التفكير في إعادة بعث القروض الاستهلاكية والتصريح باستيراد السيارات الأقل من 3 سنوات حصر قاعدة 49/51 في القطاعات الإستراتيجية وغض الطرف عن حق الشفعة قررت الحكومة بعد 4 سنوات من سن قانون المالية التكميلي لسنة 2009 إعادة النظر في معظم الإجراءات التي تضمنها هذا الأخير في مقدمتها إلغاء القروض الاستهلاكية ومنع استيراد السيارات الأقل من 3 سنوات وفرض قاعدة 49/51 ومبدأ حق الشفعة، وإذا كانت بعض الأطراف ترجع التعديلات التي يتم دراستها على مستوى الحكومة فيما يخص قانون 2009 إلى رحيل حكومة أويحيى واستبدالها بحكومة سلال، فإن أطرافا أخرى تؤكد أن تغيير مبادئ قانون المالية التكميلي لسنة 2009 مرده إلى تطبيق الحكمة القائلة ”لكل مقام مقال”. بعد 4 سنوات من سنّه حكومة سلال تعيد النظر في قانون المالية التكميلي لسنة 2009 تدرس الحكومة إمكانية إلغاء عدة قوانين فرضها قانون المالية التكميلي لسنة 2009 كحق الشفعة ومنع استيراد السيارات الأقل من 3 سنوات، ووقف القروض الاستهلاكية، وهي الإجراءات التي تم إقرارها آنذاك لتعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، في حين أنه وبعد مرور 3 سنوات اكتشفت الحكومة أن هاته القوانين فشلت في تحقيق ما جاءت لأجله. قام الوزير الأول السابق أحمد أويحيى من خلال قانون المالية التكميلي لسنة 2009 بفرض عدة إجراءات لحماية الاقتصاد الوطني من التجاوزات وفي مقابل ذلك لقي القانون منذ سنّه العديد من الانتقادات ومعارضة قوية من قبل جهات داخلية وخارجية، خاصة تلك التي أعاق القانون مصالحها، وطبقا للمادة 62 من قانون المالية التكميلي لعام 2009 تم فرض حق الشفعة الذي ينص على حق الدولة في السيطرة مجددا على الأصول العمومية المتنازل عنها في سياق الخوصصة، في حال عدم الالتزام بشروط العملية، وحق الشفعة لكل الأصول التي يريد مستثمرون أجانب التخلص منها أو بيعها في الخارج، واعتبار ذلك لاغيا، لأن الحكومة هي الوحيدة المخولة لشرائها. وبسبب هذا القانون، رفعت العديد من الشركات الأجنبية التي رغبت في مغادرة الجزائر وبيع مؤسساتها لدول أجنبية دعاوى قضائية لدى المحاكم الدولية بداية من شركات الاتصالات أهمها ملف ”جيزي” وشركات المياه، وشركات متخصصة في مجال المحروقات والطاقة، حيث استعملت شركة ”سوناطراك” حق الشفعة في صفقة تنازل قامت بها شركة ”أنديسا” الإسبانية عن أسهمها في مجمع ”ميد غاز” لشركة بلجيكية متخصصة في مجال الطاقة، وقالت مصادر إعلامية إسبانية إن شركة ”سوناطراك” المساهم الرئيسي في ميدغاز بحصة قدرها 26 بالمائة تقدمت باعتراض لبورصة مدريد على صفقة تنازل شريكة ”أنديسا” عن حصتها لصالح مجمع ”فلوكسيس” البلجيكية. وتضمن أيضا قانون المالية التكميلي لسنة 2009، قرار توقيف منح القروض الاستهلاكية، هذا ما تسبب في تذمر العديد من المواطنين، ومن جهتها تسعى المركزية النقابية كممثل شرعي للعمال إلى إرجاع القروض الاستهلاكية حيث طالب رئيس المركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد من الحكومة إعادة القروض الاستهلاكية لأنها الطريقة الوحيدة لضمان تشجيع الإنتاج واستهلاك المنتج الوطني، ومن جهته قال رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين نايت عبد العزيز، أن عودة القروض الاستهلاكية يبقى مقترنا فقط بمنحها للمنتوجات الوطنية، لتشجيع المنتوج المحلي. وأصدر رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى قرارا بمنع استيراد السيارات والعتاد الأقل من 3 سنوات في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2009، وبسبب هذا القرار تتعرض الحكومة إلى ضغوطات من المنظمة العالمية للتجارة لتدفعها إلى التراجع عنه، كشرط لانضمامها للمنظمة، وهو الأمر الذي تنظر إليه الحكومة بمحمل الجد وعليه ليس من المستبعد أن ترفع الجزائر الحظر عن استيراد السيارات المستعملة لأقل من ثلاث سنوات، وكذا العتاد