- من أخطاء بومدين أنه لم ينقل رفات السي الحواس وعميروش إلى "العالية" يواصل الوزير الأسبق للتربية والثقافة والإعلام الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي شهاداته عبر البرنامج "حديث في الذاكرة" الذي تبثه القناة الإذاعية الأولى، حيث قال إن الراحل هواري بومدين لم يجد معارضة في الداخل بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأول للبلاد أحمد بن بلة، وذلك في ال19 جوان 1965؛ إلا أنه تعرض لبعض الانتقادات من دول عربية وشقيقة واستطاع أن يخرج من هذه الدائرة بفضل استراتيجيته في تسيير المراحل سواء داخل الوطن أو خارجه. وذكر الإبراهيمي أن بومدين أظهر مواقف جريئة خلال توليه الحكم في الجزائر خاصة بعد قطع العلاقات مع الولاياتالمتحدة سنة 1967 ومع الأردن في 1969، وذلك على خلفية أحداث "أيلول الأسود". وفي نفس السنة يضيف نجل البشير الإبراهيمي أطلقت الولاياتالمتحدة مشروع "روجرز" الذي نص على وقف إطلاق النار وفتح "قناة السويس" والذي وافقت عليه مصر والأردن وكذلك إسرائيل، إلا أنه قوبل بالرفض من الجزائر وسوريا والعراق، وتسبب هذا القرار بالنسبة لبومدين في ظهور أول خلاف مع جمال عبد الناصر. ويضيف الإبراهيمي أن بومدين انزعج من مشروع "روجرز" لأنه لم يذكر القضية الفلسطينية وكان يعتبره طعما لاستدراج الدول العربية المتنازعة مع تل أبيب. واعتبر الإبراهيمي أن ما حدث سنتي 1956 و1967 هو عدوان إسرائيلي وأن العرب دخلوا أول حرب ضد تل أبيب سنة 1973، مؤكدا أن الراحل بومدين سافر في ال14 أكتوبر إلى موسكو وتجاذب مع رئيس الاتحاد السوفييتي "ليوند برجنيف"، حيث انتقد سياسة موسكو في دعم حلفائها وقارنها بدعم واشنطن المفرط لإسرائيل مما ترك الرئيس السوفييتي يحرج ويطلب منه أن يدفع نقدا من أجل تزويد الدول العربية بالأسلحة. في السياق ذاته، لم ينكر وزير التربية والثقافة والإعلام الأسبق أن بومدين ارتكب أخطاء أثناء فترة حكمه التي دامت بين سنتي 1965 إلى 1978. وقال إن بعض الأخطاء التي حدثت في فترته كانت جانبية؛ إلا أنها التصقت به، ومن بينها خطؤه غير المقصود في عدم تفطنه لنقل رفات العقيدين سي الحواس وعميروش من مكان دفنهما بالولاية السادسة إلى "مقبرة العالية"، موضحا "بومدين لم يهمل هذا الأمر قاصدا". وشرح الإبراهيمي أن بومدين بدأ منذ سنة 1974 بالتفكير في الميثاق الوطني وانتخابات "البرلمان"، مبرزا ذكاء الراحل الذي وصفه ب"رجل الدولة" و"الرجل المرحلي الذي يحترم خطواته". وراح المتحدث يثني على أخلاق بومدين، مذكرا أنه في إحدى الاجتماعات مع وزرائه دخل إليه مدير التشريفات وناوله ورقة فأكمل بومدين مجلسه الوزاري إلى النهاية دون أن يلحظ عليه أحد شيئا من التوتر، وبعدها ترددت الأخبار أن بومدين فقد والده. ويقول الإبراهيمي إنه تحادث معه بالهاتف وطلب منه ألا تتناول الصحافة الموضوع، وحينها كان يشغل الإبراهيمي منصب وزير الثقافة والإعلام. ومن حرص رئيس الجزائر آنذاك على عدم خلط الأمور؛ قال الإبراهيمي إن بومدين منع رابح بيطاط الذي كان يشغل منصب وزير النقل من منح شقيق بومدين رخصة شاحنة وطلب عدم إدخال عائلته في الحكم، مضيفا أن بومدين كان ينظر إلى المال وكأنه متاع الغرور. من ناحية أخرى، تحدث أحمد طالب الإبراهيمي عن ظروف وفاة بومدين، كاشفا أنها لم تكن عادية، وخمن أن تكون لإسرائيل وبعض الدول الغربية مسؤولية في موت الرئيس الجزائري الذي كان يريد قلب العالم رأسا على عقب بعدما تحدى العالم ب"حركة عدم الانحياز" واستعمل النفط كورقة ضغط على الدول القوية، وكذلك محاولة استحداث نظام اقتصادي جديد، على حد تعبيره.