بعد شروع السلطات في التحضير لحملة هدم البنايات الفوضوية أقدم العشرات من المواطنين أمام مقر دائرة البوني بولاية عنابة، أمس في مشهد مرعب، على تقطيع أجسادهم باستخدام السكاكين وشفرات الحلاقة، تنديدا بقرار إقصائهم من الاستفادة من حصة 500 سكن اجتماعي التي تم توزيعها على طالبي السكن الاجتماعي واحتجاجا على حملة هدم البنايات الفوضوية. عاش مقر دائرة البوني، منذ الساعات الأولى من نهار أمس، اجتياحا كبيرا من طرف أفواج من المحتجين المطالبين بالسكن. وقد حاولت قوات الأمن صدّ هؤلاء المحتجين وتفريقهم، إلا أن عناصرها جوبهوا برفض المتظاهرين المغادرة دون مقابلة رئيس الدائرة شخصيا وتبليغه انشغالاتهم، خصوصا فئة قاطني السكنات الهشة الذين تجمعوا منذ الصبيحة أمام مقر الولاية، حيث منعوا عمال ومسؤولي الدائرة من الدخول وخلقوا جوا من الفوضى، ساعد مجموعة منهم تسلق الجدران والصعود فوق سطح مبنى مقر الدائرة حيث رفضوا الاستجابة لنداءات عناصر قوات الأمن الذين طالبوا المحتجين بتحكيم العقل والتوقف عن تقطيع أجسامهم مما تسبب لبعضهم في إصابات بجروح بليغة على مستوى البطن والصدر، استدعت تدخل عناصر الحماية المدنية، على الرغم من رفض بعضهم الحصول على الإسعافات الأولية، الأمر الذي تسبب في تعرض أربعة من المحتجين إلى إغماء جراء النزيف الحاد الذي تعرضوا له. وشوهد العديد من المواطنين المتجمعين أمام أكير دائرة في عنابة، عراة وأجسادهم تسيل دماء، إضافة إلى حمل العشرات من المحتجين الآخرين شعارات تندد بإقصائهم من السكنات والتحضير لهدم سكناتهم الفوضوية خاصة بحي جمعة حسين، كما استنكروا الطريقة المشبوهة التي وزعت من خلالها لجنة الدائرة حصة السكن الاجتماعي الموجهة لسكان البنايات الهشة. وحمل المتظاهرون الذين حاصروا مقر الدائرة شعارات تطالب ب "السكن أو الانتحار"، في إشارة منهم إلى الفوضى والتلاعب الذي طبع عملية إعداد قوائم السكن الاجتماعي من طرف لجنة الدائرة، التي لم يتم الاعتماد فيها، حسبهم، على المعايير القانونية في دراسة حالات الاستفادة، خصوصا أن العديد من المستفيدين ممن طعنوا في مصداقية استفادتهم سبق لهم أن استفادوا من سكنات اجتماعية وتساهمية وترقوية بأسماء أقاربهم، ومنهم من حصلوا على سكن اجتماعي ضمن الحصة الحالية بأسماء الزوجات وسبق لهم أن استفادوا من سكن ضمن برنامج "عدل" على حد قولهم، الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة حول "المصداقية التي تتحدث عنها السلطات عبر صفحات الجرائد في دراسة وإعداد القوائم"، حسب المحتجين، في الوقت الذي يخرج فيه المئات من المواطنين إلى الشارع وصوب مقرات الدوائر للاحتجاج. وسلم المحتجون إلى رئيس الدائرة وممثلي الصحافة، أقراصا مضغوطة حول كثير من الحقائق الخفية التي واجهت العديد من طالبي السكن الاجتماعي في الوصول إلى مسؤولي الدائرة، إضافة إلى تقديمهم شهادات حية، حسب اعترافات نساء ورجال، تشير إلى تعرضهم للضغوط والمساومة من طرف بعض الإداريين، خاصة النساء منهم، حيث اعترفن بأنهن قمن ببيع الحلي والمجوهرات وتسليمها إلى وسطاء من أجل الاستفادة من السكن الاجتماعي. يحدث هذا في الوقت الذي لم ينقطع مسؤولو الأمن والدائرة عن إقناع من قاموا بتقطيع أجسامهم بالتوقف عن الاحتجاج، على الرغم من محاولات مسؤول الدائرة شخصيا الحديث إليهم وإقناعهم بأن انشغالاتهم ستجد الحل القانوني في حينها.