يُنكتون على أن أحدهم من قوم بني عريان حالفه حظه ''العاقر'' في اقتناء بدلة وربطة عنق أنيقتين، قرر عبرهما أن يدخل تاريخ ''الدرقاج'' ومن داخل حافلة نقل عامة راح صاحبنا يعرض قوامه ويسبل عينيه للراكبات لعل إحداهن تعرف أن ''قيس في حافلتنا''، ولأن اللواتي كن مشغولات بما فيهن وما لهن، ولأن ''قيس'' صُدم بأن ولا ''ليلى'' انتبهت إلى فروسية ''البدلة والكرافتة'' فقد أشعل سيجارة وراح ينفث الدخان مصدوما، ليقع بصره عليها، كانت تراقبه، وكانت نظراتها تكاد تخترق بدلته، فَذَبَل لها عينيه ومرر كفه بشعره المدهون بزيت ''عافية'' أو زيت سوفيتال ''ربراب''، في إغراء لليلى وقعت في شباك صاحب السيجارة، ليفاجأ بها وهي تتقدم نحوه بخطى واثقة وبرأس مرفوع وتخاطبه بلا خجل ولا احمرار وجنتين أو ارتعاش أطراف: خو··راك تشعل··؟ وأمام هذا الغزل المفضوح لم يتمالك صاحبنا نفسه فرد على ''ليلاه'': خوك ·· دائما يشعل·· والمفيد في قصة الاشتعال والحريق والحب من أول ''بدلة'' أن الفتاة نزلت من الحافلة أما مجنونها فقد تعاون الراكبون على إطفائه بعدما فهم رسالة ''النار'' متأخرا، فمن ظنها ليلى ولهانة به وببدلته لم تكن إلا ''فاعلة خير'' هالها تعرض ''الدراقور'' إلى الحريق حينما لم يتفطن لشرارة سقطت من سيجارته على بدلته لتحول وهمه إلى رماد·· النكتة مبتذلة ومعروفة، لكن مكمن أهميتها وإعادة مضغها أنها فرضت عليا دخانها واشتعالها حينما أسقطتها على ''عرايا'' زمننا من مسؤولين ومتسولين مازالوا يرتدون ''بدلات'' مشتعلة ويقودون حافلات مكتظة وحينما يقترب أي فاعل أو فاعلة ''خير'' ليقول لهم ·· راكم تشعلوا يا ''الخاوة'' يرددون بنفس اللسان نفسه والدخان نفسه·· خواتكم دائما شاعلين···غلام الله·· راه يشعل، وهو يعلم أنه ''يشعل'' ويفتخر بأنه دائما ''شاعل''، وآخر ''نار'' في وزارته التي تدعو إلى ''الجنة'' وتنبه وتحذّر في خطبها المستنسخة من مخاطر التدخين بجوار برميل ''غزة'' المفخخ، أن الوزير اشتعل في دار الإمام بالمحمدية، بعدما امتنع بعض ''سلفييه'' عن الوقوف للنشيد الوطني، لتكون ردة فعله على توبة من اكتشفوا أنهم كانوا على ''ضلالة'' بأن الله يغفر لكن غلام الله لا يغفر الكبائر رغم أن أكبر كبيرة لم تكن حكرا على الأئمة الذين تعلقوا بحجة أقبح من ضلالة لتبرير فعلتهم ولكن في غلام الله ذاته والذي لم يكن ليكتشف ''الكبيرة'' التي في بيته إلا بعدما جهر بها غلمانه، حاله من حال برلمان زياري الذي تمكن أخيرا وبعد ''جهر جهير'' بالإفلاس والإنعاش، من حل أزمة مواطن اصطحب معه عياله الثلاثة وهدد بنحرهم أمام أبواب البرلمان ما لم يحل زياري أزمة سكنه في بلد المليون سكن والمليون قفة والمليون كرة والمليون مسهول، لتكون النتيجة أن صفق النواب على زميلهم النائب عن ولاية تبسة محمد جميعي الذي تكفل بتأخير انتحار العائلة إياها عامين آخرين بعدما أجر لهم شقة لمدة سنتين، رغم أن النائب إياه والذي يشغل منصب نائب زياري دخل البرلمان ليحل أزمة سكن تبسة فوجد نفسه يحل أزمة سكن العاصمة·· ويا خو راك تشعل·· ولست وحدك من ''يشعل'' فبلخادم كذلك ''راه يشعل'' واستيقاظه من سرير أهل الكهف للمطالبة بحقه في حكومة على مقاس لجانه التي أسسها مؤخرا قمة ''الاشتعال'' في الوقت بدل الضائع··وزير التضامن سعيد بركات أو فلنقل وزير الصحة السابق الذي ''اشتعل'' واشتغل وزير فلاحة، دشن استوزاره التضامني بإلغاء السيولة النقدية في قفة رمضان، والتي كان من المقرر أن تطبق هذه السنة حتى تحفظ لجياع الصائمين ماء وجوههم وتحميهم من ''عزة وكرامة'' الطوابير التي توزع مع ''شربة الفريك'' مهانة الإفطار ''واقفا'' أمام دار رحمة أو مطعم مدرسي· ولأن معالي الوزير خلف وراءه بمخازن وزارة الصحة 20 مليون حقنة مضادة لأنفلونزا الخنازير ظهر أنها كانت ''مخادعة عالمية كبرى'' فلا غرابة أن دعمت كل ''قفة'' هذه السنة بحقنة إجبارية مضادة للأنفلونزا ومن ''لا يحقن'' فلا ''قفة'' له·· وتلكم أحسن طريقة حتى لا يتعرض المخزون الصحي للتلف لأن صلاحية الحقن كما هو متعارف عليه محدودة، وبذلك فإن بركات الذي لم يثق حتى الأطباء بذراعه حينما حقنه علنا وعلى مباشر التلفزة، سيحقق رغبته في ''احتقان'' وحقن الجميع·· ومعالي الوزير راك تشعل واعلم أنك سترد بأنك دائما والحمد لله·· شاعل··نهاية الكلام أن حافلتهم تسير و''تشعل'' وأن كلابنا تنبح، فمعاشر الوارقين أي نحن كما قال لي إمام قريتي جزء من المشتعلين والمشتغلين بالنار، ودورنا لم يخرج ولن يخرج على مهنة أنهم كثيرا ما يقولون لنا بعد أن ننبح في غلام الله أو في بركات أو في ''أويحياهم'' الأول·· راكم تشعلوا لنردد فرحين ومغتبطين·· خواتكم دائما شاعلين، فراقبوا بدلاتكم فإن ''الاشتعال'' لا يعني سوى أن هناك نارا ودخانا·· فلا ليلى ركبت حافلة ولا قيس لبس بدلة وكرافته، فقط ''مصرع'' مفتوح على الهواء والعواء الطلق·· فنفس ''الشاعلين'' في نفس النار لذات الطبيخ وذات الرائحة·· ويا الخاوة·· راكم ''تشعلوا''