صدرت عن دار التكوين في دمشق مجموعة نصوص للشاعر السوري أدونيس، معنونة بمحاضرات الإسكندرية، التي ألقاها بمكتبة الإسكندرية نهاية 2006، وتناول من خلالها الكاتب شؤوناً ثقافية تصدر عن فضول حقيقي متعلق بسؤال فكري بحت، متفرع عن كتابه الشهير الثابت والمتحوّل، ديوان الشعر العربي الذي حقّقه في الستينيات، الشعر والفكر، والشعر والهوية. ويضم الإصدار مراجعة نقدية تقييمية ذات منطلق فكري لإنجاز الشاعر، الظاهر أوّلاً في كتابيه: الثابت والمتحوّل، وديوان الشعر العربي وثانياً في تجربته باعتبار أنها تتبوأ مكانة رئيسية في حركة الحداثة العربية. ويعتبر أدونيس، في محاضراته، الشعر متعدّدا محرّراٌ، لا يخاف من العلاقة بين الذات والآخر، ولعلّه أعلى من الفكر، إذ إن هذا الأخير ذائب في الشعر، في لغة الشاعر ورؤيته وتجربته، مؤكدا فكرته من خلال نظرته الرفيعة إلى شعر ما قبل الإسلام، حيث يرى أن المواضيع التي تناولها ليست منفصلة عن الفكر، حيث "كان الفكر في التعبير عنها ذائباً في نهر الكلمات كأنه العطر والهواء. وموضوع الشعر والهوية، الذي تطرق اليه الكاتب في المحاضرة الرابعة من الكتاب، لن يُؤتى بأسلوبٍ مغاير، فالمؤلف متمكنٌ من صياغة الأسئلة الصعبة الحاملة لجواب إيجابي، وضمن هذا السياق، لا وجود لهوية خارج الإبداع، إذ إن الهوية بمعناها الإنساني الأعمق لا تُلتمس في المشترك العامّ السياسي الاجتماعي وإنما تُلتمس في الخاصّ الإبداعيحسب الكاتب، لذلك ينحازُ إلى الشعر، ويوجه نقداً لاذعاً لمن لا يقرأ التراث الشعري فهناك عرب كثيرون يعزفون عن قراءة هذه الأصول أو لا يعرفون أن يقرأوها ... وبعضهم ينظر إلى هذه الأصول بصفتها تعبر عن عالم انتهى. وطرح أدونيس، خلال إصداره، العديد من الأسئلة المنبثقة عن الحرية والفكر والدين والسياسة، مسخِّراً بلاغته ومعرفته العميقة بالتراث، ومنحازاً إلى الشاعر لا إلى المفكر فيه.