صدر أول عمل روائي للصحفي الجزائري المقيم بالخارج سعيد خطيبي تحت عنوان "كتاب الخطايا"، مؤخرا، عن منشورات anep، يسرد فيه يوميات "ساخنة" لشابة جزائرية بسيطة تعلن التمرد على أفكار المجتمع البالية وتعيش نزقها بكل ما أوتيت من قوة وجنون. «خطيبي" ينطلق في رحلته الضاجة بالتساؤلات، الخوف والجنون، باختيار ملفت ليكون فاتحة كتابه، قصيدة "الرسائل" للحكيم آيت منقلات، وتحت عنوان "الزلة الفاضلة" يروح الراوي يخبرنا عن القرار الأكثر جرأة وحماقة -كما يقول- في حياة رجل في الثلاثين يقرر الارتباط ب "زانية سابقة"... لتستفزنا التساؤلات ويجذبنا "سعيد خطيبي" إلى فوضى عالمه وجنون شخصياته. وتتفنن كهينة (بطلة الرواية) بداية من المقطع الثاني "لعنة الأمازيغية"، في سرد حكايتها الخارجة عن الأطر الاجتماعية، التي تقرر هذه المرأة البسيطة التي وصلت الثلاثين من عمرها ولا تملك سوى دبلوم "تقني سامي" وتعمل كمستقبلة هاتف في شركة لتسويق الأدوية، أن تكسرها، وهي تكشف عن أحلامها البسيطة في الحصول على زوج يفهمها وعمل يريحها من البقاء في البيت والشجار الدائم مع والدتها. هذه المرأة البسيطة تتحول في لحظة ما إلى وجه صادم، عندما تقرر أن تسرد لنا علاقاتها المتعددة مع رجال يتميز كل واحد منهم بشخصية معينة، "توفيق" الصحفي المثقف والمرح، "سمير" خطيبها المتدين والمعقد، و«عامر" العسكري الوسيم ذو الوجه الصحراوي الأسمر... رجال كثر يعجزون عن ترويضها وتنتهي كل قصصها معهم بالهجران.. لكن هناك تجربة محمومة وعابرة مع صديقها "توفيق"، لن تمر بسلام، لأن "كهينة" ستكتشف أنها حامل منه، وتفشل كل محاولاتها في التخلص من ذلك الجنين الذي اختفى والده عن الساحة، فتقرر كتابة سيرتها التي ينقلها لنا "اسماعيل"، الراوي الذي سيتقبلها هي وطفلها، كما قال، وهو لا يعرف بحماقة أو جنون. «كتاب الخطايا" الذي يجعلك عنوانه تتوجس من البداية، يدخلك في دوامة الصراع مع الأحكام والقيم... فلا تعرف التخلص من أفكارك الاجتماعية المقولبة والجاهزة ولكن سرد الأحداث يستفز عواطفك ونسيجها المحكم يجعلك تبحث عن مبررات ل "ارتكاب الخطيئة" وتقول "إنها ضحية مجتمعها" أو ربما أحلامها البسيطة؟ خلال سرده لأحداث الرواية، تغلغل "سعيد خطيبي" في وصف الشخصيات والمناطق ليجعل القارئ يعيش معه ويتنقل بين شوارع الجزائر العاصمة الخانقة، فيزور "عين النعجة"، "شارع محمد الخامس"، وساحة البريد المركزي... صفحات نجح فيها الكاتب في النفاذ بعمق إلى شخصية الأنثى، ليصور لنا خواطرها، مشاعرها، تقلباتها المزاجية ومشاكلها اليومية.