وضع أول أمس الخميس الطفل إسلام. البالغ من العمر 14 سنة حدا لحياته شنقا داخل منزله بحي الأمواج الصغيرة ببلدية برج البحري استعمال حبل متدل من السقف جراء حصوله على نتائج دراسية متواضعة. تعود وقائع المأساة إلى ظهيرة الخميس الماضي حين اكتشفت الأم نتائج إسلام الدراسة والتي لم تكن مرضية مما دفعها إلى توبيخه ومعاقبته بعدم الخروج من المنزل وحرمانه من التنزه خلال العطلة الربيعية. وتجسيدا لعقوبتها تركت الأم ابنها وحيدا في المنزل عندما قررت زيارة الجدة في منزلها المحاذي لمقر سكناها. غير أن إحساسا غريبا انتابها وكان ضميرها أنبها على ما فعلت مع ابنها جعلها تعود مسرعة إلى البيت لتجد الباب مغلقا فتدخل عمه لفتحه عنوة وعندما دخلت وجدت ابنها معلقا بإحدى الغرف. وقد نقل بعدها مباشرة إلى المستشفى. فتحت مصالح الشرطة العلمية تحقيقا لمعرفة ملابسات القضية وتحديد الأسباب والخلفيات التي دفعت إسلام للانتحار. وفي انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات.• فقد أحدثت مأساة الطفل إسلام المفجعة حزناً وأسى كبيرين خيما لدى سكان حي الأمواج الصغيرة، وكل من يعرفون الطفل إسلام المحبوب عند الجميع لما يتمتع به من هدوء وسلوك حسن. وقضية الطفل إسلام ليست الوحيدة في الوسط التعليمي الجزائري، حيث سجلت حوادث شبيهة بين الأطفال والمراهقين بصفة خاصة. وكانت عميدة الشرطة القضائية ورئيسة مكتب الطفولة بالمديرية العامة للأمن الوطنى الجزائرى قد كشفت أن ارتفاعا ملحوظا سجلته حالات الإقبال على الانتحار في أوساط القصر خلال عام 2007 وذلك مقارنة بعام ,2006 حيث قدرت تلك الزيادة ب64 حالة وهو ما تمثله نسبة 250 بالمائة، علما أنه في وقت سجلت فيه مصالح الشرطة على مستوى الوطن، وخلال عام ,2006 حالتى انتحار و25 محاولة انتحار سجلت وسط صغار تراوحت أعمارهم بين 14 و18 سنة، شهدت النسبة تطورا ملحوظا حيث سجلت 14 حالة انتحار مع 89 محاولة انتحار، لنلاحظ أن المعدل العمرى قد انخفض ليمس أطفالا فى العشر سنوات من العمر مما ينذر بالخطر حسب المسؤولة الأمنية. بينما سجلت حالات انتحار غير مباشر على غرار تلك التي حدثت في جامعة مستغانم حيث أقدم أحد الطلبة على قتل أستاذه وهو ما يعد انتحارا. شقيق الضحية سبقه في محاولة فاشلة وحسب والدة الضحية التي روت وقائع الحادثة ل.لبلاد. أمس، فإن إسلام كان من بين التلاميذ الأوائل الناجحين طيلة السنوات الدراسية الماضية. ليتراجع فجأة هذا العام بمؤسسة الونشريس ببرج البحري، لأسباب نجهلها - قالت المتحدثة- الوضع الذي اضطرنا نحن كأولياء إلى الفكير في دعم مستواه العلمي بالدروس الخصوصية سيما في مواد الرياضيات والعلوم الطبيعية، زيادة على عرض الضحية على طبيب نفساني لمعرفة الأسباب الحقيقية لرسوبه والذي كان مزمع اليوم (السبت 21 مارس 2009) ألا أن القدر شاء أن يأخذ مني ابني قبل هذا اليوم. تسترسل والدة الضحية لتضيف ثانية أن الضحية لم يبد ظهيرة أول أمس (اليوم الأخير المتزامن مع بداية العطلة الربيعية لموسم 2008/2009 أي نية للقيام بفعل الانتحار أو محاولة القيام بذلك، رغم توبيخ والديه له إثر إطلاعهم على كشف النقاط المحصل عليها بمعدل 8/20 في الفصل الثاني مقارنة بمعدل 20/11 خلال الفصل الأول باعتبارها لم تكن نتائج مرضية.. وفي حدود الساعة الخامسة بعد الزوال من نفس اليوم، عندما عادت والدة الضحية إلى المنزل بعدما تركته لوحده منطويا على نفسه، وجدت الباب مقفلا، فتدخل عمه لفتحه عنوة.. ليتفاجأ الجميع بالضحية معلقا بحبل متدلي من سقف إحدى غرف المنزل، وتم نقله مباشرة إلى مستشفى عين طاية، فيما فتحت مصالح الشرطة القضائية والشرطة العلمية تحقيقا لمعرفة ملابسات القضية وتحديد الأسباب الحقيقة للوفاة، خاصة وأن الطفل إسلام محبوب لدى الجميع بسلوكاته الحسنة وأخلاقه الفاضلة. للإشارة، فإن شقيق الضحيةسيد علي.ف والبالغ من العمر 12 سنة والذي يعتبر من الناجحين الأوائل بشهادة والدته، حاول قبل وقوع الحادث المروع لإسلام شنق نفسه، بحجة تقليده لمشاهدة أفلام الرعب. وفي انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيق، يجب على أولياء التلاميذ توخي الحذر في تعاملاتهم اليومية مع أبنائهم، سيما أمام اصطدامهم بالرسوب المفاجئ في دراستهم، قد يكون مردها لأسباب نفسية محضة حسب الأخصائيين النفسانيين، وبالتالي أسلوب العنف والتوبيخ ليس هو الحل الأنجع لاستدراك رسوب التلميذ؟! حادثة الانتحار التي راح ضحيتها إسلام أثارت هلعا ورعبا حقيقيين في أوساط القاطنين بموقع ليزونديين، والتي بدت ملامحها بشكل جلي على وجوههم أمس بالموكب الجنائزي بمنزل الضحية، حيث أبدى السكان تخوفهم الشديد لالبلاد من تكرار سيناريو الانتحار المفاجئ بالمكان نفسه الذي شنق فيه إسلام نفسه أو بموقع مماثل بطريقة الانتحار. وأكدوا في السياق ذاته أن الأسباب الحقيقية لإقدام الطفل على هذا النوع من السلوك يجهلها الأولياء وقد يغذيها أسلوب التوبيخ والتعنيف الذي يلجأون إليه لترهيب أبنائهم قصد استدراك ما فاتهم أمام رسوبهم المفاجئ، تقول إحدى العائلات القاطنة بالحي الذي يقطن فيه الضحية، وهو الوضع الذي دق لأجله الأولياء ناقوس الخطر إزاء تفاقم ظاهرة الانتحار. وناشدوا تدخل الجهات الوصية إيجاد الحلول المناسبة، بدءا بتكثيف عدد الخصائيين النفسانيين على مستوى المؤسسات التربوية للحد من الظاهرة.