انفجر الوضع أمس على نحو غير معهود ببلدية بوقادير 22 كلم، غرب عاصمة ولاية الشلف، في أعقاب خروج عشرات المواطنين من قرى ومداشر كانت فقدت أعز أبنائها صباح الخميس الفارط، إثر وقوع أعنف حادث مرور تمثل في اصطدام قطار بمركبة نقل جماعي من نوع ''كارزان'' خلف الحادث آنذاك ثلاثة قتلى بينهم طالبان ثانويان و23 جريحا. وحسب معاينة ميدانية قامت بها ''البلاد'' صباح أمس إلى منطقة الزاوية وبالتحديد عند تقاطع خط السكة الحديدية وقرى الزاوية، الخلايف، السبيعات والحمايس، فإن ذات الحشود البشرية بينها ''عنصر تائب'' شرعت منذ الصباح الباكر في قطع الطريق الوطني رقم 4 الرابط بين بوقادير ووهران من خلال وضع المتاريس وجذوع الأشجار وأكوام الرمال إلى جانب تدعيم ذلك بمختلف أنواع الحجارة من الحجم الكبير، كما شلت الأرمادة المحتجة أيضا خط السكة الحديدية الذي يربط بين الجزائر العاصمة ووهران مرورا ببوقادير. حيث تعذر على شركة السكة الحديدية بولاية الشلف، تقديم خدمات النقل لزبائنها على مستوى الجهة الغربية سواء تعلق الأمر بالقطار السريع ''أوتوراي'' أو الآخر الذي يتوقف بصفة عادية في كامل المحطات، بسبب رفض السكان المحتجين السماح لأية وسيلة كانت المرور حالما يتم قدوم الوالي ويقوم هذا الأخير بتجسيد مطلب تثبيت حاجز السكة الحديدية الذي كان سببا مباشرا في إزهاق أرواح في حوادث مرورية مميتة. وشهدت المنطقة تعزيزات أمنية كبيرة وغير مسبوقة على رأسها قوات مكافحة الشغب مدعومة بشاحنات خراطيم المياه منذ الصبيحة فور تدفق المتظاهرين على الطريق الوطني رقم ,4 كما تدعمت بوحدة تابعة للجيش الوطني الشعبي سارعت إلى تطويق ذات الطريق بغية تفريق المتظاهرين مخافة انفلات الأوضاع ووقوع انزلاقات خطرة في المنطقة الهادئة إذ شرع ضباط عن مصالح الدرك والشرطة في محاورة المحتجين ودعواهم إلى ضبط النفس والتعقل، غير أنهم فشلوا في مسعاهم الرامي إلى إحلال الهدوء. وسط إصرار السكان القادمين من حوالي 6 مداشر على التمسك بمطالبهم المشروعة على حد تعبيرهم، تاتي في مقدمتها إلزامية حضور والي الشلف الى المنطقة لمحاورته واستفساره عن عدم تجسيد وعده الذي منحه للسكان فور وقوع حادث القطار يوم الخميس الفارط بتثبيت حاجز خاص بخط السكة الحديدية، هذا المطلب دافع عنه السكان أمس بضراوة في رغبة لإعلان القطيعة مع حوادث المرور التي راح ضحيتها أبناءهم في مقتبل العمر، كما طالبوا عبر لائحة مطالب سلموها إلى مصالح الأمن لا تقل أهمية عن المطلب الأول ارتبطت بتوفير النقل المدرسي من أجل تذليل الصعاب على أولادهم الذين يقطعون مسافات طويلة مشيا على الأقدام بشكل يومي. في سياق متصل بهذه الحركة الاحتجاجية، أعاب السكان كثيرا على السلطات التي لا تتحرك إلا بعد وقوع ''الانفجارات الاجتماعية''، حيث صرحوا بلهجة شديدة أنهم تلقوا وعدا من الوالي يوم الخميس الفارط بتثبيت الحاجز إلا أنه خيب ظنهم، كما طالبوا أزيد من مرة بوضع هذا الحاجز الواقي من حوادث المرور لاحتواء مأس مرعبة لكن كثيرا ما قوبلت هذه النداءات بصمت مطبق. هذا الوضع المتشنج الذي شهدته بلدية بوقادير وما خلفه من حركة غير معتادة من الازدحام المروري وفوضى النقل استمر إلى غاية الساعة الثانية زوالا، في أعقاب قدوم قائد المجموعة الولائية للدرك الطيب عمور ورئيس المجلس الشعبي الولائي رفقة رئيس ديوان والي الشلف، حيث دخلوا في مفاوضات ماراطونية مع وفد عن المتظاهرين، بنية إخماد شرارة الغضب الشعبي وإنقاذ المنطقة من أحداث شغب لاحت في الأفق منذ الصبيحة، ولحسن الحظ عاد المواطنون أدراجهم حاملون وعودا رسمية تمثلت في تجسيد كامل مطالبهم دون نقصان .