تعرض إطارات للفصل بعد مراسلة الوزير السابق حول اختلالات برنامج شحن البواخر شرعت محكمة عنابة في معالجة الفضائح المدوية التي هزّت مجمع فرفوس، العملاق العالمي لإنتاج الفوسفات، حيث سلطت أمس عقوبات متفاوتة ضد مسؤولين وإطارات بتهمة تبديد أموال عمومية ومنح رشاوى لموظفين أجانب ومستخدمين في منظمة دولية عمومية للامتناع عن عمل بغرض الحصول على صفقة وامتيازات غير مستحقة، وكبّدت هذه الصفقات المشبوهة الخزينة العمومية خسائر وصلت إلى قرابة 20 مليون دولار. وأدانت محكمة عنابة الابتدائية، الرئيس السابق لمجلس إدارة مؤسسة سوميفوس ومديرها السابق والمدير التجاري لهذه المؤسسة التابعة لمجمع فرفوس بعقوبة عامين حبسا نافذا وغرامة بقيمة 50 مليون سنتيم. فيما تراوحت باقي الأحكام التي صدرت في حق الإطارات السبعة المتهمين بين عام حبسا موقوف التنفيذ والبراءة. وتفجرت الفضيحة بعد تلقي الوزير الأول تقريرا أسود أعده إطارات تعرضوا للإقصاء من مناصب المسؤولية خلال الأشهر الماضية، أماط اللثام عن "صفقة مشبوهة لتصدير شحنة فوسفات تقدر بقرابة 35 ألف من ميناء عنابة باتجاه ميناء "روتردام" الهولندي ، حيث تكفلت باخرتان أجنبيتان هما "سير البار" البانمية و«فيكتور أكاشوف" الكازاخستانية، بضمان نقل تلك الكمية، لتنطلق بعدها المصالح الأمنية في فتح تحقيقات كللت باكتشاف تجاوزات في تنفيذ شركتي "سوطرامين" و«سوميفوس" لعقود تصدير مادة الفوسفات لفائدة مؤسسات أجنبية من قارتي أوروبا وآسيا، والتلاعب في عمليات برمجة وشحن البواخر خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2011 و2012 وبينت التحريات وجود تجاوزات من طرف بعض مسيري شركة سوميفوس في تسيير برنامج شحن البواخر الأجنبية القادمة من الهند وأوكرانيا وهولندا وايطاليا وغيرها من الدول بمادة الفوسفات، حيث لوحظ تواطؤ هؤلاء الإطارات مع بعض أصحاب شركات الشحن ومجهزي السفن في برمجة قدوم دوري لأكثر من 20 باخرة شحن إلى ميناء عنابة، رغم علمهم بنفاد مخزون الفوسفات بمستودعات التخزين بالميناء التي لا تتجاوز طاقتها 120 ألف طن، وهي الطريقة التي استطاع من خلالها أصحاب شركات الشحن ومجهزو السفن الحصول على مبالغ ضخمة بالعملة الصعبة كبّدت خزينة الدولة خسائر فادحة، جراء منح التعويضات المالية عن فترة تأخر إدارة المجمع في الالتزام بشحن البواخر وتلبية طلبات الزبائن الأجانب، وهي قضية كانت محل تقارير رفعتها إطارات من المجمع إلى الوزير الأسبق شكيب خليل، الذي يتواجد محل أمر دولي بالقبض صادر عن مجلس قضاء الجزائر العاصمة، دون أن تتلقى ردودا، بل بالعكس تعرض بعضهم للعقوبات مثلما أوردته مصادر الجريدة. وقد خضع مجمع "فرفوس"، حسب مصادر "البلاد"، إلى تحقيقات ميدانية قامت بها لجنة رفيعة المستوى، أوفدها الوزير يوسف يوسفي، بعد أن أجرت في ظرف شهرين ثلاث زيارات تفتيش، قامت من خلالها باستجواب العشرات من الإطارات، والمديرين العامين ل03 شركات فرعية، هي "سوطرامين" المكلفة بالنقل، و«سوميفوس" لإنتاج الفوسفات، وكذا فرع "فربات" لأشغال البناء، حول الصفقات التي أبرمها مسؤولو المجمع خلال السنوات العشر الأخيرة، بالإضافة إلى تدقيق لجان التفتيش الوزارية في عمليات التوظيف العشوائية التي قام بها المسيرون خلال الفترة الممتدة بين سنة 2008 و2011، حيث تم توظيف أقاربهم وأبناء نافذين مركزيا ومحليا. ويعتبر ملف تسيير فرع شركة سوميفوس لإنتاج الفوسفات من أثقل الملفات التي خضعت للتدقيق من طرف مفتشي الوزارة، كونها العمود الفقري لمجمع "فرفوس"، وبطاقة إنتاج تصل إلى مليون و500 ألف طن سنويا من مادة الفوسفات الموجهة إلى التصدير نحو الخارج.