باريس توافق على حذف الجزائريين من القائمة السوداء للمسافرين كشفت مصادر دبلوماسية فرنسية، بان باريس تعتزم حذف الجزائر من القائمة السوداء للمسافرين، وتضم القائمة أسماء 14 دولة منها الجزائر يتم إخضاع رعاياها لتفتيش دقيق بالمطارات والموانئ الفرنسية، وجاء القرار عقب الزيارة التي قام بها الشهر الفارط الكاتب العام للرئاسة الفرنسية إلى الجزائر، وأفيد بان باريس أعطت موافقتها المبدئية لمعالجة بعض الملفات العالقة على غرار مسالة الأرشيف المتعلق بالفترة الاستعمارية الذي تطالب به الجزائر منذ سنوات، وهي التفاهمات التي قد تعجل ببرمجة زيارات رسمية على اعلى مستوى بين البلدين يعتبر العديد من صناع القرار في باريس، بان الزيارة الأخيرة التي قام بها الأمين العام للاليزيه إلى الجزائر كلود غيون، شهر جوان الفارط بمثابة نقطة تحول في مسار العلاقات الجزائرية الفرنسية، وأبدت هذه الأوساط ارتياحها للاستقبال الذي حظي به مبعوث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، من قبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، واعتبروا الخطوة بمثابة بداية الطريق نحو انفراج العلاقات بين البلدين، والتي عرفت انسداد غير مسبوق، بحيث تم تعليق كل زيارات المسؤولين الفرنسيين إلى الجزائر، كما تم تعليق الزيارة التي كانت مبرمجة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى العاصمة الفرنسية وكان وزير الخارجية مراد مدلسي، قد ربط زيارة الرئيس بوتفليقة إلى باريس، بمعالجة الملفات العالقة بين البلدين، ومنها ملف أرشيف الفترة الاستعمارية الذي ترفض باريس تسليمه بشكل كامل إلى الجزائر، مؤكدا بان ملف التاريخ المشترك للبلدين لا يزال مطروحا على الطاولة، مشيرا إلى رفض الطرف الفرنسي تسليم الجزائر أرشيف الفترة الاستعمارية لا تزال على الطاولة واعترف بوجود عراقيل تحول دون معالجة الملف بسبب الموقف الفرنسي، رغم تأكيده بانه قدم طلبا إلى نظيره الفرنسي لتمكين الجزائر من استرجاع الأرشيف كاملا.إلى جانب ذلك، أشار الوزير إلى تماطل الطرف الفرنسي في تسوية ملف التجارب النووية التي قامت بها في الصحراء الجزائرية، وهو الملف الذي لم يعرف لحد الآن تقدما كبيرا بالرغم من تنصيب لجنة لهذا الغرض منذ الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الجزائر، مؤكدا بان الجزائر طلبت من الفرنسيين تحديد المناطق التي كانت مسرحا للتجارب النووية بغية منع المواطنين من الاقتراب منها، مشيرا بان اللجنة لم تحرز تقدما كبيرا في عملها، ما دفعه للمطالبة بتسريع الملف بغية التوصل إلى حلول عملية لوقاية السكان المتواجدين بالقرب من هذه المناطق من خطر الإشعاع النووي.وأكد الوزير، بان التأخر المسجل في كل هذه الملفات كان السبب وراء تأجيل زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، مشيرا إلى رغبة الجزائر هو تقوية التواجد الفرنسي في الاستثمارات خارج نطاق المحروقات، إضافة إلى العمل على تحسين ظروف عيش وتواجد أفراد الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا. وكشف الوزير في ذات الصدد بان مفاوضات جارية منذ سبعة أشهر بين البلدين لمراجعة اتفاقية الهجرة الموقعة في 1968.وتشير مصادر دبلوماسية في باريس، وفق ما نقلته مصادر إعلامية أمس بان بوادر الانفراج في العلاقات بين البلدين بدأت تتضح أكثر، خاصة يعد المباحثات التي جمعت مبعوث الرئيس الفرنسي مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو ما يعطي دبلوماسيون شعورا "باستئناف فعلي" للعلاقات الثنائية، وبخاصة في المجال الاقتصادي. وتشير المصادر ذاتها، بان باريس التزمت بمعالجة بعض القضايا التي طرحها الجانب الجزائري، بالمقابل تأمل باريس في تسوية بعض العراقيل التي تحول دون تجسيد عدة مشاريع استثمارية فرنسية بالجزائر. ويرى مراقبون أن تنقل الرئيس بوتفليقة شخصيا لحضور قمة فرنسا إفريقيا في مدينة نيس الفرنسية ومجيء الأمين العام للإليزيه كلود غيون بمعية المستشار الدبلوماسي للرئيس ساركوزي إلى الجزائر، قد أسست لمرحلة جديدة باتجاه معالجة الملفات الخلافية المطروحة على الطاولة بين الدولتين.وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي، فان الملف الاقتصادي كان من بين القضايا المطروحة خلال اللقاء بين رئيس الجمهورية والكاتب العام للرئاسة الفرنسية، وقالت المصادر ذاتها، أن كلود غيان تحدث مع بوتفليقة حول "المشاكل" التي تواجه بعض المستثمرين الفرنسيين للمجيء والاستقرار في الجزائر، وعلى تنفيذ مشاريعها التي بدأت بالفعل. ويتعلق الأمر بعرض شراء وحدتين لصناعة الزجاج بالجزائر من قبل الشركة الفرنسية "سان جوبان، وإقامة وحدة لإنتاج الحليب ومشتقاته من قبل شركة "بريتان الدولية"، إضافة إلى مشروع شراكة بين الشركة الفرنسية "كريستال يونيون" والمجمع الجزائري"لابيل" في مجال الصناعات الغذائية، إلى جانب مشاريع أخرى في قطاع التأمين والبنوك وغيرها في مجال الصناعات الصيدلانية وإنتاج الأدوية.كما تطرق المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى ملف بيع الأسلحة الفرنسية للجزائر، في محاولة منه لإعادة بعث المفاوضات التي تعطلت بشان إمكانية شراء الجيش الجزائري لعتاد عسكري فرنسي، بما في ذلك شراء فرقاطات من نوع "فرام"، وطائرات هيليكوبتر من نوع "يوروكوبتر". وأفيد بان الجزائر وضعت جملة من الاشتراطات مقابل "استئناف علاقات طبيعية مع باريس، ووضع حد لحالة الفتور وبعث دينامية حقيقية بين البلدين، بحيث جددت الجزائر طلبها من الجانب الفرنسي، إحراز تقدم في بعض الملفات على غرار تمكين الجزائر من استعادة الأرشيف الخاص بالفترة الاستعمارية، وتسوية نهائية لقضية الدبلوماسي الجزائري زيان حسنى، إضافة إلى تغطية شاملة للأضرار الناجمة عن التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية. وبحسب المصدر الدبلوماسي، فقد "أظهر الجانب الفرنسي، هذه المرة أكثر مرونة بشأن هذه المسائل".وأضافت المصادر ذاتها، بان باريس تنوي ترجمة رغبتها القوية في إعادة الدفء للعلاقات مع الجزائر بإعلانها قرار هام يتمثل في سحب الجزائر من القائمة السوداء التي وضعتها باريس، والتي يتم إخضاع رعاياها لتفتيش دقيق بالماسح الضوئي عبر كل مطاراتها.وكانت الجزائر قد هددت بفرض مبدأ المعاملة بالمثل للرد على القرار الذي اتخذته باريس بوضع الرعايا الجزائريين في قائمة الدول التي سيخضع مواطنوها لإجراءات مراقبة خاصة في نقاط الدخول والخروج للمجال الجوي، وقامت وزارة الخارجية آنذاك باستدعاء السفير الفرنسي في الخامس جانفي الماضي، وأبلغته موقف الجزائر الرافض لهذا الإجراء التمييزي ضد الجزائريين، كما وجه وزير الخارجية الجزائرية مراسلة إلى نظيره الفرنسي برنار كوشنار لتوضيح موقف الجزائر من القرار، وقال وزير الخارجية الجزائري حينها، بان السلطات الجزائرية تنتظر مراجعة القرار ومعالجة الملف دبلوماسيا، نافيا وجود أي رغبة لدى الجزائر للتصعيد وتفادي التضخيم الإعلامي الذي قد لا يساعد في تسوية الملف، مؤكدا بان الجزائر ستقوم بتقييم أثار الإجراء الذي فرضته باريس على الجزائريين .