استضافت، ليلة أمس الأول، الإقامة الجامعية للبنات ''الشعيبة'' بسيدي عمار، العرض الشرفي الأول لمسرحية ''اليد لتوصل'' التي أنتجتها تعاونية البسمة لمسرح عنابة وهذا في إطار البرنامج الثقافي الخاص باحتفالات اليوم العالمي للمرأة. وقد انبهر مؤلف ومخرج العمل المسرحي توفيق ميميش بالحضور الجماهيري الغفير الذي أبان عن تعطشه لمعانقة الخشبة وأبدى تجاوبه مع المسرحية الجديدة التي يخوض فيها المؤلف تجربة الإخراج لأول مرة. تروي مشاهد المسرحية المستوحاة من فكرة حميد فوري قصة أربعة أشقاء معدومي الدخل نزحوا من الريف ودخلوا المدينة من بوابة التسول، قام بالأدوار الممثلون بشير سلاطنية، رضا بوسعيد، سعيد عشاش وتوفيق ميميش وكلهم تألقوا في إبراز الفوارق الطبقية والآفات التي تنخر جسد المجتمع وانهيار سلم القيم. تبدأ القصة بهروب الأربعة إلى المدينة طلبا للرزق عبر وسيلة ''الطلْبة'' التي كانوا يمتهنونها فتغدق عليهم بالربح الوفير لكن تدهور القدرة الشرائية بشكل مفاجئ دفع بهم إلى تغيير الأسلوب والطريقة بعد مشاورات وبحث معمق في ''منهجية التسول على الطريقة الحديثة'' التي تعتمد على الحيلة ولإحساس وتقمص عدة أدوار في آن واحد للإيقاع بالمحسنين وكالعادة تارة يصيبون وأخرى يخيبون. وقد اهتدى الإخوة الذين يتوسطهم أبكم إلى خوض مغامرة أخرى تتمثل في اقتحام عالم السياسة وترشيح أنفسهم في الانتخابات المحلية على خلفية ان تجربة الواقع المعيش أثبتت سطوع نجومية المنتخبين المحليين الذين تظهر عليهم علامات الثراء الفاحش بسرعة البرق، وهو السيناريو الذي تكرر مع ''جماعة الطلبة'' بعد حملة انتخابية شاقة خرجوا منها بفوز عريض ودخلوا بعدها قبة البرلمان مادام سلاحهم الوحيد يتمثل في ترسانة من الوعود بتحسين معيشة المواطنين وبرامج إقلاع اقتصادي وهمية تفننوا في توزيعها على الناخبين في حملاتهم الدعائية، ولكنهم بمجرد تحقيق مبتغاهم بافتكاكهم لمقاعد في البرلمان تغيرت حياتهم رأسا على عقب وتنكروا لمن أوصلوهم إلى مراكزهم الجديدة وواجهوا شقيقهم الأبكم الذي ذكرهم بما وعدوا به الطبقات الكادحة، بالقول الشائع ''الشعب عندو ربو يحميه''. وقد توافرت لهذا العرض أسباب النجاح على الرغم من أن مخرجه يخوض تجربته الأولى، إذ أحسن اختيار النص، لما فيه من مشاعر إنسانية متدفقة، ولحظة نادرة من لحظات مكاشفة النفس شديدة الثراء والعمق، وأجاد تخطيط حركة ممثلي العرض في خفة وانسيابية وسلاسة، وقد وفق أيضا في اختيار الشخوص التي أحسنت مداعبة الخشبة. ويذكر المؤلف توفيق ميميش في تصريح ل''البلاد'' على هامش العرض الشرفي الذي خص به جمهور الجامعة أنه من '' أنصار الأدب الواقعي الغني بالصدق والأحاسيس والمشاعر الفياضة، والذي دائما ما يتلامس مع النفس البشرية في معاناتها، ويدعو إلى مواجهة النفس بصدق وشجاعة، وكان يطمح دوما للمجتمع الإنساني أن يتغير دوما للأفضل'' واصفا نفسه بقوله ''لقد أردت فحسب أن أقول للناس بصدق وصراحة انظروا إلى أنفسكم، انظروا كيف تحيون حياة سيئة مملة، فأهم شيء أن يفهم الناس ذلك، وعندما يفهمون سيشيدون حتما حياة مختلفة تماما لا تشبه هذه الحياة''. وقد تميز العرض بحضور مدير الجامعة الجديد، البروفسيور عبد الكريم قاضي ومدير الخدمات الجامعية لسيدي عمار العيد الميطة وكذا رئيس بلدية سيدي عمار العياشي كيران، إضافة إلى مدير إقامة الشعيبة للبنات محمد الصالح كبير الذي شدد على أن مسؤولي الجامعة والسلطات المحلية ماضون في دعم المشهد الثقافي بالأحياء الجامعية، مشيرا إلى أن مصالحه تعكف على تسطير برنامج ثقافي وفني ورياضي مميز طيلة السنة الدراسية الجارية إضافة إلى مشاركة واسعة لطالبات الإقامة في التظاهرات التي تقام في مختلف جامعات الوطن.