تحسر تقرير لصحيفة الفايننشل تايمز البريطانية الشهيرة والمختصة في الشأن الاقتصادي على الأيام الخوالي لصناعة الخمور في الجزائر إبان العهد الاستعماري، الذي عرف ازدهارا كبيرا مثلما كانت عليه في قديم الزمن، حيث استطاع القرطاجيون جعلها قطبا متوسطيا كبيرا في صناعة المشروبات الكحولية. واعتبرت الصحيفة أن الجزائر خلال فترة الاحتلال استطاعت احتلال المرتبة الأولى عالميا بكل جدارة، بما فيها فرنسا نفسها، التي كانت الأشهر عالميا في ذلك الحين. لكن رغم انخفاض الإنتاج السنوي الجزائري من 25 مليون هيكتولتر قبل 60 سنة إلى 500 ألف هيكتولتر في الوقت الراهن، إلا أنها حافظت على مركزها المتقدم أمام الدول المغاربية لتحتل المركز الأول، أما المغرب ب400 ألف هيكتولتر ثم تونس التي حلت ثالثة ب300 ألف هيكتولتر. و اعتبر التقرير أن أهم المناطق التي ترتكز فيها صناعة الخمور في الجزائر هي عموما في الشطر الغربي من البلاد، خاصة في ولايات وهران وسيدي بلعباس ومستغانم وتلمسان، مشيدا ب«النوعية الممتازة " التي يتميز بها من حيث انخفاض الأكسدة، واعتدال مستوى الكحول الذي يتضمنه، الأمر الذي جعل شخصيات مشهورة عالميا تدخل مجال صناعة الخمور بواسطة منتوجات الكروم الجزائرية ومنهم الممثل الفرنسي المعروف "جيرار ديبارديو" الذي ينتج خمرا يحمل اسم "كوفي مونيكا" ذا النوعية العالية، تضيف الصحيفة. أما فيما يتعلق بتسويق المنتوجات الكحولية المغاربية، فقد أكد التقرير أن كمية الخمور التي زادت ب5 بالمائة في السنوات الأخيرة، يصدر 70 بالمائة منها نحو الخارج إلى دول مختلفة حول العالم، في مقدمتها فرنسا ثم البرازيل والصين. وبالعودة إلى صناعة الخمور الجزائرية، قالت الفايننشال تايمز إن عشرية الإرهاب التي عاشتها البلاد قد ضربت هذه الصناعة في الصميم، لكنها عادت للازدهار مجددا بعد استتاب الأمن وعودة الحياة إلى طبيعتها، مع "تحسن ملحوظ" في نوعية المنتوجات بعد دخول الشركات على غرار Castel الفرنسية. وركزت الصحيفة كثيرا على ما وصفتها بالمعوقات التي تعترض صناعة الخمور في المغرب العربي، بسبب المناخ الاجتماعي الرافض لها، حيث تعتبر حراما لدى غالبية سكانها الذين يعتنق معظمهم الدين الإسلامي. وكان تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية أظهر أنها احتلت المرتبة الأولى في قائمة الدول الإفريقية المسلمة التي يتناول شعبها أكبر كمية من الخمور، حيث وصل معدل استهلاك الفرد فيها سنويا 1 لتر، متبوعة بغينيا ب 0.8 لتر، والصومال ب0.5 لتر، ثم جزر القمر ب0.4 لتر ، تليها مصر التي يبلغ معدل استهلاك الفرد فيها من المشروبات الكحولية 0.38 لتر، ثم ليبيا ب0.11 لتر، ثم موريطانيا 0.1 لتر. حيث لم يحل اعتناق أكثر من 99 بالمائة من الشعب الجزائري للدين الإسلامي الذي يحرم تناول الخمور بصورة مطلقة من انتشار هذه العادة السيئة التي تحاول حتى الدول الغربية غير المسلمة مكافحتها نظرا إلى أضرارها الصحية والاجتماعية الوخيمة.