادئ” و”المطمئن” خلال لقائه عددا من نواب الحزب وأعضاء اللجنة المركزية أول أمس الخميس بمقر الحزب، حيث بدا الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، سابقا، واثقا من أن المبادرة الجديدة التي تستهدف رأسه “لا تعبر عن رغبة الرئيس الشرفي للحزب”. من جهة أخرى، بدأت قيادة الحزب سلسلة من الاتصالات مع أعضاء اللجنة المركزية في مختلف الولايات، ما يؤكد أن بلخادم يضع في حسابه إمكانية اللجوء، راغبا أو مكرها، إلى إعادة طرح مسألة الثقة في شخصه على أعضاء اللجنة المركزية عبر آلية الاقتراع السري وبطرح سؤال محدد: “هل أنتم مع بقاء السيد عبد العزيز بلخادم أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني؟”، على الرغم من أن أمناء محافظات الحزب المجتمعين الأسبوع الماضي، قد طالبوا الأمين العام بعدم إدراج مسألة الثقة تماما في جدول أعمال الدورة السادسة للجنة المركزية (31 جانفي- 1و2 فيفري)، لكن يبدو أن بلخادم يريد أن يضع “حسابا لكل شيء”، خاصة أن المعطيات الداخلية والوطنية قد تبدلت كثيرا منذ آخر دورة للجنة المركزية للحزب في منتصف جوان العام الماضي. إلياس/ل بلخادم أجّل الندوات بعد التشاور مع بعض أمناء المحافظات الداخلية لم تتلق أي طلب من الأفلان لعقد لقاءات جهوية علمت “البلاد” من مصادر بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، أن حزب جبهة التحرير الوطني لم يتقدم بأي طلب في الولايات لعقد الندوات الجهوية التي كانت مقررة قبل انعقاد دورة اللجنة المركزية المقبلة، مفندا أن تكون الداخلية قد اتخذت قرار منع عقدها كما تم الترويج له. وحسب المصدر نفسه، فإن وزارة الداخلية، لم تتلق عبر الولاة أي طلب لعقد لقاءات جهوية أو ولائية بإشراف من الأمين العام للأفلان عبد العزيز بلخادم، مضيفا أنه لا يمكن لوزارة الداخلية أن ترفض أو تقبل عقد مثل هذه اللقاءات إذا لم يكن هناك طلب. ويأتي هذا النفي بعد أن أدلى القيادي في الحركة التقويمية والوزير السابق، بوجمعة هيشور، بتصريحات إعلامية، ربط تأجيل بلخادم لهذه التجمعات إلى قرار من وزارة الداخلية التي أبلغت مصالح التنظيم على مستوى الولايات رفضها السماح بعقد أي تجمع عمومي لجبهة التحرير الوطني، في الوقت الحالي، لأسباب أمنية تتصل بحالة الانقسام التي يعرفها الحزب، وتجنبا لأي مشادات ومواجهات بين أنصار بلخادم ومناوئيه. ومن جهة أخرى علمت “البلاد” أن إلغاء الندوات الجهوية والندوة الوطنية التي كانت مقررة للمنتخبين، جاء في نفس اليوم الذي تم فيها برمجت هذه الندوات، حيث إن الأمين العام للأفلان عبد العزيز بلخادم، أجرى اتصالات مع أمناء المحافظات التي كان من المنتظر أن تحتضن هذه الندوات، ونصحه غالبيتهم بتأجيلها إلى ما بعد دورة اللجنة المركزية، وذلك تخوفا من حدوث اشتباكات عنيفة بين أنصار بلخادم ومعارضيه من “التقويمية” التي مباشرة بعد علمها برغبة بلخادم، في النزول إلى القواعد، شرعت في ربط اتصالات مع أتباعها لإفساد أي ندوة يشرف عليها الأمين العام، وهذا الطرح أكد عليه أبرز المعارضين الوزير السابق الهادي خالدي الذي جمدت عضويته في اللجنة المركزية خلال الدورة الثالثة، حيث أكد على هامش جلسة تنصيب أعضاء مجلس الأمة يوم الأربعاء المنصرم، أن الأمين العام للحزب عبد العزيز بلخادم عقد اجتماعا مع أعضاء المكتب السياسي وقرر التراجع عن النزول والرجوع إلى القواعد بسبب إيعاز المحافظين الولائيين له بعدم استعداد القواعد لعقد هكذا لقاءات قبل اجتماع اللجنة المركزية، وذكر خالدي أن هذا القرار دليل واضح على وجود شرخ واضح بين قواعد الحزب وهياكله المحلية، فيما لم يذكر خالدي وجود علاقة للداخلية بتأجيل الندوات الجهوية للأفلان.