بسم الله الرحمن الرحيم فخامة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، ضيوفنا الأكارم، السادة الضباط.. يجدر بي استهلالا لهذه المداخلة الموجزة والمتواضعة، بأن أعبر لفخامتكم باسمي الخاص وباسم كافة أفراد الجيش الوطني الشعبي، عن فائق تقديرنا وعظيم إجلالنا لهذه الالتفاتة الكريمة التي أصبحتم تفردونها سنويا للأكاديمة العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال، وأصبحنا نرى فيها كعسكريين سنة حميدة نستخلص من خلالها حرصكم الشخصي ومواقفكم الداعمة والمحفزة على إنجاح مساعي وجهود تطوير قواتنا المسلحة والارتقاء بها إلى ما يتساوق وعظمة مهامها الوطنية والدستورية. إننا نؤمن أشد الإيمان، بأن المقوم البشري المؤهل والمتحكم في معارف عصره بشتى تخصصاتها وتفرعاتها العسكرية والعلمية والتكنولوجية، والمتشبع بقيمه الثقافية والحضارية والفخور بموروثه التاريخي، والواعي بنبل وقداسة مسؤوليته الوطنية، والمستقرئ لخلفيات وأبعاد التحديات الواجب تخطيها والرهانات المتعين عليه كسبها، هو القاطرة التي تكفل لنا مواصلة شق طريقنا نحو بلوغ أعتاب الأخذ بكل ما ننشده من مسببات القوة والحداثة والتطور. تلكم هي مواصفات ومميزات العنصر البشري، الذي نعمل تحت قيادتكم السامية، على توفير كافة أسباب وعوامل حسن تعليمه وتكوينه وتخريجه وتحسيسه وتحضيره، من خلال إصلاح منظومتنا التكوينية وتكييف برامجها باستمرار مع متطلبات مردودية المهنة العسكرية ومستلزماتها الاحترافية، التي انطلقنا بانتهاجها وأرسينا قواعدها، في صفوف الجيش الوطني الشعبي، بطريقة علمية ومدروسة، وحرصنا على أن يكون التجنيد النفسي والتعبئة المعنوية ركنا ركينا لها باعتبار ذلك يتوافق مع خصوصياتنا الذاتية والفكرية والثقافية والذهنية. ففي ظل هذا النهج العملي الواعد، يواصل الجيش الوطني الشعبي مجهوداته الرئيسية المبذولة بكل إصرار وتفانٍ بغية الرفع من مستوى قدراته التعليمية والتكوينية والتحضيرية، حيث استطاع مع نهاية هذه السنة الدراسية والإعدادية 2009/,2010 أن يجني، في ذات الوقت، ثمار التخرج الناجح للعديد من الدفعات عبر كافة المؤسسات التكوينية والمدارس العليا، وأيضا ثمار ما توجت به سنة التحضير القتالي على مستوى القوات والنواحي العسكرية والقطاعات العملياتية، من تمارين بيانية تم إجراؤها بنجاح كامل. هذه التمارين البيانية والتدريبية التي أثبت من خلالها أفرادنا العسكريون، حسن استيعابهم للبرامج المقررة، وأثبتت أيضا قواتنا المسلحة بمختلف وحداتها القتالية وأسحلتها وتشكيلتها البشرية وطبيعة مهامها العملياتية، قدرتها الفائقة والأكبدة على التطبيق الميداني الفعال للخطط التدريبيبة المختلفة المرسومة، بشكل تم خلاله الرفع من مستويات التحكم في متطلبات أداء المهام المنوطة بهم. فخامة رئيس الجمهورية.. يبقى الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، دائما وأبدا رهن مهامه الدستورية، ويظل دوما حبيس ولائه وإخلاصه ووفائه لخدمة هذه الأرض الشريفة، التي يمثل الانتماء إليها فخرا سرمديا غزير المعاني لايضاهيه أي فخر، وهو من أجل ذلك سيبقى يواصل بحول اللَّه تعالى وقوته، تحت قيادتكم الرشيدة ودعمكم المستمر، تطوير قدراته القتالية بما ينسجم مع ضخامة المهمة الموكلة، ويتماشي تماما مع روح العصر معرفيا وعلميا وتكنولوجيا، قصد البقاء باستمرار في كامل الجاهزية العملياتية لمواجهة أي طارئ، مهما كانت الظروف والأحوال. ومن هذا المنظور بالذات، وبالموازاة مع الجهود التعليمية والتكوينية والتحضيرية والتطويرية السالفة الذكر، يبقى الجيش الوطني الشعبي، الذي يدرك جيدا الرهانات الكبرى ذات الصلحة بالسياق الجيوسترايجي لبلادنا، مصمما كل التصميم، في ظل توجيهاتكم السامية ودعمكم اللامحدود، على إتمام المهمة المنطوة به والمتمثلة في تطهير بلادنا من الظاهرة الإرهابية الغريبة عن أحكام وسماحة ديننا الإسلامي الحنيف وعن موروثنا الثقافي والحضاري، بل والغريبة حتى عن الفطرة الإنسانية. وفي هذا الشأن، فقد استطاع الجيش الوطني الشعبي رفقة كافة الأسلاك الأمنية الأخرى أن يواصل تطبيق الإستراتيجية الشاملة لمكافحة الإرهاب، التي أعطت نتائجها ميدانيا بفضل إرادة وإصرار الرجال وتضحياتهم، وكذا التكييف المتواصل لهذه الإستراتيجية مع الواقع الميداني، حيث سمحت كل هذه