التحقيقات تشمل شركات وطنية عملاقة ومقاولات خواص وأشغال المناولة مشاريع الجماعات المحلية والصحة والتربية والطاقة والمناجم تحت المجهر مؤسسات وطنية متورطة في المتاجرة غير القانونية بتجهيزات شركات أجنبية أنهت مصالح الأمن سلسلة تحريات حول مئات المقاولات الخاصة التي حصلت على أكثر من 1000 مشروع عبر الوطن في مختلف القطاعات. وأبلغ مصدر مطلع ''البلاد'' بأن تقريرا أمنيا موثقا، تم تسليمه لرئيس الجمهورية، تضمن عدة تجاوزات وخروقات في التعامل مع الصفقات العمومية المبرمة التي تولدت عنها "ظاهرة احتكار عدد من المؤسسات والمقاولات للمشاريع على مستوى بعض القطاعات الإستراتيجية، على غرار الجماعات المحلية والموارد المائية والصحة والتربية والطاقة والمناجم. وبينت التحريات الأولية -حسب نفس المصادر- منحى تصاعديا مثيرا للانتباه في رقم أعمال عدة شركات خاصة، وتحولها إلى مجموعات عملاقة في ظرف زمني قياسي. بشكل تفلح في افتكاك مشاريع بالملايير في عدة ولايات دفعة واحدة".وجاء تحرك الجهات الأمنية المختصة حسب مصادر "البلاد" تبعا لتعليمة مستعجلة أصدرها الوزير الأول عبد المالك سلال وأبرق بها لولاة الجمهورية والوزارات، يأمرهم فيها بتسليم نسخ من ملفات حوالي 1000 صفقة عمومية تحوم حولها شبهة الوقوع في تجاوزات قانونية وتخص قطاعات الجماعات المحلية، الموارد المائية والنقل، والتربية والصحة، والسكن والتجهيزات العمومية، والفلاحة، والطاقة والمناجم. وأشار نص تعليمة الوزير الأول إلى أمر رئاسي أصدره رئيس الجمهورية، رجحت مصادرنا أن يكون ذلك ضمن سلسلة اللقاءات التي جمعت سلال ببوتفليقة "خلال فترة النقاهة التي خضع لها بعد العلاج من وعكته الصحية"، بضرورة تسليم الملفات بالتنسيق مع الأجهزة والهيئات المعنية بجزئيات إبرام تلك الصفقات والتدقيق في وثائقها في أقرب الآجال الممكنة، في إطار عمليات التدقيق في المصاريف والمشاريع العمومية إلى مصالح الوزارة الأولى من أجل التحقيق في ملفات اشتغلت عليها فرق أمنية مختصة في المحاسبة العمومية والخاصة. وأوردت المصادر أن تاريخ عدد من المشاريع المعنية بحملة الرقابة الشاملة غير المسبوقة إلى أعوام 2005 و2006 و2009 و2011، ويتعلق الأمر بمشاريع كبرى تتراوح قيمة المشروع الواحد منها بين 20 و250 مليار سنتيم. وأشارت المصادر المتابعة لتفاصيل الملف إلى أن عمليات المراقبة والتدقيق المالي الجديدة التي تولتها مصالح الأمن بالتنسق مع مصالح الرقابة المالية في إطار فحص وإحصاء كل الصفقات والعمليات المالية الكبرى، بالتعاون مع مصالح الضرائب والجمارك والبنوك ومصالح أملاك الدولة، من أجل حصر كل الصفقات المصرح بها، والتأكد من وجود مناولة للمشاريع العمومية، ثم تتبع مسار المشاريع التنموية إجراءات منع تداول النقود السائلة بمبالغ مالية كبيرة، ومكافحة تبييض الأموال. وتابعت مصادرنا أنّ التحقيق مسّ العديد من الشركات الوطنية، سواء من القطاع العمومي أو الخاص، وحتى الشركات الأجنبية التي قامت ببيع عتادها بطريقة غير قانونية تتنافى والقوانين السارية المفعول بالجزائر، التي تمنعها من إعادة بيعها بعد استغلالها في المشاريع، حيث أعطاها القانون الجزائري صفة ''الظرفية''، لتقوم الشركات الأجنبية المالكة لها بإعادتها إلى موطن مالكيها من الشركات الأجنبية، بعد الانتهاء من إنجاز المشاريع. في نفس الإطار، أكد ذات المسؤول أن هذه الصفقات تعد بالملايير، مشيرا إلى أن التخلي عنها من طرف الشركات الأجنبية تم عن طريق بيعها لشركات وطنية، مقدرا الصفقات بالهامة والتي كلفت الخزينة العمومية خسائر هامة. وفي سياق ذي صلة، كشف مصدر، أن هناك العديد من الشركات الوطنية المستفيدة من عمليات بيع عتاد الشركات الأجنبية، قامت بإعادة بيع هذا العتاد والمتاجرة به لصالح شركات أخرى من القطاع الخاص، فيما نفت شركات أخرى استغلالها لبعض العتاد الموجود بمخازنها، مبررة وجوده بتخلي الشركات الأجنبية عنه بعد رحيلها.