ستشرع حركة مجتمع السلم في تنظيم عدد من اللقاءات الجهوية عبر الوطن، للوقوف على نظرة الرأي العام الوطني للحزب الإسلامي الأول في الجزائر بعد عشريتين من التأسيس والأداء السياسي في الساحة. حسب بعض الأصداء الواردة من المرادية، حيث المقر المركزي للحركة التي أسسها الراحل محفوظ نحناح ذات سبتمبر 19فإن اللقاءات المرتقب الشروع في تنظيمها خلال الأيام القليلة القادمة لن تكون على غرار المعتاد نظرة في المرآة الحمساوية، بحيث يعتزم هذه المرة قادة الحركة مواجهة الشارع الجزائري بعد سنوات من الحوار الداخلي. وتأتي خطوة حمس الموصوفة بالجريئة والمبتكرة في الأداء السياسي الجزائري انسجاما مع خطوة أولى كانت حمس قد خطتها حين انفتحت قبل حوالي شهرين على جمهور النخبة في الجزائر في محاولة منها لتحديد موقعها في السلم الشعبي، وهو ما أعطى الانطباع -في نظر المتتبعين- بأن قيادة حمس قد خطت الخطوة الأولى في رحلة البحث عن الذات والهوية والمعالم والمنطلقات، بحيث تأتي الخطوة في سياق رد فعل عن تذمر داخلي سببه الأساسي وضع عام خارجي ''موبوء''. ومهما يكن من أمر وفي كلتا الحالتين، فإن المؤكد في نظر المتتبعين لما يدور داخل البيت الإسلامي، هو أن تأثير ما يحدث في الجزائر لا محالة قد أثّر في حمس كما أثّر في كل الأحزاب السياسية الأخرى بمختلف ألوان الطيف وإن كان وقع هذا التأثير لدى حمس أكبر، بالنظر لموقع هذا الحزب في الخريطة السياسية ونظرة الجزائريين إليه من جهة ولانخراطه في مسار التحالف من جهة أخرى وهو ما يظل في نظر الشارع، رغم محاولات الفهم والتفهم، مرادفا ''للعلاقات المستحيلة''. حركة مجتمع السلم كانت قد أعلنت في لقاءاتها الرسمية مؤخرا سواء على مستوى مؤسسة التداول أو التنفيذ، أن السنة الجارية والسنة المقبلة البيضاويين انتخابيا ستكونان سنتي المراجعات، ما يجعل خطوة احتكام حركة سلطاني للشارع الجزائري بعيدة عن المناسبات الانتخابية المفرغة من معايير الحكم على أحجام ووزن الأحزاب السياسية الجزائرية، ما هي إلا خطوة واحدة في مسيرة الألف ميل المطلوب من حمس تجشم مشاق قطعها. ومع كل هذا، ستكون مبادرة حمس عديمة الجدوى السياسية إن هي افتقرت لمعاني الانسجام بين المنطلقات والغايات وبين القرارات والتجسيد في عملية مواجهة الشارع الجزائري وبالشكل الذي يضمن أن العملية التي ستقوم بها حمس لن تكون من قبيل الترف السياسي، خاصة في ظل ''الأوضاع غير الطبيعية'' التي تشهدها الجزائر وبالمقابل تطلع جمهور الجزائريين إلى أقطاب المجتمع وأنواره، سواء كانت شخصيات وطنية أو أحزاب سياسية بإمكانهم الحيلولة دون دخول الجزائر منطقة المحظور. وعهد المراجعات الذي أرست معالمه حمس في التقويم السياسي الجزائري في حاجة -حسب المتتبعين- للتعميم عند كل الأحزاب السياسية ولدى السلطة، خاصة في ظل التراجع الرهيب في الأداء الرسمي وشبه الرسمي في البلاد. وبالعودة إلى حركة مجتمع السلم التي قررت النظر لصورتها من خلال مرآة الآخر المخالف من غير النخبة، بحاجة مرة أخرى إلى النظر في مرآتها خاصة من زاوية استثمار المتاح والممكن.