نجح ''أسطول الحرية'' في إزاحة اللثام عن الصورة الحقيقية للكيان الصهيوني مع تجريده من عباءة ''المظلوم'' التي يسعى إلى تسويقها للرأي العام الدولي بعد أن قلبت ''السفن الإنسانية'' أطراف المعادلة الإسرائيلية المفروضة طيلة نصف قرن من التواجد الصهيوني على الأراضي المحتلة . وتمكن المتضامنون على متن السفن المكونة للأسطول من إظهار ''الخيبة الأخلاقية'' التي ألحقت بإسرائيل وتسببت في ارتباكها على الصعيد السياسي عبر محاولتها التستر وراء ذريعة ''الدفاع عن النفس''، في وقت يشهد فيه العالم أجمع أن عملية ''ريح السماء'' نفذت على المياه الدولية وضد متضامنين التزموا بالاتفاقيات الدولية بشأن تقديم المساعدات الإنسانية لإغاثة أهالي قطاع غزة الموجود تحت الحصار لأزيد من ثلاث سنوات. وأبرزت عملية ''القرصنة الإسرائيلية'' المرتكبة ضد ''أسطول الحرية'' وقتل 19 من نشطاء السلام، عن تراجع مكانة إسرائيل في وقت تحتاج فيه إلى الحفاظ على كينونتها ووجودها في جو يسوده العديد من الاضطرابات والتوترات بفعل المهددات الخطيرة التي تلاحقها بعد الفشل الذريع المحسوب على استيراتيجيتها العسكرية. ووفقا للتسلسل الكرونولوجي للأحداث، فإن هذه الجريمة نفذت بعد وقت قصير من مكافأة حكومة نتنياهو بضمها إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ووقعت في وقت تظهر فيه إسرائيل للعالم، حسن نواياها وحراكها السياسي مع الفلسطينيين، كما تمت المجزرة قبل يوم من الموعد المقرر لترميم العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وهو ما يفرز الحاجة لإعادة النظر في القضايا المرتبطة بالتعامل مع الكيان الصهيوني على الصعيد العالمي، خصوصا بعدما أثبت أنه لم يعد ''أهلا للثقة'' من خلال خرقه المواثيق والقوانين الدولية. وعلى المحور العربي العربي، نجح المتضامنون في تحقيق ''صحوة الأمة'' والتحام العديد من الجنسيات وإلغاء للحدود الجغرافية بهدف تحريك القضية الفلسطينية وتحويلها إلى قضية دولية تستوجب تشكيل لجنة تحقيق ومحكمة دولية لمحاكمة المجرمين بهدف تخليص الأهالي من بطش العدوان الإسرائيلي. ولعل أبرز منعرج في هذا الشأن، هو ''ليونة طفيفة''، ولو كانت مؤقتة، للموقف المصري تجاه مسألة فتح معبر رفح بين الحدود المصرية الفلسطينية تجاه المساعدات الإنسانية والطبية الموجهة لإغاثة أهالي القطاع، بعد أن أقدمت القاهرة على إغلاق المنفذ البري بموجب نص اتفاقية سنة 2005 مبرمة بين الطرفين، المصري والإسرائيلي. وبالرغم من الضغوط والمطالب التي رفعتها حركة حماس، القلب النابض للمقاومة الفلسطينية، لحكومة مبارك بشأن وجوب فتح الحدود البرية إلا أنها قوبلت بالرفض القاطع، إلا أن رياح ''أسطول الحرية'' جاءت بما لم يشتهه قادة السفن الحاكمة بمصر، حيث أرغمت هذه الأخيرة على توقيع قرار عاجل لفتح الممرات لمساعدة أهل غزة المتواجدين تحت رحمة الحصار الإسرائيلي منذ عام .2007 وتعد عملية فتح معبر رفح رصيدا هاما ومكسبا للمقاومة الفلسطينية باعتبار أن جوهر الأزمة هو الحصار المفروض على غزة وعنوانه هو إغلاق ممر رفح الحدودي.