المستعمل. سارة نوي قالت أن التغييرات المرتقبة خلال 2013 لا علاقة لها برحيل أويحيى وزارة المالية: ”قانون 2009 لم يتضمن أخطاء... ولكل مقام مقال” رفضت مصادر من وزارة المالية الرد على الانتقادات التي تواجه قانون المالية التكميلي لسنة 2009 بعد 4 سنوات من سنه وقالت أنه حتى في حال سن تعديلات على هذا القانون فهو أمر حتمي يتطلبه تغير الظروف والأوضاع وليس تغيير المسؤولين وأعضاء الحكومة مثلما يدعيه البعض مشدّدة على أنه ”لكل مقام مقال”. وأوضحت ذات المصادر في تصريح ل”الفجر” أن سريان بعض الإجراءات التي تضمنها قانون المالية سنة 2009 لمدة 4 سنوات ثم التفكير في العدول عنها حاليا جاء نتيجة لتغير الأوضاع وليس لأن هذه الإجراءات كانت خطأ وجب على الحكومة تصحيحه ضاربة المثل بمنع القروض الاستهلاكية للسيارات التي قالت أنه تم تجميدها لدواع تقشفية، إلا أن إنشاء مصنع السيارات رونو في الجزائر يفرض إعادة إدراجها بالنسبة للمنتوجات المحلية. واعتبرت المصادر ذاتها أن أهم ما ميّز سنة 2009 من الناحية الاقتصادية الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى وقدرة الجزائر على التكيّف مع انعكاسات الأزمة المالية العالمية من خلال قانون المالية التكميلي الذي تضمن قرارات اقتصادية أعطت للجزائر ديناميكية على المستوى الداخلي، بالإضافة إلى حضورها المميّز على الصعيد الخارجي من الناحية الاقتصادية وكان هذا القرار الاقتصادي أكبر حدث وطني ميز سنة 2009 بحكم أن آثاره الإيجابية على الاقتصاد والمجتمع تجلت بسرعة وظلت مستمرة ولا تزال بشكل أنقذ الاقتصاد الوطني من مطبّات الأزمة المالية العالمية التي أثرت على مداخيل الجزائر بالعملة الصعبة بسبب انخفاض أسعار المحروقات الناتج عن تراجع نمو اقتصاديات الدول الكبرى بفعل هذه الأزمة. ورغم المخاوف التي صاحبت الإعلان عن قرار منع قروض الاستهلاك حسب ذات المصادر، لاسيما من قبل أرباب العمل، ثم الحملة المسعورة التي شنتها بعض القوى الأجنبية التي ترى في الجزائر سوقا وزبونا لمنتوجاتها، فإن الحكومة أصرت على القرار وعدم التراجع عنه، معتبرة إياه قرارا سياديا مرتبطا بالمصلحة العليا للبلاد، وكان خطابها في ذلك منسجما نحو الداخل وحيال الخارج وقد واجهت السلطات العمومية انطلاقا من إدراكها لإستراتيجية هذا القرار وعقلانيته، مخاوف الداخل بحملة تحسيسية توعوية أقنعت بها المتخوفين من بعض أرباب العمل، بالجدوى الاقتصادية للقرار وآثاره الإيجابية على مؤسساتهم. إيمان كيموش صعوبة إيجاد شريك وطني وتأخر المشاريع يرشح مراجعتها قاعدة 51/49 أمام اختبار يفرض اقتصارها على قطاعات ”إستراتيجية” كحل توافقي من المتوقع أن تصنع القاعدة المنظمة للاستثمار الأجنبي في الجزائر التي تعرف بمبدأ 51/49 الاستثناء من بين تدابير قانون المالية التكميلي لسنة 2009 التي قد يعاد النظر في تطبيقها ضمن آليات إعادة تنظيم الإطار القانوني لسير النشاطات الاقتصادية والاستثمار الأجنبي على وجه الخصوص. ويرى المتبعون للشأن الاقتصادي أن هذا الإجراء الذي تبنته الحكومة بقيادة رئيسها السابق احمد أويحيى معرض للمراجعة بالنظر إلى الحجم التأخر الذي تعاني منه المشايع المقررة في برنامج المخطط الخماسي بالدرجة الأولى، على الرغم من أنه القاعدة التي ارتبطت بالسيادة الوطنية على الاقتصاد والمشاريع ظلت صامدة أمام انتقادات الشركاء الأجانب منذ الإعلان عنها بمناسبة صدور قانون المالية التكميلي لسنة 2009. وعلى هذا الأساس، تشير الشركات والمجمعات الأجنبية الكبرى على الرغم من موافقتها المبدئية على تطبيق هذه القاعدة، إلى عجزها عن إيجاد الشريك الوطني أو الشركاء الوطنيين المناسبين والذين سيمتلكون نسبة 51 بالمائة على الأقل من أسهم المشروع، ما يجعل هذه المشاريع مجرد اتفاقيات موقعة على الورق وغير موجودة حقيقة على أرض الواقع، بينما يذهب البعض من الخبراء إلى إيجاد حلول