*الرواية التي كسرت المحظور وحررت "نون" النسوة لم ينس "كتاب الخطايا" تفصيلة من تفاصيل الجنون الأنثوي. يوميات امرأة تعرّت من المجتمع، في زمن العولمة، حينما يكتب القلم بلسان الجنس الآخر فيلامس الحقيقة بل لا تكاد تفرق، حتى تصل حد الشك في الشّذوذ "الفكري"، وليس ما هو شائعا وما يحاول البعض الترويج إليه، فالشّذوذ "الفكري" هو ذلك السلوك الذي تقمصه الكاتب سعيد خطيبي، في روايته، حينما تمادى في سرد الأنثى بتفاصيل حياتها، حتى لا تكاد تفرق أكاتب الرواية امرأة أو رجل؟ وإن ذلك لا يدل إلا على براعة خطيبي في ممارسة كتابه. يسرد الإصدار، وهو مولود أدبي عن منشورات ANEP، تفاصيل حياة كهينة، بطلة العمل، هذه الشابة التي تغوي القارئ ليتابع قصتها التي تحزنك أحيانا وتضحكك حد البكاء الأحيان الأخرى. حيث حاول خطيبي من خلال روايته الخروج بالمجتمع الجزائري من صمته، ليروي في عبثية تجلت في عديد المشاهد، خبايا مجتمع يعارك العولمة نحو المكوث في التقاليد التي حبس فيها منذ الأزل، ولا يجرؤ على الخروج منها حتى الأزل. التحرر من الأنوثة باعتبارها قيدا في مجتمع ذكوري حتى النخاع، وفي محيط لا يعترف بنجاحات "النون"، مهما بلغت وعلت ستبقى ذلك العار الذي سيلاحقه أينما حل، إنه "الذكر الشرقي"، الذي لمح إليه الكاتب في إصداره، ودون أن يشعر "أو عن قصد ذات خبث إبداعي"، اعترف هذا الرجل "خطيبي"، بأنه أحد المذنبين في حق القهر الذي تعيشه "النسوة"، باعتباره شرقي أيضا، ولم يسلم شرقي من هذا الاتهام مهما انفتح. هذه العقلية التي دفعت بالكثيرات إلى ارتكاب "الخطايا"، لإقناع المجتمع من خلال "كسر المحظور"،... بل هو كسر الذات وعيش في جلباب الرذيلة المخزية. ثارت الرواية في "ربيع نسوي"، على معتقدات المجتمع الذي حبس المرأة في سنها، وحكم على أنوثتها بالإعدام ليلقبها ب"العانس"، في السن الذي يحلو له، وهذا ما جسدته المتمردة كهينة، هذه الشابة الحالمة التي عاشت مراهقة خجولة، فتاة لا تعرف في الخبث أكثر من الضحك خفية وسرقة لحظات السعادة من مجتمع لا يسمح لها "بالقهقهة"، وقت ما تشاء. قد يتعاطف القارئ مع هذه الشابة ويغفر لها كل خطاياها فقط لأن سعيد خطيبي أتقن إيصال براءتها المتخفية تحت معصياتها التي لا يغفرها المجتمع، هذه المرأة التي لا تحلم بأكثر من زوج وبيت وأولاد خوفا من عاصفة السن التي تسير بها نحو "العنوسة"، هذا اللقب الذي نحت وصمة عار على جبين مجتمع رفض الخروج من العصور الوسطى ولايزال يئد الأحلام لا لشيء لأن حاملها "أنثى". الحاج مسعود، في "كتاب الخطايا"، ماهو إلّا أحد النماذج التي أصبحت تواجهنا في كل الشوارع بالجزائر، حتى في قلب العاصمة، هؤلاء "من اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وماكانوا مهتدين"،هذه الشريحة التي تلعب على وتر الفقر والعاز، حاجة المرأة لأن تكوّن أسرة ويكون لها أولاد، والسعي خلف الشهرة بين "المغلوب على أمرهم"، من الجاهلين، وحتى أولئك الذين نالوا الشهادات العليا فما قضت لهم تلك الشهادات حاجاتهم في الحياة.