الجهود بتقويض أركان هذه الشراذم الشريرة وإجهاض أحلامها. ونتيجة لذلك، فقد تم التضييق المتواصل على بقايا هذه القطعان الإرهابية وتم تشريدها وتشتيت أوصالها، وأصبحت في الوقت الراهن تعيش في وضع المطارد والمنبوذ دينيا وشعبيا، وتقتات بما تجنيه من جرائم اللصوصية وقطع الطرق والتحالف مع عصابات الجريمة المنظمة وشبكات التهريب، وهي ممارسات إجرامية يائسة، لا سبيل أمام أصحابها سوى خيارين، لاثالث لهما: إما العودة إلى جادة الصواب والامتناع عن معاداة شعبهم والاستفادة من أحكام ميثاق السلم والمصلحة الوطنية، أو مواجهة الموت المحتوم، لأن الجيش الوطني الشعبي لن يهدأ له بال وسيستعمل وسائل أكثر قوة وطرقا وأساليب أكثر نجاعة، في إطار القانون من أجل الاستئصال الجذري لهذه الزمرة الخائنة والعميلة وتطهير هذه الأرض الشريفة التي استشهد من أجلها الملايين، من كل العابثين والمفسدين فيها وتمكين بلادنا، بالتالي، من التفرغ كلية لمواصلة مشاريعها التنموية في أجواء آمنة ومستقرة. وفي هذا السياق، تضحى إشاعة الأمن ونشر موجبات الطمأنينية في كافة ربوع وطننا الغالي، والوقوف إلى جانب شعبنا وتقديم يد العون والمساعدة له، عهدا غليظا وأبديا يقطعه أبناء الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، أمام اللَّه والوطن، وهو عهد أكد جيشنا على حسن وجدارة الوفاء به تجاه شعبه، ليس فقط خلال مكافحته الصارمة العازمة للإرهاب، وإنما أيضا أثناء المحن والملمات الطبيعية وغير الطبيعية على غرار تجنده ومنذ الوهلة الأولى من استقلالنا الوطني، لنزع ملايين الألغام المزروعة على مستوى الحدود الغربية والشرقية لبلادنا، مساهما بذلك في التخفيف من عدد ضحايا هذا الإرث الاستعماري الإجرامي، وتأمين متطلبات العيش الآمن لمواطنينا لاسيما منهم القاطنون في هذه المناطق الحدودية المتضررة من هذه الآفة. تلكم هي الرابطة الوجدانية والعاطفية، التي تشد الجيش الوطني الشعبي إلى أهله ومواطنيه أينما وجدوا، وتجعله أكثر تشبثا وأكثر إصرارا على تمتين أواصر هذا العمق الإستراتيجي والحيوي، من خلال تطابق أعماله وجهوده وحسن أداء مهامه الوطنية، مع المصالح العليا لهذا الشعب الأصيل، الذي يبقى مدرسة حقيقية لتلقين كل معاني الأمانة والوفاء لتاريخ الجزائر بأمجاده المعروفة، والإخلاص الأزلي لقدسية جغرافيتها الممتدة والموحدة، التي يتعانق فيها الماضي المجيد مع الحاضر الواعد والمستقبل المشرق بإذن الله تعالى وقوته. فخامة رئيس الجمهورية إننا ونحن نتكلم عن مستقبل الجزائر، فإنه جدير بي بأن أنوه وأشيد بهذه المناسبة الكريمة، بذلك النجاح البارز الذي ححقته مدرسة أشبال الأمة بوهران في تجربتها الأولى، هذا النجاح الذي ظهرت ملامحه، ليس فقط على مستوى الارتياح الشعبي وتقديره واعتناقه لهذه المبادرة الطيبة الصادرة عن فخامتكم، وإنما، أيضا، تجلي هذا النجاح في التفوق الدراسي الذي بلغ، هذه السنة 2009/,2010 معدلا يفوق 18 على ,20 وهو تفوق بيداغوجي وتربوي وانضباطي منقطع النظير، يبشر بميلاد مصدر ثري من النخب الكفيلة بالتطعيم المستقبلي لصفوف جيشنا. أخيرا، فإنه يشرفني أن أنهي هذه المداخلة بهذه النبرة المتفائلة خيرا لجيشنا ولبلادنا، لأتقدم باسمي الخاص وباسم كافة أفراد الجيش الوطني الشعبي، بأسمي عبارات التقدير والعرفان لفخامة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، على هذا الحضور الذي شرفنا به بهذه المناسبة الكريمة، وهو حضور سيكون له بالتأكيد صداه الطيب والتحفيزي لكافة أفراد الجيش الوطني الشعبي. كما أنتهز فرصة إحياء الجزائر هذه الأيام للعيد الثامن والأربعين لاستقلالها الوطني، لأتقدم لفخامتكم بهذه المناسبة الوطنية المجيدة، باسمي الخاص وباسم كافة الحضور في هذا الحفل البهيج، بأحر التهاني وأصدق التمنيات، سائلين المولى عز وجل بأن يعيده عليكم بالصحة والعافية والهناء، وعلى الشعب الجزائري بالمزيد من الأمن والرفاهية، متضرعين إليه سبحانه وتعالي بأن يتغمد شهداءنا بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جنانه، وأن يوفق أبناء الجزائر المخلصين، في كافة مواقع عملهم، إلى مواصلة اتباع طريقهم وحفظ عهدهم وأمانتهم. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار تحيا الجزائر والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته.