كشفت مصادر مقربة من المرصد الوطني لمكافحة الفساد، عن تحويل أزيد من 300 ملف جديد يتعلق بالرشوة، على الجهات القضائية، من أصل 750 ملف جديد تم استقباله منذ بداية السنة إلى غاية شهر مارس الفارط، في حين تعكف الهيئة ذاتها، التي تم تأسيسها بغرض محاربة مختلف أشكال الممارسات المالية المشبوهة، على التحقيق في أزيد من ألفي ملف يتعلق بالرشوة، بناء على شكاوى تقدم بها مواطنون، وكان أغلبها عبارة عن رسائل مجهولة الهوية مدعومة ببعض الوثائق التي استعان بها أصحابها من أجل إثبات صحة المعلومات التي تضمنتها رسائلهم وشكاواهم. تشرع مصالح العدالة، على مستوى مجالس قضائية مختلفة عبر الوطن، في التحقيق في مجموعة من الملفات المتعلقة بالرشوة، بعدما ظلت هذه الملفات محل تمحيص وتدقيق على مستوى المرصد الوطني لمكافحة الفساد، الذي تؤكد العديد من المصادر لجريدة “البلاد"، أن مسؤولين يعكفون على النبش في ملفات جد حساسة تتصل بجانب تسيير صفقات مالية تقدر بالملايير، كانت قد أنجزت على مر الأشهر الأخيرة على مستوى العديد من المؤسسات العمومية، والخاصة وأيضا الأجنبية. وتكشف المصادر أن الملفات المعروضة لحد الساعة على هذه الهيئة، أكدت أن حجم الفساد الذي اخترق نسيج التعاملات المالية بالجزائر، قد بلغ أشده وتجاوز كل التوقعات، بعدما أضحت الأرقام الرسمية تؤكد أن الملفات التي تم عرضها على المرصد الوطني لمكافحة الفساد صارت تشارف 300 ملف، وهو رقم لا يعكس الوضع الحقيقي لهذه الأزمة حسب عديد المختصين، ولكنه مؤشر كاف لإعطاء لمحة بسيطة عن مدى تغلغل السلوكات المشبوهة التي غرقت فيها العديد من المؤسسات العمومية، علما أن جهات عديدة راحت تشكك في خلفيات السلطات العمومية في تكريس آليات محاربة الرشوة والفساد المالي، رغم التعهدات والضمانات التي جهر بها في وقت سابق الوزير الأول السابق أحمد أويحيى في العديد من المناسبات. وقبلها كان المسؤول ذاته قد انتقد بشكل مباشر بعض المنظمات الدولية، وقال إنها تتحامل على الجزائر بشكل مقصود على خلفية التقرير الذي نشرته المنظمة العالمية للشفافية، حيث وضعت الجزائر في المرتبة 105 في قائمة الدول التي تتعاطى بعض الممارسات غير المشروعة كالرشوة، وقال في هذا الصدد إن مثل هذه المنظمات عملت على تجاهل كل الإجراءات التي سهرت السلطات المركزية على تطبيقها لمحاربة شتى أشكال الفساد، واستطرد في السياق ذاته عدة أمثلة منها عدد القضايا المرفوعة ضد عديد المسؤولين على أكبر المؤسسات العمومية وكذا بعض المتابعات القضائية في حق منتخبين محليين بالإضافة إلى تلك الآليات القانونية التي يجري التحضير لها بغية وضع حد نهائي للفساد الاقتصادي الذي عرفته عدة مؤسسات كبرى في البلاد. وتطالب العديد من الأوساط السياسية في البلاد، بمراجعة عميقة للإطار التشريعي الموجود حاليا والموجه لمحاربة الفساد، بالنظر إلى الانتقادات الموجهة إليه، بحيث يرى بعض القانونيين أنه يبقى يعاني من قصور كبير في معالجة حجم الفساد المالي المستشري في بلادنا، رغم الترسانة القوية من القوانين التي سنتها الحكومة في ظرف الخمس سنوات الأخيرة