أثارت عمليات امتناع السلطات البلدية لعنابة عن تهديم السكنات الفوضوية المرحل أصحابها صوب سكنات اجتماعية بحي سيدي حرب وسط مدينة عنابة، احتجاجات متكررة من قبل المواطنين الذين لم يستفيدوا بعد من السكن الاجتماعي، وطالبوا بمباشرة تحقيقات حول خلفيات الأمر الذي يكون وراء تواجد مافيا متخصصة في المتاجرة بالبناءات الفوضوية والمسؤولة بشكل مباشر على بقاء الظاهرة التي استفحلت ولم تنفع معها كل جهود الدولة التي عملت على بناء آلاف السكنات الاجتماعية من وضع حد لها. ومثل أحياء سيدي حرب والفخارين، التي ينتظر سكانها توزيع الشطر الثاني من السكنات الاجتماعية، سبق أن عاش سكان أحياء بوسدرة، بوزعرورة، وجمعة حسين بدائرة البوني، نفس الوضعية، حيث لم يتم تهديم السكنات الفوضوية التي رحّل سكانها ليتم فسح المجال واسعا أمام المتاجرة غير الشرعية وبيع وشراء السكنات القصديرية، حيث تخصص بعض الانتهازيين في السمسرة بها وابتدعوا لها سوقا تحدد أسعار البناءات الفوضوية التي تباع بين 20 و 35 مليون سنتيم، علما أن القائمين على شؤون بلدية البوني كانوا قد صرحوا سابقا أن إزالة البناءات الفوضوية مهمة صعبة على مصالح البلديات وتتطلب وجود حماية أمنية واسعة لتنفيذ عمليات الهدم، والتمكن فيما بعد من استرجاع أوعية عقارية هامة تمكن من إقامة مختلف المشاريع التنموية لا حقا، حيث توجد عصابات منظمة تمنع بقوة السلاح الأبيض تنفيذ القانون الذي يقضي بالإزالة الفورية للسكنات الفوضوية المرحل أصحابها، الأمر الذي يفسر بقاء نفس التجمعات الفوضوية منذ بدء عمليات توزيع السكن الاجتماعي خلال السنتين الأخيرتين. وتبقى هذه المسألة تحديا واضحا وصريحا من طرف مافيا المتاجرة بالسكنات الفوضوية للسلطات العمومية، إذ تحولت المشكلة إلى عقبة حساسة وصعبة للغاية أمام المسؤولين الذين يكتفون بشرط تسليم مفتاح السكن للمستفيد مقابل الإخلاء التام لهذا الأخير، لإخضاعه للهدم فيما بعد، علما أن هذه المرحلة هي التي تثير العديد من علامات الاستفهام، حيث سبق أن نادى سكان البوني بالتحقيق في الإبقاء على العديد من السكنات الفوضوية الشاغرة وعدم إزالتها من قبل السلطات المحلية، ليعاد نفس السيناريو مع سكان سيدي حرب المطالبين بكشف الأطراف التي من مصلحتها الإبقاء على ظاهرة الأحياء الفوضوية التي تعتبر بزنسة وتجارة مربحة كان للعديد من موظفي القطاعالعام نصيب وافر في تشجيعها والاستفادة منها. ورغم تحذيرات وتوعدات والي الولاية بمعاقبة تلك الأطراف، وبمباشرة الإزالة الفورية للسكن الفوضوي عقب ترحيل القاطنين بها، إلا أنه لم يتم إلى اليوم الوقوف على تنفيذ هذه التعليمات، حيث تبقى معظم السكنات القصديرية تراوح مكانها لليوم، دون أن تتدخل المصالح المعنية للقيام بواجباتها وتطبيق القانون لا غير.