لم يلق مشروع نظام الأجورالجديد للمديرين التنفيذيين في المؤسسات العامة إجماعا داخل الحكومة، ذلك ما جعل الجهة المعنية تقوم بتأخير الإفراج عنه بعدما كان مفترضا تمريره في اجتماع مجلس كبار المساهمين في الدولة في 11 جويلية الماضي بسبب الخلاف الدائر داخل الحكومة حول نظام الأجور الجديد مما جعل دخوله حيز التنفيذ يتأخر إلى أجل غير معلوم. ويرتكز النظام الجديد على 20000 دج، حيث يتحصل مدراء المؤسسات العمومية على أجر يتراوح بين 6 و10 مرات من الأجر القاعدي المقدر ب20000 دج، حيث يصل الأجر الصافي للمدير العام إلى 20 مليون سنتيم للشهر. هذه الأجور التي تنافي الواقع حسب ما نقله الموقع الإلكتروني "كل شيء عن الجزائر" عن مصدر عليم، حيث إن مدراء بعض المؤسسات العمومية على غرار "سونطراك" و"موبيليس" يتحصلون على أجور تفوق تلك التي سبق ذكرها على عكس مدراء باقي المؤسسات، هذا من بين الأمور التي دفعت بالوزير الأول عبد المالك سلال إلى الإقدام للعودة فيما بعد لتمريرها أمام مجلس كبار المساهمين في الدولة". حيث يحصل الرئيس المدير العام لمجموعة سوناطراك على نفس راتب الوزراء في الحكومة، بالإضافة إلى بعض المزايا المرتبطة بطبيعة المنصب ومتطلبات العلاقات مع نظرائه في المجموعات البترولية، وهو الأجر الذي يحصل عليه محافظ بنك الجزائر الذي يصنف في نفس مرتبة الوزراء، وتصل أجور نواب الرئيس المدير العام لمجموعة سوناطراك إلى 200000 دج شهريا، أما أجر الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك فهو نفس الأجر الذي يحصل عليه رئيس مدير عام مجموعة سوناطراك. وإذا كان أجر الرئيس المدير العام لمجموعة سوناطراك التي تتجاوز مداخيلها السنوية 50 مليار دولار سنويا كمعدل منذ سنوات، فإن أجر الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للسيارات الصناعية أسوأ حالا بكثير على الرغم من تسييره لأصول تقدر بمئات ملايين الدولارات، فضلا عن تكليف هذه المجموعات بقيادة قاطرة الاستراتيجية الصناعية. إلى غاية اليوم لا يحق لرؤساء البنوك العمومية التابعة للدولة الحصول على أجور تتألف من شقين الأول ثابت يعادل 12 مرة الأجر الوطني الأدنى المضمون البالغ اليوم 12000دج بمعنى أن القسم الثابت لأجر الرئيس المدير العام لبنك مثل الجزائر الخارجي أو القرض الشعبي أو كناب بنك وبنك التنمية المحلية والبنك الوطني الجزائري وغيرها من بنوك الدولة لا يتجاوز حاليا 144000 دج شهريا، بالإضافة إلى جزء متغير يتراوح بين 600000 دج و800000 دج يتحصل عليه كل رئيس مدير عام بعد توزيع الأرباح السنوية، وهو ما يرفع المداخيل السنوية لرئيس مدير عام بنك جزائري عمومي إلى 2528000 دج، بالإضافة إلى امتيازات ومزايا تتعلق بالمنصب تتمثل في ثلاث سيارات وكراء مسكن ومصارف الهاتف وخادمة منزل، ويحصل كل رئيس مدير عام لأي بنك عضو في مجلس إدارة مجموعة أو شركة على عوض حضور يعادل 20000 دج، بالإضافة إلى تذكرة طائرة ومصاريف المهمة إذا كان عضو مجلس إدارة في مؤسسة مالية على المستوى العربي أو القاري. وبالمقارنة مع أجور رؤساء الشركات والبنوك والمؤسسات المالية الخاصة العاملة في الساحة، فإن الأجور التي يتحصل عليها المسؤولون في القطاع العام تعتبر متواضعة جدا عندما نجد أن الأجر الذي يتحصل عليه المدير العام للبنك الفرنسي "بي أن بي باري با" أو المدير العام للشركة العامة، ونظيره في مجموعة سيتيليم أو سيتي بنك الأمريكي، لا يقل عن 9000000 دج سنويا الجزء الأهم منها بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى امتيازات المنصب من سيارة وفيلا في حي محترم في العاصمة وحماية أمنية مدفوعة الأجر، وكلها موثقة في عقد العمل، مما شجع على هروب الإطارات من البنوك والشركات العمومية نحو منافستها الخاصة. في مقابل أجور القادة ومسؤولي الشركات والبنوك الجزائرية، يحصل الرئيس المدير العام لشركة لوريال لمواد التجميل على ما يعادل 88.2 مليون أورو كأجر بالإضافة إلى 137 مليون أورو كأسهم ويحصل الرئيس المدير العام لمجموعة "فيفاندي" على أجر سنوي يصل إلى 39,96 مليون أورو، بالإضافة إلى قصر في مدينة مراكش المغربية. ولا يقل الأجر السنوي للرئيس المدير العام لمجموعة "سوسيتي جنرال" عن 37,2 مليون أورو، وهو أعلى أجر بين جميع البنوك الفرنسية، متبوعا برئيس مدير عام شركة التأمين "أكسا" الذي لا يقل أجره هو الآخر عن 37 مليون أورو سنويا، وهو نفس الأجر السنوي الذي يحصده الرئيس المدير العام للمجموعة النفطية توتال، بالإضافة إلى قصر رفيع. يقدم النظام الجديد الأجور ويضع جميع المديرين على قدم المساواة بغض النظر عن الربحية، هذا ما جعل أغلب المدراء والإطارات يهاجرون إلى المؤسسات الخاصة والأجنبية المتواجدة بالجزائر وذلك بعد الخبرة الكبيرة التي يكتسبونها نظرا إلى الأجور المغرية والامتيازات التي يتحصلون عليها عند الخواص والأجانب تفوق بكثير ما يتحصلون عليه في القطاع العام كونه ليس في مستوى تطلعاتهم.