وسط قد تكون بمثابة المخرج بالنسبة للسلطات العمومية، تصب في إطار إلغاء طابع التعميم الذي يمس المبدأ، من خلال تحديد بعض ما يمكن إطلاق عليه ”قطاعات إستراتيجية” تبقي العمل بقاعدة 51/49 حفاظا على السيادة الوطنية، وفتح المجال أمام قطاعات أخرى لا تتمتع بصفة ”الاستراتيجية” للتفاوض بين الشركاء لتحديد نسبة كل طرف، لاسيما في المجالات التي تحتاج فيها المؤسسات الوطنية العمومية والخاصة إلى اكتساب الخبرة التكنولوجية، والتي يتمثل فيها دورها في جوانب محصورة، ما يجعل السلطات الوصية في سباق مع الوقت للتحديد القطاعات المعنية طبقا لمعايير معينة قبل موعد قانون المالية التكميلي الذي سيضم ملفات أخرى. ويذهب منتدى رؤساء المؤسسات باعتباره يمثل مجموعة الشركات الوطنية الخاصة بالدرجة الأولى، أيضا هذا الاتجاه لاسيما وانه ما فتئ يعيب على السلطات العمومية تعميم العمل بالمبدأ على كل القطاعات واعتبره دليلا على عجزها عن التحكم في النشاط والممارسة الاقتصادية. وأكدت الهيئة التي تمثل الشركات وأرباب العمل أنه كان من المفروض جعل تمييز بين القطاعات، من منطلق أن القاعدة استحدثت من أجل الحفاظ على السيادة الوطنية في مواجهة نفوذ الشركات المتعددة الجنسية الكبرى بالمقام الأول. سعيد بشار الخبير الاقتصادي كمال رزيق ل”الفجر” ”اعتماد قوانين تكميلية سيخلف أزمة حتمية في الميزانية المالية” اتخذت الحكومة خلال السنوات الأربع الأخيرة من قانون المالية التكميلي نمطا اعتياديا لها لتسيير وجدولة كل النقائص والأخطاء التي عجز القانون السنوي العادي عن استيعابها بالرغم من حيازته على طابع الاستثنائية وتوجب عليها الاستعانة ببرامج تقشفية لحماية ما تبقى من مخططات العمل المسطرة. أوضح الخبير الاقتصادي كمال رزيق في اتصال مع ”الفجر” أن اعتماد قانون مالية تكميلي يكون بصفة استثنائية حسب ما تنص عليه الأحكام رقم 84-17 المنظمة للجانب المالي في حال تم تسجيل نقص أو زيادة في القانون السنوي العادي، والتي تكون ناتجة عادة عن غياب المعطيات اللازمة أو الآليات المنظمة لذلك. وشدد رزيق على ضرورة مراجعة القانون الإجباري ووضع خطة عمل لاستدراك كل الأخطاء من خلال إعادة النظر في الجماعات المخولة لهم مهام ضبط مؤشرات الميزانية المالية بالنظر إلى مدة صلاحية القوانين التكميلية التي لا تتجاوز سنة كأقل تقدير، خاصة وأن اعتماد قانون استثنائي لأزيد من 4 سنوات على التوالي ناتج عن انتهاج نظام مالي عشوائي،مضيفا أن إتباع نفس وتيرة العمل في كل مرة سيساهم في خلق أزمة حادة وخلل حتمي ناتج عن غياب آليات محكمة لتحديد احتياجات الاقتصاد الوطني لعدد من القطاعات بالنظر للميزانيات العشوائية التي أصبحت تسطر اعتمادا على قوانين مماثلة. وفي سياق ذي صلة، أكد أستاذ العلوم الاقتصادية أن أنجع الحلول في الوقت الراهن هو اعتماد الحكومة نمط ”البرامج” في تسير الميزانية المالية السنوية خاصة في الوقت التي أعلنت فيه الحكومة عن ضرورة تبني برامج تقشفية لتسير الوضع العام منذ بداية العام الجاري، بالنظر لمعدل الواردات التي تم تسجيله والذي قارب 60 مليار دولار، الأمر الذي ألغى فعالية البحبوحة المالية التي عرفتها خزينة الدولة خلال العام المنصرم. وحذر نفس المتحدث من سياسة الاعتماد على عائدات البحبوحة المالية في حال تسجيل أي نقص أو خلل في ميزانية التسيير العادية كونها أكبر خطأ اقتصادي لأنها نتيجة لفاتورة الصادرات ما سيجعل جل البرامج ومخططات العمل المسطرة رهينة تذبدبات السوق. وعلى صعيد آخر، استبعد سلبية القانون المنظم للصفقات العمومية حسب ما أكدته العديد من المؤسسات العمومية التي جعلت منه المبرر الوحيد في حال فشل الصفقات التعاون المبرمة مؤكدا آن هذا راجع إلى غياب آليات تطبيقية فعالة، زيادة إلى هذا عدم احترام دفتر الشروط وبنود المناقصات الموقعة، إضافة إلى عدم جدوى القائمين على التسيير هذا النوع من الصفقات.