مثلما كان متوقعا لم تخل أجواء الرياضة والمونديال من رائحة السياسية، فلم تمر إلا بضع دقائق على انطلاق المباراة الافتتاحية للطبعة الإفريقية الأولى للمونديال حتى نشبت أزمة صامتة بين قطر ومصر ظاهرها رياضي وباطنها سياسي بامتياز. بداية الأزمة كان مع انقطاعات متتالية للبث على القناة الرياضية القطرية مما أرعب القائمين على شؤون الفضائية التي تحتكر فعاليات المونديال من خسران رهان التغطية المتميزة للحدث الكروي العالمي. مباشرة بعد الذي حدث سارع المدير العام إلى توجيه التهمة إلى ''أطراف مجهولة'' واصفا الانقطاعات بالتشويش المتعمد من طرف ''جهات ما''. مدير الجزيرة الرياضية لم يتوان عن توجيه تهم مبطنة إلى مسؤولي القمر الصناعي التابع لمصر. وحسب المتتبعين للشأن السياسي في منطقة الشرق الأوسط، فإن للقضية أبعادا سياسية وخلفيات أكثر من تجارية لها علاقة بالصراع الخفي وغير المعلن بين القاهرة والدوحة على الزعامة المفترضة في المنطقة التي لا يخلو منها أي حدث عارض من خلفيات سياسية بحتة. وبالعودة إلى المشكل القائم فقد أكدت الشركة المصرية للأقمار الصناعية ''نايل سات'' أنه لا علاقة لها بالتشويش أو قطع البث الذي وقع خلال نقل مباراة افتتاح كأس العالم لكرة القدم 2010 من جنوب إفريقيا مساء الجمعة، وأن الاتهامات التي وجهتها إدارة قناة ''الجزيرة الرياضية'' إليها لا صحة لها. وفيما يبدو أنه رد عملي على ''نايل سات'' قام مسؤولو ''الجزيرة الرياضية'' بقطع الصورة عن التلفزيون الأرضي المصري الذي اكتفى في الدقائق العشر الأخيرة بعرض لقطات معادة من المباراة. وقال الناطق الرسمي ل''نايل سات'' إن ما قالته ''الجزيرة الرياضية عار تماماً من الصحة وإن الشركة لا تتدخل أبداً في البث ولا يمكن لها أن تقوم بالتشويش على قناة عاملة على أقمارها''. وأكد البيان أن التقطيع الذي حدث في إشارة البث أثناء نقل المباراة الافتتاحية لكأس العالم جاء نتيجة إشارات تداخل مجهولة المصدر، وأن ''النايل سات'' قامت فوراً بدراسة الموقف على أجهزة التحليل لمركز التحكم. وأوضحت الشركة المصرية أن التداخل الذي تسبب في قطع البث والتشويش توقف بين شوطي المباراة الافتتاحية ثم عاد للظهور مع بداية الشوط الثاني، مشيرة إلى أن مركز تحكم ''النايل سات'' تعاون مع محطة الوصلة الصاعدة لقنوات الجزيرة الرياضية للقيام ببعض الإجراءات الفنية التي من شأنها تقليل تأثير التداخل. وقالت ''نايل سات'' إنها طلبت بالاتفاق مع شبكة قنوات الجزيرة من إحدى الشركات العالمية المتخصصة تحديد موقع إشارات التداخل وتحديد موقع المحطة مصدر التداخل، كما يبحث الجانبان حالياً بث قنوات الجزيرة التي تبث مباريات كأس العالم على أكثر من قناة قمرية على ''النايل سات'' لتأمين مشاهدة مباريات البطولة بشكل كامل. واتهمت ''الجزيرة الرياضية'' في وقت سابق الشركة المصرية للأقمار الصناعية بالتشويش على إرسالها عبر القمر الصناعي ''نايل سات'' أثناء مباراة افتتاح مونديال ,2010 مؤكدة أنها لن تتنازل عن حقها في مقاضاة من تسبب في التشويش وانقطاع البث، معتبرة أن ما حدث يُعد تخريباً متعمداً. وكان الجزائري لخضر بريش مذيع قناة الجزيرة الرياضية، الناقل الحصري لكأس العالم، قد نسب الانقطاعات المتتابعة في البث الفضائي للقناة خلال اللقاء الافتتاحي لكأس العالم بين الدولة المستضيفة ومنتخب المكسيك إلى محاولات تخريبية مقصودة، وذلك حينما قال عبر أستوديو التحليل بعد نهاية المباراة إنها ''تمت بفعل فاعل''. وأكد الصحفي المخضرم أنهم سيتجهون إلى مقاضاة المتسبب في ذلك عبر الطرق القانونية، حتى يستعيدوا حقوقهم من هذا الفعل غير الأخلاقي، حسب قوله. وأضاف أن العاملين في القناة سيبذلون ''قصارى جهدهم لإرضاء مشاهديهم في جميع أرجاء الوطن العربي، مخفياً في الوقت ذاته اسم الفرد أو الجهة التي قامت بمحاولة إعاقة إيصال البث التلفزيوني للقاء إلى المشاهدين.وقامت قناة ''الجزيرة الرياضية'' بنقل اللقاء عبر القنوات المفتوحة بسبب ''المحاولات التخريبية''، حسب وصف مسؤوليها.