أياما قبيل واقعة أمّ درمان الكروية ضد مصر - وهي تكاد تتحول إلى تاريخ يؤرخ بها بعض الجزائريين على طريقة ششناق الذي غلب أحد الملوك من طينة آل فرعون، فأرخ بها البرابرة المسمون أمازيغ- أياما قبيل ذلك أقول طلع شعار يقول ''الصح ايبان في أم درمان'' وهذا بعد أن غاب في أم الدنيا (ذات البطن الجوعان) واليوم يعود نفس الشعار، تقريبا وإن لم يحمله البعض محمل الجد بعد أن يكون قد اتخذ هذا العنوان الجديد ''الصح ايبان مع خرفان أم درمان''! أم جوعان أما أمنا درمان على شاكلة ''أماه'' فورايا فموجودة في السودان ولم تعد خافية على بعض الجزائريين رغم بعد المسافة.... فمتى كانت المسافة تبعد الإنسان عن إنسان إن كان جاء للسودان وأمه درمان ومن كان حتى في الصين وأم بكين ورأى أنه فيها من المستفيدين ومن المستثمرين فالضيق في القلوب والبعد في الجيوب! وأمّا الخرفان، فهي كما تعرفونها ترعى في الميدان وحول حوافي الوديان والنيل المختلف الألوان، بالأبيض والأزرق، ومابينها وعدد يقدر ب 140 مليون رأس كما حسبها عمنا عليوي زعيم الفلاحين المحترفين (غير المزيفين) بعد أن زاره وفد من المزارعين هناك وأعطوه الرقم اليقين! وهو رقم أكبر بكثير من ماعز وغنم أصحاب عليوي التي هي في حدود 20 مليون والله أعلم مع فارق شاسع جدا في عدد رؤوس العباد، فالسودانيون يتزوجون بأربعة وينجبون أربعة، عكس الجزائريين الذين يكتفي الواحد منهم بواحدة وينجب منها عشرة، تصبح بعد عشرات السنين دشرة عندها ثقة في الحكومة وتنتظر منها لفتة أو حتى حبة لفت! والمهم أن عليوي هذا فرج علينا وعلى الفلاحين بخير مبين قال فيه إن كيلو اللحم الطازج أي غير المجمد كقديد جدتي، سيباع في الأسواق ب 300 دينار، وأن أول من يصدقه، فعليوي هذا عضو قديم جديد في اللجنة المركزية، للأفة (الآن) وعنده أقدمية كبيرة في النضال بواسطة تدوير اللسان والمطالبة بمحو ديون الفلاحين والموالين المساكين! ومن هذا الموقع الحزبي الكبير، لابد أن يضع الواحد ثقته فيه، باعتباره مسؤولا، والمسؤول عندنا يعرف مايقول وحتى وإن جاء البعض عن أبجديات السياسة وتحولت الى مبارزة تحت دعوات بالشفاء بواسطة الرقية الشرعية وهذا بعد أن أطلقت أولى شرارتها عمتنا لويزة العمالية الزوالية ضد بوجرة الراقي سابقا، وانتهت عند مكتب بلخادم الذي أصابته العدوى بعد أن شك في سحر يكون قد زرعوه في مكتبه؟ لكي لايحيط من حوله إلا المناضلين من نوع تايوان أو الذين لم ينقلهم بعد الزمان إلى الآخرة، فما الذي جعل الكثيرين لايلقون بالا لما قاله عليوي، وبعضه وضعه في سياق هبال يفوق الخيال؟ واحد حكى هذه الحكاية: صاحب مطعم في العاصمة في أحد الأحياء الشعبية قرر تخفيض الأسعار الخاصة بالأطباق التي يقدمها وبعد أيام جاء من حوله من أصحاب المطاعم وخيروه مابين العودة لتطبيق التسعيرة المتفق عليها، أو تحمل العواقب... هذا مثال صغير جدا حول سوق قوامه بعض حبات اللوبيا والحمص... فماذا الآن لو تعدى الأمر لآلاف الأطنان من اللحوم المستخلصة من آلاف رؤوس الأغنام القادمة لبني جوعان؟ كيف يصبح الأمر؟ عند هذا الحد تصبح القضية قضية دولة... والدولة كما تعرفون بها أعوانها وحراسها وكلابها وخزنتها...ومهمتها أن تقسم بين كل هذه الأطراف كل حسب قدرته على النباح و''التكلاح''، وهي مهمة صعبة جدا وتدخل في إطار التوزانات غير الماكرو - الاقتصادية، أي تلك التي تتعلق بالموازنات الاقتصادية الكبرى، وهو كلام لايفهمه إلا جودي (وزير المالية) الذي لايجود إلا على من عنده حكمة تمار على وزن حكمة وزير الخوصصة الأقرب لمعرفة المشامشية الذين يدورون حول معهد موائد الطعام كما تدور حول الخيام الأغنام حول أم درمان؟ فلكل سلعة سوق وأصحاب من سوق التمر والبلوط الى سوق الخردة والشيفون وحتى سوق اللحوم بمختلف الأنواع من لحم الخرفان والدجاج إلى لحم النوق، فماذا لو أن السودانين بواسطة عليوى زعيم الفلاحين اخترقوا جدار الاحتكار الذي يمارسه هؤلاء للإبقاء على نفس الأسعار مع التفنن في كل مرة لابتكار عذر من الأعذار؟ الجواب أن عليوي الذي سيفسد عليهم العرس سيعلقونه من خصيته مثلما توعد بوتين رئيس روسيا سابقا غريمه الجورجي بتعليقه، وهو نفس التهديد الذي وجهه للأطراف التي تقف وراء انفجار ميترو الأنفاق في موسكو. حد ''الهف''.... وحد السيف أول شيء ينبغي أن يفعله عمنا عليوي أن يأخذ صورة مع كبش تكون شاهدة على تضحياته في سبيل ألا نذهب للجنة والواحد خاوي البطن مع خواء شديد في المخ. وهذا ثابت بالدليل والملوس، حتى أن مجموع ماننتجه من أفكار لايمكنه أن يملأ مقلاة شعيرة لآخر حمار (لم يتم تهريبه بعد). أما الصورة فيمكن أن يأخذها كما يشاء هذه المرة، لأن صاحبها في كل الأحوال معرض لكي يمر من باب السكانير فيكشف المستور وبالمناسبة بقية الصور الآخرى في بسبور زرهوني البيومتري، الذي يقدمه لنا كإنجاز تاريخي لم يسبق لأحد من الأمم أن صنعته ظلت محل اجتهادات، لأن الجهة المعنية ديمقراطية أولا، وثانيا تريد أن تنزع الخمول عن أعوانها من كثرة النعاس مع التغماس باسم المشاريع فيحركون المادة الرمادية داخل رؤوسهم لعلها تنطلق وتفكر... وكما قال الفيلسوف أنا أفكر إذن فأنا موجود؟ والعكس بالطبع صحيح! أما بقية الإجراءات المترتبة عن استقدام اللحوم من أم درمان إذا ما استثنينا بالطبع انتهاء العملية قبل بدايتها بشنق عليوي كحل على طريقة صدام أيام العيد فمتروكة للآخرين، فالدولة مثلا ممثلة في بن عيسى، وعد الفلاح وجعبوب (الترابندي) مطلوب منها توفير ثلاجة باردة بحجم البلاد التي توجد منذ مدة في ثلاجة على مختلف الأصعدة خاصّة السياسية منها، بعد أن استسلمت ''للجبهة الشعبية والديمقراطية'' التي تنشطها النقابات المستقلة بواسطة الإضرابات المتكررة، بدأها المعلمون وانتهت إلى الزبالين واللعب حاليا مع الملايين من بقايا العمال الغاضبين على سياسة التقشف التي تمارسها ضد البسطاء، يقابلها تسيب تام في كل ما يتعلق بمشكل مراقبة صرف المال العام. فما الذي يمنع الحكومة أن تربط الحزام هذه المرة إذا كان جزء من الحل يأتي من أم درمان وليس من الفرنسيس والجرمان والطليان والإسبان؟ هذا التساؤل يطرح بدوره سؤالا أكثر تعقيدا.... ماهي طبيعة الحكومة التي تدير شؤوننا، وبالتالي ماهي قدرتها على التحرك والمناورة إذا ثبت الآن أن مافيا المال تتحالف معها وتعمل تحت سياستها الرشيدة ومتحالفة معها مثلما تحالفت العائلة الثورية مع العائلة الحركية في حكمنا وتقويمنا حد السيف أو بحد ''الهف''، الحكومة إن كانت بورجوازية تصل في العادة الى بعض الكفاف والعفاف على طريقة الحيوان الذي يأكل ويترك غيره من الضعاف لتأكل بدورها. أما إذا كانت حكومة رعيان نفسها فتصبح حتى أغنام السودان البالغ عددها 140 مليون، أقولها مرة أخرى تكفيهم، فقد يتطلعون حتى لأغنام أستراليا لكي يفصلوا الجلد عن العظام وهي التي تملك قطيعا أكبر، لو وقع بين أيديهم لأفنوه خلال أعوام بشتى الوسائل ولايظهر في النهاية مجرم واحد منهم يمكننا أن نحاسبه أو حتى نسأله باحترام عن كل هذا الإجرام في حق الأوطان