لمناقشة تأثيرات قانون المالية التكميلي كشفت أمس، وسائل إعلامية فرنسية، أن بعثة فرنسية تضم في صفوفها رؤساء مؤسسات اقتصادية وتجارية ومنتخبين، تعتزم لقاء الرئيس بوتفليقة خلال الزيارة المرتقبة التي ستؤديها البعثة الفرنسية إلى الجزائر خلال الأيام القليلة المقبلة.وحسب ما كشف عنه جون كلود بودان رئيس بلدية مارسيليا، فإن زيارة الوفد تدرج في أجندتها، ''إجراء لقاء مع الرئيس بوتفليقة لمناشدته إضفاء نوع من المرونة في التعاملات التجارية الجزائرية الفرنسية. وذلك من دون التدخل في التدابير التي اتخذتها الحكومة الجزائرية''، إشارة إلى الإجراءات الجديدة التي تضمنها قانون المالية التكميلي لهذه السنة والتي لم تتردد وسائل إعلام فرنسية في وصف هذه الإجراءات بالكارثية على الاقتصاد الفرنسي، خاصة على مستوى مقاطعات الضواحي . من جهته، قال رئيس الغرفة التجارية والصناعية بمرسيليا جاك فيستر ''عندنا علاقات شراكة جيدة مع كل دول المغرب العربي وعندنا أحسن الاتفاقيات الممكنة مع الجزائر''. وأضاف المتحدث قائلا ''إن طبيعة العلاقات الفرنسية الجزائرية مغايرة لطبيعة العلاقات بين فرنسا والبلدان الأخرى أو بين الجزائر وغيرها'' وخلض فيسر إلى القول ''الجزائر زبون فرنسا بالأمس واليوم وغدا''. وقد اجتمعت أول أمس آن ماري ايدراك كاتبة الدولة الفرنسية للتجارة الخارجية مع البعثة المنتظرة في الجزائر لمناقشة الإجراءات الجديدة الواردة في قانون المالية التكميلي لسنة 2006، وخلص الاجتماع إلى تأكيد المسؤولة الفرنسية ''بأن بلادها ليس لها أن تصدر أحكاما على سياسة الحكومة الجزائرية''، مضيفة أمام أعضاء البعثة الفرنسية المرتقبة زيارتها للجزائر بأن مسعى الفرنسيين خال من معاني التدخل في السيادة الجزائرية''. وفيما ينتظر تأكيد الجزائر استقبال بوتفليقة لوفد البعثة الفرنسية، فإن وسائل الإعلام الفرنسية ما فتئت منذ المصادقة على قانون المالية التكميلي، تتحدث عن خسائر كبيرة تكبدتها التجارة الخارجية الفرنسية عموما والمؤسسات الفرنسية على وجه التحديد، خاصة على مستوى النقل البحري للبضائع وما يرافق ذلك من خدمات النقل والشحن التي كان ميناء مارسيليا يستحوذ القسط الأكبر منها، بحيث قدر حجم التراجع في تعاملاته بأكثر من % 40فيما تشكل التبادلات التجارية بين مارسيليا ومختلف الموانئ الجزائرية نسبة % 12من جملة التعاملات الفرنسية. وقد تراجع حجم البضائع المنقولة من 82ألف طن في شهر أوت من السنة الماضية إلى 40ألف طن في نفس الشهر من هذه السنة. وتأتي الزيارة المرتقبة خلال الأسبوعين المقبلين للبعثة الفرنسية بعد زيارة كاتب الدولة الأمريكي للتجارة الخارجية إلى الجزائر، تأكيدا لقوة الآفاق الجديدة التي أرستها العلاقات الجزائريةالأمريكية في مختلف الجوانب بما فيها الجانب الاقتصادي والتجاري. وليس خافيا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تبقى الدولة الأكثر إزعاجا لفرنسا في سباق العلاقات التجارية والاقتصادية مع الجزائر، وقد أكدت الأرقام في هذا الشأن أن حجم التبادلات التجارية بين الجزائروفرنسا قد سجل فترات تراجع أمام المنافس الأمريكي. ويرتقب أن يستغل بوتفليقة استقباله للبعثة الفرنسية إن حصل ذلك، ليضع النقاط السياسية وان كان على حروف اقتصادية وتجارية خاصة في ظل ما يميز العلاقة بين الجزائر وباريس من التشنج جراء الاعتداءات الفرنسية المتكررة تارة على مؤسسة الجيش وتارة على الذاكرة ومرة أخرى على غير ذلك.