شهد ملف السكن الفوضوي الذي سبق أن أعلن عنه والي المدية وكافة السلطات التنفيذية الحرب، بغية القضاء عليه نهائيا وإيجاد حلول جذرية لهذا "الوباء" الذي انتشر كالنار في الهشيم ببلديات المدية ال64، والذي لم يقتصر على الفقراء من أبناء المدية دون غيرهم حيث امتد إلى الأغنياء والنافذين منهم ليتحول العنوان من السكن الفوضوي الى الاعتداء على العقار. فبالرغم من إقدام مصالح بعض الدوائر ممن كانت تحرص على تنفيذ القرارات وتطبيق القانون لهدم بعض السكنات القصديرية دون غيرها، إلا أن القرار بات مجمدا الى إشعار غير معروف وتحولت إرادة الدولة "المزعومة" إلى مجرد ذر الرماد في الأعين ومسايرة برامج الحكومة المؤقتة والظرفية هي الأخرى. وأمام الهدوء الذي غطى هذا الملف الأشهر القليلة الفارطة تحولت العشرات من الجيوب العقارية الى مثار لشهية الكثير من النافذين وذوي السلطان، حيث شهدت عشرات الهكتارات بجنوب وشرق المدية تكالبا غير مسبوق من قبل أصحاب المال حيث تم الاعتداء على العقار واستغلاله لبيع مواد البناء أو لركن السيارت من قبل هؤلاء دون أن يتم حماية العقار من قبل المسؤولين. وعلى الرغم من أن والي ولاية المدية السيد إبراهيم مرّاد سبق له أن انتقد العديد من المشاريع التنموية التي تقتقد دراسات معمّقة ورؤية مستقبلية تتناسب والطابع الريفي الغالب على المنطقة وتسجيله عديد الأخطاء التقنية بها على غرار العيادة المتعددة الخدمات والمكتبة ببلدية شنيقل، حيث استغرب بناءها تحت كوابل كهربائية متوسطة الضغط والتي يتطلب تحويلها ما لا يقل عن مليار ونصف المليار سنتيم بسبب خطأ تقني في تحديد مكان المشروعين السالفي الذكر، وفي ظلّ التوسع الفوضوي للمحيط العمراني وغياب معالم هذا المخطط الذي أمر الوالي بتحديده وإيقاف هذه الفوضى، بالإضافة إلى التعجيل بفتح العيادة نظرا للحاجة الماسة إليها. وعلى الرغم من أمر الوالي بإيقاف مشروع المفرغة العمومية الذي انتقد مكانها بشدة من قبل مواطني شلالة العذاورة نظرا لتواجده بمحاذاة الطريق المؤدي إلى سيدي عيسى بالقرب من ساكني حي 100 سكن وكذا القطب الحضري، والذي أمر بتغيير مكانها بما يحفظ سلامة السكان وعدم تشويه المنظر العام لمدخل المدينة إلا أن شيئا لم يحدث من هذا. وأمام توقف عملية هدم البناء الفوضوي وتسوية بعضه في إطار ما سمي بقانون 1508، أو التماطل في الهدم في بلديات أخرى اعتبر الكثير من أصحاب هذه السكنات الفوضوية أن هذا التوقف بمثابة إشارة خصراء لمواصلة إنجاز هذه البنايات التي غالبا ما تبنى بأموال ضخمة لكون أصحابها من رجال المال وهم على ثقة بتوسيتها طال الأمر أم قصر. والغريب في الأمر أن اكتفاء مصالح البلدية أو أملاك الدولة أو الهيئات التي تملك الأرض التي يتم الاعتداء عليها باتت تكتفي بإيداع شكوى أمام شرطة العمران أو العدالة دون تسييج أملاكها أو التحرك بسرعة أثناء قيام هؤلاء بالاعتداء على عقارها للحيلولة دون الاعتداء عليها.