عادت قضية "التطبيع الثقافي" مع دولة الاحتلال لتظهر من جديد في شكل سينمائي، حيث عرض سهرة أول أمس الفيلم الجزائري "سطوح" للمخرج المثير للجدل مرزاق علواش والإسرائيلي "أنا عربية" لصاحبه عاموس غيتاي، في افتتاح الدورة السبعين لمهرجان "فنيسيا" السينمائي الذي تتواصل فعالياته إلى غاية الثامن سبتمبر القادم بالمدينة الإيطالية العريقة. وتم اختيار المنظمين لهذين العملين بالنظر إلى موضوعيهما المناسبين للأوضاع السياسية المضطربة التي تعيشها أغلب دول العالم، ولعل اقتران اسم علواش بالإسرائيلي عاموس أثار الكثير من الجدل حتى قبيل عرض الفيلمين، خصوصا أن المخرج الجزائري لم يبد اعتراضا على الأمر، بينما أثارت قضية التقاء مثقفين جزائريين وإسرائيليين في مناسبات ومهرجانات مختلفة، الكثير من الجدل، في حين تعرض بعضهم للهجوم بسبب هذا "التطبيع الثقافي" مع دولة الاحتلال. ويحكي "السطوح" الذي صورت مشاهده في ظرف قياسي قدره أسبوعان من السنة الماضية؛ حكايات أناس يعيشون على أسطح المباني في الجزائر العاصمة، وتحديدا في حي "باب الواد" الشعبي، وهو المكان الذي سبق لعلواش أن استمد منه "سيناريوهات" العديد من أفلامه، حيث ترتكز الحكاية هذه المرة على "عائشة"، وهي الأم العزباء الفقيرة التي تؤدي بدورها آمال كاتب. وإلى جانبها شخصيات أخرى يبدو أن مخرج "عمر قتلاتو الرجلة" أراد الانتقال بينها، لتوحيد الحالة الاجتماعية التي تعيشها، حيث تجتمع الشخصيات كلها في مساحة زمنية واحدة، من دون أن تلتقي بالضرورة أمام "كاميرا" المخرج. في السياق ذاته، أوضح علواش أن فكرة تصوير فيلم تدور أحداثه على السطوح طرقت مخيلته عندما كان يصور فيلما قصيرا تجري وقائعه على سطح موازٍ لمكتبه. وحينها، أدرك التحول الذي كان يميز المدينة والمتمثل في استخدام السطوح أمكنة للسكن. وقال المخرج هنا "لم نصل بعد إلى مرحلة يبدأ فيها الناس في السكن بين المقابر كما الحال في مصر، ولكننا لسنا بعيدين عن ذلك"، مضيفا أنه زار ما يقارب الستين سطحا قبل أن يقرر التصوير في المكان الذي اختاره. ولم يكن الحصول على إذن التصوير سهلا، ذلك أنه من الصعب معرفة من هم مالكو الأسطح، إذ تعطيك الشعور بأنك في الداخل والخارج في آن واحد. وهذا يجعله يتفادى العمل في مكان مغلق أو أن يُجبر على التصوير في مدينة مكتظة جدا كالجزائر العاصمة. من ناحية أخرى، يعرض ضمن فعاليات مهرجان "فنيسيا" 53 فيلما يتنافس 20 منها للفوز ب"جائزة الأسد الذهبي" التي تمنح للفائز سهرة السابع سبتمبر المقبل، فيما تركز غالبية الأفلام المشاركة على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والعائلية. ويشارك في المهرجان الممثل والمخرج الأمريكي جورج كلوني أحد رواد مهرجان البندقية الكبار وعن مواطنته ساندرا بولوك، وهما بطلا فيلم التشويق العلمي الخيالي "غرافيتي" للمخرج المكسيكي ألفونسو كوارون. ومن السينمائيين الذين ترتقب مشاركتهم أيضا، كاتب السيناريو الأمريكي بيتر لاندزمن في أول فيلم يخرجه وهو بعنوان "باركلاند" حول اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق "جون كينيدي".