لم يتوان الممثل المسرحي المعروف الذي اقتحم مؤخرا عالم التأليف و الإخراج ، في قصف المشتغلين في مجال النقد ب"قنابل النابالم"معتبرا إياهم " جهلة لا يفقهون أدنى معرفة بما يجري على الخشبة ومع ذلك لا يتوانون في إسداء النصح لسادتهم الذين نهلوا من أب الفنون". شدد توفيق ميميش الوافد الجديد إلى عالم الإخراج من باب مسرحية "اليد لتوصل" المولودة من رحم تعاونية البسمة لولاية عنابة ، على "أننا بحاجة إلى مراجعة أنفسنا لإعادة صياغة بعض المفاهيم التي صار بعض السفهاء "يخلطوا" فيها" وتابع ميميش - في مقابلة صحفية خصّ بها "الأمة العربية" - قائلا بصريح العبارة "منذ نهاية الثمانيات التي اعتبرها أزهى فترات النقد المسرحي ، لم أر إطلاقا أي مقال أو رأي أو دراسة لناقد يناقش عملا مسرحيا ما بحياد و موضوعية و دراية " وأضاف المتحدث "يحزنني أن بعضا من المحسوبين على المشهد المسرحي لا يميزون حتى بين المدارس المسرحية و لا يجيدون حتى كتابة فقرة واحدة مفيدة فما بالك بمقال أو دراسة نقدية " و أوضح بطل "علّة الغلة" أن "صناع العمل المسرحي تجاوزوا بكثير بعض المدارس المعروفة و اجتهدوا في المزج بينها في حين لا يزال النقاد بعيدين كل البعد عن هذه المحطة و هم مطالبون بمواكبة الركب و اللحاق بالقاطرة حتى لا يفوتهم القطار" و نصح توفيق ميميش المشتغلين في هذا المجال ب"تجاوز الخلافات و الاختلاف في الرؤى حتى لا يؤثر ذلك على الفعل المسرحي ككل ، وأنا أقصد أن النقّاد الحاليين إن جازت لي التسمية لا يخدمون المسرح بقدر ما يشاركون في هدمه". وأضاف صاحب التجربة التي تناهز 30 عاما قضّاها على الخشبة ، "لا يجب أن نخجل حين نقول أن هؤلاء النقاد بحاجة إلى ترقية مستواهم للمساهمة في ترقية الذوق العام والرفع من قيمة الأعمال المعروضة و ووزارة الثقافة مطالبة هي الأخرى بإيلاء هذه الشريحة العناية اللازمة كأن نسنّ مثلا استراتيجية وطنية للتكوين و فتح معاهد و مدارس مختًصّة في هذا الأمر" وحاول ميميش أن يقارب بين النقد المسرحي في العالم الغربي و ما هو موجود في الجزائر فقال "إن الناقد عندهم يشترط فيه أن يكون ملمّا بفنيات التمثيل و الإخراج و ميكانيزمات السينوغرافيا لأنه ينقد النص و الممثل و المخرج حين نقده للعمل المعروض وأختصر بأن الناقد يجب أن يكون ممثلا جيدا و مخرجا جيدا و يملك معرفة جيدة بكافة جوانب المسرح لأن الناقد إما أن يكون رجل مسرح بكل ما تحمله الكلمة من معان فيجيء نقده بناّء وذا مصداقية ليسهم في ثراء العرض أو يكشف مكامن الخلل بعيدا عن الذاتية المقرفة و إلا فلا و بصراحة حاليا نحن نفتقد إلى أقلام نقدية قادرة على أداء مهمتها كما يجب". و سئل الممثل الذي ظل يحاكي الخشبة لسنوات طوال ، عما إذا كان أساتذة الجامعات يدرسون تقنيات النقد انطلاقا من معايير أكاديمية بحتة كتلك التي تدرس في أوربا و أمريكا مثلا ، فرد مجيبا " الجامعة الجزائرية لم تعد تخرّج الكفاءات التي كنا نفتخر بها أمام العالم فما بالك بالأدب و النقد المسرحي حيث أصبح من النادر أن تجد طالبا في معهد اللغة العربية مثلا يتحدثها بطلاقة و قل ما تعثر على أحدهم يناقشك في مسألة أدبية أو قضية مهمّة هي من صميم اختصاصه و لكن حكمي هذا ليس بالمطلق نحن نعيش أزمة و مسؤوليتها يتحملها الجميع".. و عدنا مع المتحدث إلى إنتاجه الأخير الموسوم ب"اليد لتوصل" المأخوذة عن فكرة حميد قوري والتي خاض فيها ثلاثية التأليف و التمثيل و الإخراج دفعة واحدة ، اعترف توفيق ميميش أن "الأمر وليد ظروف خاصة تعرضت فيها إلى الظلم والتغييب و الإقصاء المبرمج من قبل بعض الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على المسرح فرددت عليهم بمشروع "اليد لتوصل" التي أشركت فيها ثلاثة ممثلين شباب فجروا طاقاتهم الكامنة و يمكنني أن أذكر بكل فخر و اعتزاز في سيّاق إنجازي الذي لقي استحسان و ترحيب الجمهور،أني أول من منح دورا رئيسيا للفنان المبدع سعيد عشاش فرفعت عنه بذلك الحقرة و التهميش اللذين تعرضا إليهما و سبق لي أن اكتويت بنارهما".